معنينو: هكذا نصّب الدلائيون سلطانا بفاس وحكموا “أبي رقراق” من الأوداية

معنينو: هكذا نصّب الدلائيون سلطانا بفاس وحكموا "أبي رقراق" من الأوداية
حجم الخط:

في الحلقة الخامسة من “تاريخنا مع الصديق معنينو”، البرنامج الرمضاني الذي تعرضه جريدة النهار، رسم معنينو مشهد بدايات تطلعات وعمل القوى الكبرى المغربية التي كانت تتنافس حول توحيد البلاد وحكمها: العلويون بتافيلالت، والسملاليون بسوس، والدلائيون بالأطلس المتوسط.

وقال: “العلويون قادمون من الجنوب مثل عدد من العائلات الحاكمة للمغرب، من قبيل المرابطين والسعديين، وهم علويون فيلاليون سجلماسيون، من أكبر حاضرة سابقة بالصحراء الكبرى، فغالبية قوافل العمق الإفريقي كانت تمر من سجلماسة. والعلويون عائلة من آل البيت، وعائلة وقار وحكمة وتحكيم، وأخذت شهرة وقوة والتف حولها الناس، فقد كان لآل البيت دائما قبول مبدئي بالمغرب”.

وتابع محمد الصديق معنينو: “مولاي علي الشريف كانت له سمعة كبيرة، وبيعة حماية ونصح، حتى قبل قيام الدولة العلوية. وترك العديد من الأبناء والبنات، منهم مولاي امحمد الذي لما كان مولاي الشريف معتقلا عند السملاليين دعمته القصور المجاورة، ولما عاد أبوه من الأسر ترك لابنه التسيير وتفرغ للعبادة”.

أما السملاليون، يقول الإعلامي المهتم بتاريخ المغرب: “كانوا أحفاد الولي سيدي أحماد أو موسى، ومنهم بودميعة الذي أسس عاصمة إليغ، وهي عاصمة غنية (…) كانت تمتد قوتها إلى شنقيط وميناء أكادير، وكانت له تطلعات ليصير قوة جهوية كبيرة، فألغى الضرائب عن السلع، فكثرت، وبدأت تجِيئه القوافل بدل سجلماسة”، كما تقوّت تبادلاته مع دول أوروبية.

وفي الأطلس المتوسط كان الدلائيون، “مدرسة علم وثقافة، وارتفع عدد الطلبة والمعلمين بزاويتهم، ووقع إقبال كبير، ويمكن القول إن خزانتها من أكبر الخزانات في المغرب آنذاك، وكان هناك من يقول إنها كانت تنافس القرويين علميا، وخرّجت علماء كبار، من بينهم الحسن اليوسي”.

لكن في عهد محمد الحاج، لم تعد للدلائيين “تطلعات ثقافية فقط، بفعل قوة الزاوية والإقبال عليها؛ فبدأ يتوسع وأخذ مكناس وجزءا من تادلة ودخل فاس وعين ابنه أميرا عليها، وأعلن نفسه سلطانا في فاس، ووثائق هذا لا تزال في خزانة القرويين إلى اليوم”.

ومع بروزهم قوةً، توصل الدلائيون بطلبِ جزء من أندلسيّي ديوان حكم مصب أبي رقراق، الذين وقعت بينهم خلافات، وكان يحاصرهم المجاهد العياشي، وهو ما “رأى فيه الدلائيون مخرجا على البحر، ومصدر غنى (…) فكتبوا للعياشي طلبا للتهدئة، لكنه رفض الانسحاب دون تفاوض وأصر على إعطاء سلا حقها من مداخل الميناء، فتقوّت عداوتهم له، وأرسلوا جيشا لتأديبه، وكانت موازين المعركة متقاربة في المرة الأولى، لكنه انهزم في الثانية، وخرج إلى قبائل جبالة وطلب الأمان، لكن غُدر به وقُطع رأسه وأحضر للرباط، مما أسعد صفوف خصومه ومناطق محتلة آنذاك مثل مازاكان التي سبق أن اغتال أميرها البرتغالي”.

ونتيجة لهذا، دخل عبد الله ابن محمد الحاج الدلائي الرباطَ حاكما للمدن الثلاث بمصب أبي رقراق، واستقر في قلعة الأوداية المحصّنة، في ظروف صعبة، تطبعها مشاكل القرصنة، والأموال والجمارك، والخلافات بين أندلسيي الأوداية والرباط، والعداوة مع سلا.