
التقلبات ترفع الذهب في المغرب بـ”زيادة طفيفة”.. وضُعف الطلب مستمر
أفاد مهنيون وتجار في قطاع صياغة وبيع وتسويق المجوهرات في المغرب جريدةَ جريدة النهار الإلكترونية بأن “دينامية الركود مستمرة في ظل طلب ضعيف في الأسواق المغربية خلال الصيف الجاري، بينما ارتفع السعر بضعة دراهم فقط في الأسبوع الماضي”؛ لكن مع بداية الأسبوع يُنتظر أن يصل مفعول نقاشات “الرسوم المحتملة” على سبائك الذهب إلى الأسواق المغربية؛ ما قد ينعكس بوضوح على المتعاملين ومجموع المهنيين، فضلا عن السعر النهائي.
وعاشت الأسواق العالمية للذهب والمجوهرات النفيسة المشتقة، نهاية الأسبوع، على وقع “ارتجاج قوي” بعدما تسربت وراجت أنباء عن قرار مبدئي لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية يقضي بفرض رسوم جمركية على واردات سبائك الذهب، في خطوة زادت من التقلبات والمخاوف في إحدى أكثر أسواق المعادن الثمينة استقرارا في العالم.
زاد من حدة “اشتعال” الحرب التجارية العالمية، التي أخذت أرقاما قياسية بين أمريكا وسويسرا، إعلانٌ سابق من الرئيس الأمريكي ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات بلاده من صناعة الساعات والمجوهرات السويسرية الفاخرة بنسبة غير مسبوقة ناهزت 40 في المائة، في قرار يُحتمل أنه دخل حيز التطبيق يوم 7 غشت الجاري.
وقال خبراء ومحللون عالميون، وفق ما أورده تقرير لوكالة بلومبرغ المختصة في أخبار وتحليلات المال والأعمال، إن “فرض رسوم على الذهب، الذي يُعامل عادة كأداة مالية أكثر منه سلعة مادية، كان سيُحدث تداعيات عميقة على السوق، تصل إلى تهديد أسواق العقود الآجلة في نيويورك نفسها”؛ وهو ما يتفق معه المختار كرومي، مهني متمرس في سوق الذهب رئيس جمعية الصياغين التقليديين بجهة الدار البيضاء-سطات.
وقال كرومي، ضمن تصريح لجريدة جريدة النهار، إن “الذهب، وفق التصنيف المالي والشرعي، يعد من الأصول المالية الأساسية إلى جانب الفضة. وقد ذكره القرآن الكريم باعتباره من أصول الأموال؛ فهو أصل نقدي تُقاس به قيمة البضائع وتُقوم به العملات. ولهذا، فإن عدم استثنائه من هذه الرسوم سيشكل كارثة على المستوى العالمي؛ لأنه سيؤثر في قيمته التقييمية والنقدية، وقد يزعزع مكانته كمعيار مالي ثابت”.
وأضاف المهني ذاته، وهو عضو “الفيدرالية المغربية للصياغين”، أنه “فيما يخص انعكاسات قرار الولايات المتحدة رفع الرسوم الجمركية على واردات الذهب والساعات والمجوهرات الفاخرة وغيرها، فمن الطبيعي أن يتأثر جميع المتعاملين والتجار والمهنيين في هذا المجال؛ نظرا لأن أسعار هذه السلع مرتبطة بالأسعار العالمية، باستثناء الذهب الذي يتميز بحساسية خاصة تجاه أي تغير”، حسب تعبيره.
وزاد موضحا فكرته بالشرح أن “الذهب يتأثر حتى بأبسط العوامل، فكيف إذا أضيفت عليه رسوم جمركية بنسبة 40 في المائة مثلا؛ ففي هذه الحالة، إذا كان سعره 1000 درهم في السوق الوطنية، فإن هذه الزيادة سترفعه إلى 1400 درهم، وهو ارتفاع كبير نظرا لأن الذهب أصل مالي وليس مجرد سلعة استهلاكية”.
وختم كرومي تصريحه بأن “الترقب يبقى سيد الموقف نظرا لحساسية التقلبات في السعر وتطورات القرارات الدولية المؤثرة في أجواء عدم اليقين العالمية واستمرار الركود رغم ذروة الرواج الصيفي في السوق الوطنية”.
وفي وقت سابق بسَط مهنيون، استطلعت جريدة النهار آراءهم، بضعة أسباب يُقدر أنها حاسمة في هذا الركود، مسجلين أن “معظم الأسر المغربية أصبحت تفضل صرف ما قد تدخره من أموال في نفقات الترفيه أو السياحة الخارجية”، إضافة إلى “تسديد التزاماتها المالية لتملك عقار/ سكن أو سيارة مثلا؛ مع تنبيههم إلى “تراجع كبير في اهتمام النساء – كأبرز الفئات الاجتماعية المعروفة – بسوق الذهب أو تملكِه”.
“زيادة طفيفة” وسط “ضعف الطلب المحلي”
في سياق متصل، أفاد حسن أوداود، تاجر ذهب بالعاصمة الاقتصادية للمملكة متخصص في تسويق وصياغة المجوهرات، بأن “الفرق المسجل بين الأسعار في السوق المغربية للمجوهرات والحلي لا تتجاوز 40 درهما بين البورصات العالمية وبين السعر المحلي، مؤكدا أن “دينامية الطلب عامل متحكم في ذلك بشكل كبير”.
وبالتزامن مع التقلبات في السوق العالمية المسجلة خلال الأيام العشر الأولى من غشت 2025، فإن سِعر الغرام الواحد ناهز أزيد من 780 درهما فيما يخص سعر “المادة الخام من الذهب”؛ في مقابل بلوغ سعر الغرام الواحد من الذهب “المَصوغ” نطاقات أسعار تتراوح بين 900 و920 إلى 950 درهما حسب جودة ونوعية العيارات والتشكيلات”.
وتبعا للتقلبات، سجلت أسعار الذهب في السوق المحلية، وفق إفادة أوداود لجريدة جريدة النهار، “ارتفاعا طفيفا لا يتجاوز 5 دراهم؛ ولو كان هناك نشاط أكبر وإقبال قوي على الذهب لكان هذا الارتفاع قد بلغ بسعر الغرام نحو 1000 درهم؛ غير أن الوضع الحالي يشير إلى ركود ملحوظ في السوق، رغم ما يُشاع عادة عن رواج خلال شهري يوليوز وغشت”.
وقال التاجر المتابع لديناميات الأسواق إن “الفارق السعري حاليا لا يتعدى 40 درهما مقارنة بالفترة السابقة؛ وهو انعكاس مباشر لضعف الطلب المحلي، إذ يظل تأثير القرارات والأسعار العالمية على السوق المغربية مرتبطا بحجم العرض والطلب داخليا. أما عالميا، فقد شهدت الأسعار زيادات ملحوظة في البورصات، لكن في المغرب يبقى التغير محدودا ما لم يتحسن النشاط التجاري وتنتعش حركية الشراء والطلب؛ وهو نأمله بحلول شهر شتنبر حيث يرتقب تحريك السوق وتحسين المؤشرات خلال الفترة المقبلة”.