
تنسيق ميداني بين الضرائب والداخلية يطارد مقاولات “أشباح” في المغرب
علمت جريدة النهار من مصادر جيدة الاطلاع أن عناصر المراقبة والتحصيل لدى المديريات الجهوية للضرائب بجهات الدار البيضاء-سطات وطنجة-تطوان-الحسيمة ومراكش-آسفي رفعوا إيقاع التنسيق مع مصالح مركزية بوزارة الداخلية، وذلك في سياق حملات ضبط ميدانية باشرتها هذه المديريات الجهوية لتعقب شركات “أشباح” (Sociétés fantômes) اختفت منذ سنوات عن رادار الإدارة الجبائية، بعدما غيرت مقراتها دون إشعار مسبق، ولم تعد تقدم تصريحاتها الجبائية داخل الآجال القانونية، موضحة أن التنسيق الميداني اتخذ شكل تدخلات مشتركة بين مراقبي الضرائب وأعوان سلطة (المقدمين والشيوخ) لتحديد مواقع وحدات متهربة ومستودعات وفضاءات إنتاج تابعة لها، خصوصا في محيط المدن الكبرى، على رأسها العاصمة الاقتصادية.
وأفادت المصادر ذاتها بتنزيل توجيهات الإدارة المركزية عبر العمال ورجال السلطة (القواد والباشوات)، من أجل تقديم المساعدة الضرورية لمراقبي الضرائب، ومواكبتهم من قبل أعوان السلطة، في مهام تتبع وتعقب مواقع مقاولات متهربة منذ سنوات، بسبب عدم الاستدلال على عناوين مقراتها وفضاءات الإنتاج والتخزين الخاصة بها، مؤكدة أن الحملات الجديدة استهدفت شركات ناشطة في قطاعات النسيج والألبسة والبناء والأشغال، وقد انطلقت في الدار البيضاء خلال مرحلة أولية، على أساس امتدادها إلى أقاليم وعمالات أخرى ضمن النفوذ الترابي للجهات المشار إليها، مشددة على أن المراقبين استعانوا بتقارير واردة من مصلحة متابعة التحصيل لدى قسم المحاسبة ومتابعة التحصيل بمديرية الضرائب، حملت معلومات بخصوص لجوء شركات متهربة إلى الإعلان عن تغيير مقراتها في جرائد محدودة الانتشار، مع تجاهل باقي الإجراءات القانونية، ما صعب على المراقبين تتبع هذه التحركات بدقة، خاصة في ظل عدم تعميم الرقمنة على مختلف المساطر المرتبطة بحياة المقاولات.
وأكدت المصادر نفسها تلقى أعوان السلطة بالدار البيضاء تعليمات برصد المخازن والمصانع السرية الواقعة ضمن دوائر نفوذهم، في إطار التنسيق والتعاون بين المديرية العامة للضرائب ووزارة الداخلية، بهدف تحديد مواقع الوحدات الإنتاجية التي تشتغل في السر، وكذا المستودعات والمخازن غير المصرح بها، موضحة أن الإدارة الجبائية حددت قائمة طويلة بشركات غيرت مقراتها دون إبلاغ مصالحها المختصة، ولم تعد تقدم تصريحاتها الفصلية والسنوية، ما دفع المراقبين إلى القيام بزيارات ميدانية لعناوين هذه الشركات، التي اختفت من “رادارات” المديرية، وتبين أن بعضها هجرت مقراتها دون أن تباشر أي مسطرة للتصفية القضائية، ما رجح استمرار نشاطها في الخفاء، خصوصا بعد ضبط عدد من الفواتير الخاصة بها رائجة في الأسواق، ومضمنة في تصريحات جبائية ومحاسبية لشركات أخرى.
يشار إلى أن وزارة الداخلية أبدت تشددا بخصوص تحويل نسخ عقود الكراء المشهود على صحة توقيعها بالمقاطعات والملحقات الإدارية على المصالح الجبائية، بتنسيق بين المديرية العامة للضرائب والوزارة حول ضبط وحصر الوعاء الجبائي، وتجميع أكبر قدر من المعلومات حول الملزمين، في أفق استغلالها في عمليات المراقبة الميدانية وعلى الورق وكذا المراجعات الضريبية، باعتبار أن المداخيل المتأتية من أنشطة الكراء العقاري تندرج تحت خانة الضرائب على الدخول العقارية في إطار الضريبة على الدخل. وقيدت الإدارة الضريبية تضريب هذه الفئة من المداخيل بتقديم إقرار سنوي عبر الإنترنت، وسداد مبلغ الضريبة قبل فاتح مارس من السنة التالية عند الكراء للأفراد، فيما يتوجب على المكتري (شركة مثلا) تحويل مبلغ الضريبة عبر إقرار سنوي في شكل “الحجز في المنبع”.
وكشفت مصادر جريدة النهار امتداد تنسيق المديرية العامة للضرائب مع إدارات أخرى إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، من أجل تتبع أثر المقاولات المختفية عن أنظار مراقبيها، موضحة أن الإدارة الجبائية تراهن على نجاعة أوامر موجهة لأعوان السلطة من قبل السلطات الإقليمية بالتبليغ عن أي شركة فتحت أبوابها خلال السنتين الأخيرتين ضمن دوائرهم، فيما تتواصل التعبئة لرصد الشركات التي غيرت مقراتها دون إخبار المصالح الجبائية، مبرزة تمكن حملة المراقبة الميدانية الجارية من ضبط 47 مقاولة سبق لها تغيير مقراتها دون الإبلاغ بذلك، وشرعت في التحقيق في وثائق هذه المقاولات، استنادا إلى سجلات أقسام الإشهاد على صحة الإمضاءات.