
تنظيم “مونديال 2030” يفتح شهية الاستثمارات البريطانية في المغرب
فضلا عن موقفها المعبر عنه من الرباط بأن “الحكم الذاتي هو الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبرغماتية والأقرب لتسوية النزاع” حول الصحراء المغربية، تعتزم المملكة المتحدة دعم المملكة المغربية في مسار تنظيمها لـ”العرس المونديالي” العالمي، الذي تستقبله ستة ملاعب مغربية إلى جانب نظيرتها الإسبانية والبرتغالية.
ولم تخف لندن طموحات استثمارية متنامية في المغرب، منذ زمن انسحابها من عضوية الاتحاد الأوروبي (بريكست)، لولوج قطاعات واعدة، أبرزها الرياضة وبنياتها التحتية، فضلا عن قطاعات وأنشطة تدور في فلك “مونديال 2030″، خاصة النقل والسياحة والرقمنة.
الطموح الاستثماري البريطاني لم يتأخر؛ إذ جسده بوضوح توقيع “مذكرة تفاهم” (MoU) مخصصة للدعم البريطاني لتنظيم كأس العالم 2030، بالمجمع الكروي محمد السادس بالمعمورة-سلا، بداية الأسبوع الجاري.
استثمارات قادمة
مصدر مسؤول من وزارة الاقتصاد والمالية قال لجريدة جريدة النهار الإلكترونية إن “المذكرة تفتح آفاقا استثمارية واعدة، خاصة استثمارات القطاع الخاص البريطاني في مواكبة أوراش المونديال في قطاعات الرياضة والبنية التحتية”، واصفا المذكرة وتوقيعها بـ”الخطوة الهامة على درب الاستعدادات الوطنية المتسارعة لاحتضان تظاهرات عالمية”.
وبينما اكتفى المصدر ذاته بالإحالة على “المعلن رسميا”، مستندا إلى أن الاتفاق الموقع بين فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وديفيد لامي، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، عاكس لـ”متانة التعاون بين الجانبين، ويؤشر لمرحلة جديدة في دينامية التعاون الثنائي في مجالات الرياضة والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية”؛ كان بلاغ سابق للوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية قد وضع حدث توقيع المذكرة مع لندن في سياق “تماشيها مع الرؤية المستنيرة للملك محمد السادس الذي جعل الرياضة ركيزة للإشعاع والانفتاح والتنمية المستدامة”.
وتحفظ المصدر حين سألته جريدة النهار عن “مزيد من التفاصيل بخصوص مضامين ومشاريع المذكرة الموقعة”، بحضور مسؤولين كبار من الجانبين، مجددا الإحالة على مضمون ما أعلنته الوزارة رسميا.
وبتوقيعها المذكرة، من طرف وزير الدولة لشؤون التنمية والخارجية، عبرت المملكة المتحدة عن “رغبتها في تعبئة خبراتها الفنية، ونظامها الاقتصادي، وقدراتها في الدعم للمساهمة في نجاح المشروع الطموح” لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 بالمملكة المغربية.
وقد اتفق الطرفان، وفق المعطيات المعلنة والمتوفرة إلى حدود الساعة، على “التعاون الوثيق في مجموعة من المشاريع، بما في ذلك الملاعب، والبنية التحتية للنقل، بالإضافة إلى الخدمات المرتبطة بإدارة الأحداث الدولية”.
وبحسب وزارة المالية المغربية، فإن “الالتزام المتبادل يعكس طموحا مشتركا؛ هو جعل كأس العالم 2030 نجاحا رياضيا ولوجستيا وإنسانيا، يفتح آفاقا اقتصادية ويؤسس شراكات مستدامة، في إطار احترام القيم العالمية للتضامن والتميز والشمولية”.
تجاوز للرياضة
أورد عزيز داودة، إطار خبير رياضي وطني، أن “المواكبة البريطانية للمغرب لا تقتصر على مشاريع كأس العالم ودعمه تقنيا بالخبرات والتجارب”، منوها إلى أن “الأمر يتجاوز مجرد الحدث الرياضي في حد ذاته إلى عدد من الآفاق الاستثمارية والمبادلات الاقتصادية الثنائية التي بدأت إرهاصاتها منذ قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (بركسيت) عام 2016”.
وأشار داودة، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “المواكبة ستكون متعددة مع جهات وفاعلين عدة متدخلين في مسار إعداد المملكة المغربية لتكون في موعد 2030″، مشددا على أن “بريطانيا واعية جدا بذلك؛ لأن الأمر يتعلق أساسا وفق المعلن عن الاستفادة من تراكم الخبرة والتجربة البريطانية في المجال الرياضي والبنيات التحتية المتطورة”.
وقال الخبير الرياضي معلقا: “لا يمكننا في المغرب الاعتداد بالنفس واعتبار أننا قطعنا أشواطا كبيرة دون الانتباه إلى ما يعنيه استقبال العالم والانفتاح على تجارب دولية أثبتت نجاحها وتفردها”، مؤكدا أن “المذكرة الموقعة تفتح آفاق الاستثمار والاستفادة المشتركة”.
وزاد بالشرح: “مذكرة التفاهم هي اتفاق مبدئي معلن لفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات البريطانية أيضا في المجال الرياضي والبنيات التحتية المرافقة للحدث الكبير”، مستدلا بأن “زيارة ديفيد لامي إلى المغرب وبرمجة زيارة للمسؤولين البريطانيين إلى أوراش رياضية كبرى مثل تأهيل المركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، (أمر) يبعث إشارات واضحة في هذا الصدد”.
وذكر داودة أنه “في مقابل الحاجات المغربية، تبرز المقترحات البريطانية ومسارات التفكير والتطوير لتعاون المملكتين خلال السنوات الخمس القادمة… فالمغرب قبلة إفريقية قوية حاليا في مجال الاستثمارات الرياضية والسياحية والنقل. وبالنسبة للجانب البريطاني، فمن الطبيعي أن يبحث عن منافذ لاقتصاده”.
وأجمل بالقول: “يكفي الإشارة إلى تضاعف نمو المبادلات التجارية الثنائية بخمس مرات بعد إقرار بريكسيت (…) والمغرب أثبت أحقيته في الانتفاع من التجربة والخبرة البريطانية بدبلوماسيته الهادئة والبرغماتية”، خاتما: “ليس هناك فقط مشاريع المونديال، فالأهم هو ما بعده وما قبله مع توقعات بأن تزدهر العلاقات الثنائية بين لندن والرباط في قادم المناسبات”.