
المغربي مهندس مطار غزة يبرز “لقاءات مع التاريخ” في دعم القضية الفلسطينية
شهادة على عمل مغربي فلسطيني مشترك من أجل بناء الدولة الفلسطينية وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني، تحضر في كتاب جديد لأحمد البياز، المدير السابق للمكتب الوطني للمطارات، الذي أشرف على بناء مطار غزة الذي دمّره الاحتلال الإسرائيلي.
الكتاب الصادر بالفرنسية بعنوان: “المغرب وفلسطين: لقاءات مع التاريخ”، حضر لقاء تقديمه بالمعرض الدولي للنشر والكتاب جمال الشوبكي، سفير دولة فلسطين لدى المملكة المغربية، الذي قال: “البياز مناضل بإصرار (…) وأبلّغ تحيات واحترام القيادة الفلسطينية والشعب للمغرب ملكا وحكومة وشعبا، وجهود البياز لا في الوثيقة المهمة المنشورة فقط، والتي ننتظر نشرها باللغة العربية (…) بل منذ تكليفه من الملك الحسن الثاني والمتابعة الدقيقة لخلق مطار حقيقي دولي بفلسطين، وهو ما لم يتحقق منذ نكبة 1948 (…) علما أن فلسطين قبل الاحتلال كانت تتوفّر على أربع مطارات”.
وتابع: “لم يكن هذا سهلا إلا بتقاطع الإرادات للزعيم المغربي والدولي الحسن الثاني وأبي عمار الذي كان سقفه دولة فلسطينية مستقلة، ونفذ مشروع المطار بكل قوة رغم اعتراضات وعقبات إسرائيل (…) واطلعت على رسائل الأرشيف بين الملك الحسن الثاني وياسر عرفات فيها إشادة بجهود البياز الجبارة ومساهمته الفعالة في إنجاز المطار، وتجهيزاته، ومنجزاته الحيوية، مع عمق الامتنان للجهود الأصيلة للمغرب الحبيب لدعم شعبنا في حقوقه غير القابلة للتصرف، ومنها العودة والدولة المستقلة وعاصمتها القدس”.
وذكّر السفير الفلسطيني بكلمة الملك محمد السادس في القمة العربية الأخيرة؛ حيث “طالب بوقف العدوان” وقوله إن ما يحدث “من جرائم في غزة وصمة عار للإنسانية لسكوتها”، وتجديده الدعم للدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال ووحدة الأراضي الفلسطينية.
صاحب الكتاب أحمد البياز ذكر بدوره أن هذا اللقاء “مع فلسطين لأجل فلسطين”، وتمنى في ظل الحراك الفلسطيني والطُّلابي والعالمي “الوصول إلى بر الأمان في سلام يحقق استقرار واستقلال فلسطين”.
ثم تحدث عن كتابه الذي خُطّ بعدما كان وهو يقطن فلسطين “في مسافة الصفر من القضية الفلسطينية”، ونجاح جعل مطار غزة فلسطينيا أردنيا، مع تشبثه بضرورة حفظ ذاكرة الجرائم الإسرائيلية التي من بينها تدمير هذا المطار الذي كان من منابع السيادة الفلسطينية.
وتطرق الكاتب إلى “العلاقات المتميزة المغربية الفلسطينية رغم البعد الجغرافي”، وضرورة “حفظ الذاكرة المشتركة”، وهو ما يسهم الكتاب فيه عبر تقديم “وثائق مرجعية”.
الصحافي عبد الله الترابي الذي سيّر اللقاء، ذكر من جهته أن هذا الكتاب “شهادة تاريخية عن العلاقات بين المغرب وفلسطين”، من طرف المدير العام السابق للمكتب الوطني للمطارات بالمغرب، الذي واكب ظروف بناء مطار غزة، وشهد على صعوبات ذلك.
الأستاذة الجامعية بثينة بنسالم قالت إن أهمية الكتاب، فضلا عن التاريخ المفصل الذي يحتويه، كونه “كتب بأسلوب واضح جدا وخفيف (…) وغني بالمعلومات والتفاصيل التي لا يمكن أن نجدها إلا عند فاعل في الأحداث جمع معلومات عبر سنوات من تجربة عيشه في غزة وفلسطين، وأحداث عديدة طبعت المنطقة والمغرب”، مع غرف من التاريخ القديم لعلاقة المغرب بفلسطين، وصولا إلى مستجدات التاريخ الراهن.
ندى البياز، المديرة العامة للمدرسة الوطنية العليا للإدارة نجلة الكاتب، تحدثت عن عمق إيمان والدها بالقضية الفلسطينية، وكتابته عن اللقاءات التاريخية بين المغرب وفلسطين التي شهدها، وإسهامه فيها بقلبه خاصة، ثم جاء الكتاب “ولادة صعبة لا مفر منها، بجهود دقيقة، بُذِلت فيها ساعات وأيام وشهور (…) وكان لا يفوت شيئا، بتعديلات مستمرة في ظل تطور الأحداث المتسارعة، وينام بالقلم في يده، ويستيقظ بصدمة الإلهام (…) ليقدم لا مجرد سرد بل شهادة حية عن شغف وحياة وصمود في ظروف صعبة نعرفها”.
الأستاذ الجامعي محمد زكريا أبو الذهب تحدث بدوره عن أحمد البياز بوصفه “شخصية (…) ذات خصال وطنية عالية، وطاقة متدفقة”، خطّ كتابا “مفيدا كثيرا” بوصفه “شاهد عيان”، و”جاء عمله هذا في وقته”، مع التطورات الدولية المستمرة للقضية الفلسطينية، والقصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة.
وقال أبو الذهب: “في هذا الكتاب أرشيفات وصور مهمة، تلخص زمنا مضى، وتأثرتُ بشكل كبير بمشاهدة صور مطار غزة قبل وبعد التدمير (…) وفيه دعوة لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وشهادات حية وثناء، بأسلوب أدبي فيه نوع من المزحة والتشويق، لمهندس دولة درس في سوريا وفرنسا، ومؤسس للمكتب الوطني للمطارات بالمغرب، ألح على اعتماد قرار إدانة إسرائيل جراء تدمير مطار غزة، ثم قدّم كتابا شهادة هو مصدر إلهام لمن يريد تعميق أدوات وعناصر حول القضية الفلسطينية، دون إغفال جوانب دبلوماسية وجيو-سياسية”.
ولهذا الكتاب أيضا، وفق المتدخل، “أهمية بيداغوجية تربوية وتثقيفية وديداكتيكية”. ولهذا، حثّ الطلبة على “قراءة حججه وبيّناته” التي “تبهت من كفر” بالقضية الفلسطينية، لأنها تقدم “فهما، بشجاعة أدبية وفكرية، لخبايا القضية الفلسطينية”، قبل أن يختم بالدعوة إلى “استغلال هذه الفرصة التاريخية لمحورة القضية الفلسطينية في صلب حياتنا؛ فهي قضيتنا جميعا”.