
حرارة الصيف تلهب أسعار الدجاج الحي وتثير قلق المستهلكين بالمغرب
شهدت الأسواق المغربية خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعا ملحوظا في سعر الدجاج الحي، إذ بلغ ثمن الكيلوغرام في الأحياء الشعبية 23 درهما، وتجاوز ذلك ببضعة دراهم في بعض المحلات الأخرى، الأمر الذي أثار استياء المستهلكين، الذين فوجئوا بهذا الارتفاع غير المتوقع في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وكان مهنيو قطاع الدواجن قد أكدوا في وقت سابق أن سعر الكيلوغرام لن يتعدى خلال فصل الصيف 20 درهما حتى في أسوأ الظروف، مبررين ذلك بوفرة الإنتاج واستقرار العرض، غير أن ما سجلته الأسواق مؤخرا من زيادات كبيرة أثار تساؤلات حول أسباب هذا التحول في مسار الأسعار ومآلاته خلال الفترة المقبلة.
الاستثمار وتزايد الطلب
رضوان زويتني، عضو بالجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال إن “أسعار الدواجن في المغرب شهدت خلال الفترة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا، إذ قفز الثمن من 20 إلى 23 درهما”، مرجعا ذلك إلى “الطلب الكبير في فترة الصيف من طرف المطاعم الصغيرة والكبيرة، إضافة إلى الحفلات التي تزايدت هذا الموسم، خاصة حفلات الزواج والزفاف”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “مسألة الأعلاف كان لها أثر واضح على الأسعار”، مشيرا إلى أن “الفيدرالية البيمهنية للدواجن تعد فيدرالية منظمة تسير في اتجاه صحيح، وحاضرة في الإنتاج والمصاريف، وتسعى إلى منظور استثماري”. وأبرز أن “الاستثمار يفرض حسابات دقيقة، ومن الطبيعي أن يسعى المربّي إلى هامش ربح”.
وسجل زويتني، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “عامل ارتفاع درجة الحرارة كان له دور أيضا في التأثير على أسعار الدجاج”، لافتا إلى أن “الطقس الحار يؤدي إلى نفوق الدجاج أو إتلاف البيض إذا لم تتوفر وسائل التبريد التي تحافظ على جودة البيض وتمنع خسارته”.
الحرارة وعدد الكتاكيت
عبد الكريم القدوري، الكاتب المحلي لفرع الدواجن بالنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بخريبكة، قال إن “الارتفاع المهول وغير المتوقع في أسعار الدجاج خلال الأسابيع الأخيرة يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها موجة الحرارة التي يعرفها المغرب حاليًا، والتي تؤدي إلى نفوق كميات مهمة من الدجاج وتفرض شروطًا صارمة في الضيعات”.
وأوضح القدوري أن “من بين هذه الشروط وجود الرشاشات وأنظمة التهوية، إضافة إلى تقليص أعداد الدجاج داخل الحظائر لتفادي الخسائر”، مشيرًا إلى أن “المربي الذي كانت ضيعته تستوعب 5000 دجاجة، يكتفي حاليًا بوضع حوالي 3000 فقط، وهناك أيضًا إصابة أم الكتاكيت أحيانًا بفيروسات تقلل إنتاج البيض”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة النهار، أن “العامل الأساسي الآخر يتمثل في النقص الحاصل في عدد الكتاكيت على المستوى الوطني، إذ يتوجب توفر السوق في الظروف العادية على نحو 10 ملايين كتكوت”، مشيرا إلى أن “عدد الكتاكيت بين 30 يونيو و6 يوليوز بلغ 8.861.283 فقط، وبين 7 و13 يوليوز وصل إلى 8.893.880 كتكوتا”.
وتابع أن “عدد الكتاكيت في الأسبوع الممتد من 14 إلى 20 يوليوز ارتفع إلى 9.878.394، وهو رقم يقترب من المعدل الطبيعي”، مبرزًا أن “هذا التحسن يبشر بانتعاش نسبي في العرض خلال الأسابيع المقبلة، مما قد ينعكس على الأسعار في اتجاه الانخفاض”.
وختم الكاتب المحلي لفرع الدواجن بالنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بخريبكة تصريحه قائلاً إن “ارتفاع عدد الكتاكيت في الفترة ما بين 14 و20 يوليوز الجاري قد يساهم في انخفاض الأسعار بعد حوالي 40 يومًا، باعتبار أن الكتكوت يحتاج ما بين 40 و44 يومًا للوصول إلى مرحلة البيع”.
من عوامل ارتفاع السعر
أحمد الدودي، المدير المنتدب بالفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، قال إن “المربّين المنخرطين في الفيدرالية يواصلون، رغم التحديات، تزويد الأسواق الوطنية بالكميات المبرمجة بانتظام لضمان استمرارية الإمدادات والحفاظ على الأمن الغذائي للمواطنين”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن (FISA) تؤكد أن الارتفاع الحالي في الأسعار ليس نتيجة نقص التزام المربين، بل هو حصيلة تداخل عدة عوامل، أوّلها موجات الحرارة المرتفعة التي أثرت سلباً على نمو الدواجن وزادت من نسب النفوق، مما قلّص العرض المتاح”.
وذكر الدودي ضمن العوامل أيضا “الارتفاع غير المسبوق في تكاليف الإنتاج، خاصة الأعلاف المركبة المستوردة (الذرة والصويا)، التي تأثرت بتقلبات الأسواق الدولية، إضافة إلى كلفة الطاقة والتبريد والنقل”، و”زيادة الطلب الموسمي بفعل الأعراس والمناسبات الصيفية”.
وسجّل المدير المنتدب بالفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، في إطار العوامل المساهمة في ارتفاع سعر الدجاج، “توجه المستهلكين نحو لحوم الدواجن بعد الارتفاع الملحوظ في أسعار اللحوم الحمراء، مما زاد الضغط على السوق”، و”ممارسات بعض الوسطاء والسماسرة، الذين يستغلون الظرفية لإعادة بيع الدواجن بهوامش أرباح مفرطة، مما يرفع الأسعار النهائية للمستهلك بشكل لا يعكس سعر البيع عند المزرعة”.
وذكّر بأن “المربين تكبدوا في فترات سابقة خسائر مالية جسيمة بسبب بيع الدجاج بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج، مما أدى إلى توقف بعض الوحدات الإنتاجية”، مشيرا إلى أنهم “رغم استمرار ارتفاع تكلفة الإنتاج، يواصلون العمل للحفاظ على استمرارية التزويد، في مواجهة ظروف مناخية واقتصادية صعبة”.
وختم الدودي توضيحاته بالتأكيد على أن “الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن تدعو السلطات المعنية إلى تشديد المراقبة على حلقات التوزيع، والحد من المضاربات التي تثقل كاهل المستهلك وتضر بالمربين على حد سواء”.