الباحثة لكطيطي تناقش “الأمن السيبراني”

احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال-الرباط، التابعة لجامعة محمد الخامس، الجمعة، مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، تخصص العلوم القانونية، تحت عنوان “الأمن السيبراني-دراسة مقارنة”.

الأطروحة التي أعدتها الباحثة صفية لكطيطي، تحت إشراف الدكتور عبد السلام بنسليمان، أوضحت أن العالم منذ منتصف القرن العشرين شهد ثورة رقمية غير مسبوقة في مجال المعلوميات والاتصال، مما أدى إلى إحداث تحولات في مختلف المجالات، سواء في معاملة الأفراد فيما بينهم أو بين المرتفقين والإدارات، وقد نتج عن هذا التحول ظهور بيئة جديدة تعرف بالفضاء السيبراني، الذي قدم فوائد عظيمة لأفراد المجتمع ومؤسسات الدولة، غير أن الاستعمال المتزايد وغير الصحيح لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات من قبل هذه الفئات وغيرها جعل هذا الفضاء السيبراني عرضة للاعتداء وحوله إلى مسرح لارتكاب الكثير من الأفعال الإجرامية.

إعلان الباحثة لكطيطي تناقش "الأمن السيبراني"

وفي هذا الصدد، أكدت الباحثة لكطيطي أن “هذا التحول لعب دورا كبيرا في تطوير سمات المجرم وفي أساليب عمله وطرق تنفيذه، وغالبا ما نجد المجرم السيبراني يستعمل ذكاءه وخبراته ومعرفته في مجال المعلوميات لتنفيذ سلوكه الإجرامي، ومن ذلك استغلاله للثغرات التقنية التي يفترض حمايتها لدخوله للنظام المعلوماتي قصد تخريبه أو إتلافه أو سرقته، مشيرة الى أن “للتحول الرقمي الذي شهده العالم دورا بارزا في انتشار نوع جديد من الجرائم، يعرف بالجرائم السيبرانية، وهي بعيدة كل البعد عن الجرائم التقليدية، سواء من حيث أسلوب ارتكابها أو الأداة المستعملة لارتكابها أو نتائجها أو آثارها، سواء على حياة الأفراد أو على أمن الدولة، وذلك بالنظر إلى كونها جرائم تتمتع بطبيعة خاصة تميزها عن غيرها من الجرائم، ومن هذا المنطلق يأتي تحديدا اختلاف الفقهاء والباحثين في إعطاء تسمية موحدة لهذه الظاهرة الإجرامية”.

وفي حديثها عن موقف المشرع المغربي، أبرزت الأطروحة أن القانون لم يقتصر تعريفه للجريمة السيبرانية على الشخص مرتكب الجريمة أو قدرته ومعرفته التقنية بالأجهزة المعلوماتية ولا على الوسيلة التي ارتكبت بها، بل ذهب على منوال الاتجاه الآخر نفسه، حيث نجد الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 05.20 تنص على أن الجرائم السيبرانية هي “مجموعة من الأفعال المخالفة للتشريع الوطني أو الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية، التي تستهدف شبكات ونظم المعلومات أو تستعملها كوسيلة لارتكاب جنحة أو جناية”.

ونظرا لخطورة هذه الظاهرة الإجرامية وتطورها المستمر، ترى الأطروحة أنه بات من اللازم ضمان الاستخدام الآمن والمناسب للفضاء السيبراني، الذي يعد أحد التحديات التي تواجه العالم للوقاية من المخاطر التي تخلفها تلك الظاهرة، وهو ما استدعى ضرورة إيجاد ضمانات أمنية ضمن هذا الفضاء السيبراني، وبناء على ذلك فطنت المجتمعات الدولية للانتشار المتزايد للاعتداءات السيبرانية والهجمات التي أضحت تطال الفضاء السيبراني، ما دفع بها إلى وضع آليات لتحقيق الأمن السيبراني، نظرا لأهميته في مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية الحديثة العابرة للحدود الجغرافية والسياسية.

وسجلت الأطروحة العلمية أن المغرب، على غرار باقي دول العالم، أدرك خطورة الإجرام السيبراني وكذا أهمية تحقيق أمنه السيبراني لما له من دور في تأمين عملية التحول الرقمي، وهذا ما جعله يسارع في تطوير ترسانته القانونية وملاءمتها مع التشريعات الناجعة في ضمان الأمن السيبراني. وكأول خطوة لتحقيق هذه الغاية، قامت المملكة المغربية بالانضمام إلى اتفاقية بودابست والمصادقة عليها وعلى بروتوكوليها الإضافي الموقع بستراسبورغ في 28 يناير 2003، كما انضمت إلى الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وتطرقت الباحثة لعمل المشرع المغربي في إيجاد حلول للتحديات التي تطرحها هذه الجريمة، خاصة تلك المتعلقة ببطء الإجراءات المترتبة على مساطر التعاون القضائي التقليدي، أو على مساطر الإنابة القضائية، والتي يفرضها جمع الأدلة السيبرانية، وهو ما جعله يوقع بتاريخ 12 ماي 2022 على البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية بودبست الذي يهدف بالأساس إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء عبر آليات مستحدثة للكشف عن الأدلة، التي من شأنها وضع حد للتحديات سالفة الذكر ولغيرها من الإشكاليات الإجرائية.

وفي ختام المناقشة، أكدت الباحثة صفية لكطيطي أن “تكنولوجيا المعلومات والاتصال أحدثت ثورة شاملة في كافة المجالات، وهو ما يترتب عنه تغيير جذري في سير حياة المجتمعات، المتقدمة منها والنامية، كما أضحى من الصعوبة بمكان الاستغناء عن خدماتها اللامحدودة. إلا أنه مع ذلك، تبقى لكل هذه المزايا للثورة المعلوماتية انعكاسات سلبية نتيجة سوء الاستخدام لهذه الوسائل، ومن هذه الانعكاسات نجد ظاهرة الجريمة السيبرانية.

حري بالذكر أن لجنة المناقشة تكونت من علال فالي وحمزة عبد المهيمن، أستاذا التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، والأستاذ هشام الملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، والأستاذين محمد فتح الله اسطيري ومحمد طارق، من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية.

زر الذهاب إلى الأعلى