التأم، اليوم الجمعة برحاب كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بمراكش، ثلة من الأساتذة الباحتين والخبراء، خلال ندوة دولية لتسليط الضوء على قضايا الهجرة وارتباطاتها بالأمن الإنساني في حوض المتوسط، ورصد ومواكبة مختلف التحولات البنيوية التي عرفتها وتعرفها الهجرة عموما على مستوى ضفتي المتوسط.
وتشكل هذه الندوة الدولية العلمية، المنظمة على مدى يومين، بمبادرة من مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش، فرصة لفتح باب النقاش الأكاديمي أمام مختلف الباحثين من مختلف الحقول المعرفية، لمناقشة قضايا الهجرة وجوانبها التاريخية، والوقوف عند المواثيق والتشريعات الدولية التي تؤطرها، والإشكالات التي ترافق تطوراتها في ظل طغيان المقاربات الأمنية على حساب المعاناة الإنسانية، واستحضار الجهود التي بذلها المغرب في هذا الخصوص.
وخلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة الدولية، المنظمة بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج ومؤسسة هانس زايدل، أجمعت مختلف المداخلات على أهمية موضوع الهجرة والامن الانساني في ظل الظروف والمتغيرات الدولية الحالية وانعكاسات العولمة وتصاعد الاهتمام الدولي بقضايا الهجرة والتنمية والأمن.
وفي هدا الإطار، أشار عبد الكريم الطالب عميد كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بمراكش، إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للهجرة وما تمثله بالنسبة لدول الحوض البحر الابيص المتوسط خصوصا فيما يتعلق بالجانب السلبي لهذه الظاهرة التي قد تهدد الأمن الإنساني إذا ما كانت الهجرة غير مشروعة.
وأوضح أن التعاطي مع إشكالية الهجرة بمفهومها الشمولي يفرض بسط وتحليل وتقييم السياسات العمومية المتبعة داخليا من طرف دول البحر الأبيض المتوسط، ومساءلة برامج التعاون والتنسيق والدعم التي تم تسطيرها لمكافحة هذه الظاهرة ومدى خدمتها لمبادئ الأمن الإنساني.
من جانبه، أكد ادريس لكريني أستاذ العلاقات الدولية ومدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، أن ظاهرة الهجرة استأترت بأدوار حضارية واجتماعية واقتصادية عدة، وما زالت انعكاساتها الإيجابية على التنمية قائمة، رغم الصورة القاتمة التي يروجها عنها البعض.
وفي هدا الصدد، أوضح لكريني، أن تنامي المعضلات الاجتماعية والسياسية في عدد من الدول الإفريقية والشرق الأوسط، ساهم في تصاعد حدة الهجرة وطلبات اللجوء نحو دول الضفة الشمالية للبحر المتوسط، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة اعتمدت تدابير وإجراءات غير مسبوقة للحد من الظاهرة، ما حول عددا من دول الضفة الجنوبية للمتوسط كالمغرب، من مجرد بلدان عبور إلى محطات استقبال للمهاجرين الحالمين بالوصول إلى العمق الأوربي.
بدوره، أبرز سعيد اغريب رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بمراكش، أن موضوع الهجرة أضحى اليوم يعاكس التيار على المستوى الدولي حيث أن كل الأنشطة ذات الأهمية على المستوى العالمي تتجه نحو تحرير التبادل وفتح الحدود والاعتراف بالحقوق والحريات، ونحو توسيع المجالات.
وبعد أن أكد بأن الهجرة تطورت لتصبح مبدأ أساسيا لحقوق الإنسان، أشار رئيس شعبة القانون العام إلى أن كل الدول تسعى إلى وضع قوانين مقننة للحد من تدفق المهاجرين من خلال تبني سياسات انتقائية تروم اصطياد الأدمغة التي تستثمر فيها الدول النامية.
ووفقا للمذكرة التقديمية لهذه الندوة، فإن ظاهرة الهجرة تصاعدت خلال السنوات الأخيرة، بعد موجات عدم الاستقرار التي ضربت معظم الدول العربية عقب أحداث الربيع العربي حيث تصدرت سوريا لائحة اللاجئين بما يتجاوز 5.6 مليون نازح سنة 2018 ، في حين تظل القارة الإفريقية منبع أكبر موجات الهجرة المتتالية في اتجاه أوروبا متخذة دول المغرب العربي منطقة للعبور ولكن أيضا ملاذا قسريا للاستقرار في ظل تشديد إجراءات المراقبة وحراسة الحدود.
