تنفس تجار الملابس التقليدية الصعداء بعد تزايد الطلب على بضاعتهم خلال فترة “العواشر” وكذلك استعدادا لاستقبال عيد الفطر المبارك، حيث تشهد الأسواق والمحلات المخصصة لبيع الأزياء التقليدية رواجا منقطع النظير خلافا لما كان عليه الأمر في الأسابيع الأولى من شهر رمضان الكريم.
وعاينت “الصحراء المغربية” عودة الحياة إلى سوق بيع الملابس التقليدية بحي الخبازات القلب النابض لمدينة القنيطرة، إذ استؤنف بيع الزي “البلدي” بشكل أفضل بعد الانخفاض الملموس الذي شهده خلال الأسابيع القليلة الماضية، والذي أدخل مجموعة من التجار المحليين في حالة ترقب وتخوف من كساد بضاعتهم إلا أن “العواشر” ساهمت في رفع الإقبال على الملابس التقليدية ودفعت التجار إلى توسيع عروضهم من هذه الأزياء التراثية وبأسعار معقولة تتناسب وقدرة المواطنين الشرائية.
وفي هذا الصدد، قال الحاج محمد، تاجر ملابس تقليدية بسوق الخبازات، إن توالي الأزمات على جيوب المواطنين ساهم في تراجع الإقبال على الملابس التقليدية، وأشار إلى أنه قبل الجائحة وأزمة الأسعار كان بيع الجلابيب والقفاطين خلال رمضان والأعياد الدينية يعرف رواجا كبيرا، خاصة أن الزي التقليدي له مكانة عظيمة في قلوب المغاربة الذين يحرصون أشد الحرص على ارتدائه في المناسبات الدينية إذ يتناسب وروحانية هذه الأيام المباركة.
وأفاد التاجر في تصريحه لـ”الصحراء المغربية” أن الانتعاش الذي يشهده سوق الملابس التقليدية بمثابة دفعة إيجابية للتجار ما من شأنه إنقاذ تجارتهم من الكساد والحفاظ على استمراريتها، خاصة وأن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها العالم بفعل تداعيات كوفيد وحرب روسيا على أوكرانيا ساهمت في الرفع من أسعار المواد التي يستخدمونها في نسج وتزيين الزي التقليدي مما أثر على حركة البيع والشراء وأدخل التجار في دوامة الديون والتخوف من فقدان مصادر رزقهم.
وتابع المتحدث ذاته أن العروض المتوفرة في الملابس التقليدية تشمل تشكيلة متنوعة من الأزياء الجميلة والراقية حيث يكثر الإقبال على الجلابيب المنسوجة من ثوب الكريب وجوهرة “المنبتة بالعقيق والصدف” باعتبارهما الموضة الدارجة لهذه السنة، كما أن الأثمنة التي تعرض فيها للبيع في متناول الزبناء وتتراوح ما بين 200 درهم إلى 800 درهم حسب نوع الثوب وجودته والتصميم.
وأضاف الحاج محمد أن أهم ما يميز تصاميم هذه السنة هو ارتفاع الإقبال على الجلابة “المخدومة بزواق المعلم وطرز الصقلي” وكذا جلابة “الراندا” و”السفيفة والبرشمان”، حيث تبقى هذه التصاميم الأصيلية ذات مكانة لا يعلى عليها بالرغم من عصرنة الجلابة المغربية والتطور الحاصل في تصميمات الزي البلدي، وفقا لتعبيره.
من جهتها، أشارت صاحبة محل لتصميم الأزياء التقليدية إلى أنه في السابق كانت النسوة يحرصن قبل مدة طويلة على اختيار الثوب المناسب والتصميم ويعرضنه للخياطة ليكون جاهزا قبيل حلول عيد الفطر، أما حاليا، تفيد المتحدثة ذاتها، فإن الكل أضحى يطلب الملابس التقليدية الجاهزة لتوفير الجهد والوقت، خاصة وأن مصممي الأزياء أصبحوا يجهزون مع اقتراب المناسبات الدينية تشكيلة واسعة ومتنوعة من الأزياء الأصيلية تشمل الجلابيب والقفاطين والكنادر والجبادورات وحتى السراويل “القندريسية” والطرابيش و”الطاقيات”، بتصاميم رائعة وجودة ممتازة وبأسعار معقولة تلبي جميع الأذواق والرغبات.
وأكدت المصممة أن الإقبال على الملابس التقليدية عرف، نهاية الأسبوع الماضي، رواجا كبيرا من لدن أولياء أمور التلاميذ الذين حلوا بالسوق لاقتناء الأزياء التي يتطلبها الاحتفال بقدوم ليلة القدر، واعتبرت المتحدثة ذاتها أن هذا التقليد الذي تحرص المؤسسات التعليمية على إحيائه يساهم في تقريب المتعلمين من قدسية الليلة المباركة وتعزيز هويتهم الثقافة والدينية في وجدان البراعم الصغيرة.
ويتوقع التجار أن يستمر هذا الرواج حتى بعد عيد الفطر المبارك خاصة وأن الأزياء التقليدية المغربية يمكن إعادة ارتدائها في المناسبات والاحتفالات الأخرى على مدار السنة.
أسماء ازواوان
