يعاني سكان بلدية إغرم التابعة لإقليم تارودانت من تردي الخدمات الصحية المقدمة لهم، ولعل أبرز ما يشكون منه هو غياب الطبيب ونقص حاد في الأطر الصحية بالمركز الطبي الموجود بالمنطقة، وهو ما يضطرهم إلى قطع أزيد من 100 كيلومتر للوصول إلى مستشفى المختار السوسي بتارودانت لتلقي العلاجات الضرورية في الحالات الطارئة وهو ما يزيد من معاناتهم ويصيبهم بالإحباط خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة ووعورة المسالك.
في هذا الإطار، انتقدت اللجنة المحلية لتتبع الشأن الصحي ببلدية إغرم الأوضاع الصحية بالمركز الصحي السالف الذكر وبالمستوصفات الواقعة بالجماعات التابعة لبلدية إغرم، وعبرت عن استيائها من التدهور غير المسبوق على مستوى الخدمات الصحية بالدائرة الترابية وعدم إيلاء القائمين على الشأن المحلي بالمنطقة الأهمية بصحة وسلامة المواطنين، وعبرت عن تذمرها من إقصاء سكان 17 جماعة من الولوج للعلاج والخدمات الصحية في ظل غياب طبيب رئيسي بدائرة إغرم، محملة المسؤولية للوزارة الوصية والسلطات الإقليمية.
وقال عيسى أوشوط، منسق اللجنة في حديث لـ “الصحراء المغربية”، إن حالة قطاع الصحة ببلدية إغرم والدواوير التابعة لها “كارثية بكل المقاييس”، حيث يضطر إلى تكبد مشقة التنقل وصعوبة التضاريس لقطع مسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة من أجل الوصول إلى المستشفى الإقليمي بتارودانت لتلقي أبسط العلاجات اللازمة، وهو ما لا يتوفر بالمركز الصحي بإغرم حيث لا وجود لطبيب رئيسي ولا أدوية ولا تجهيزات، كما يعاني المركز من غياب الأمصال المضادة للسموم في الوقت الذي ترتفع فيه الإصابات بلسعات العقارب.
وحسب أوشوط فإن الوضع بمنطقة إغرم والدواوير التابعة لها يحتاج تدخلا عاجلا من قبل الجهات المعنية بالشأن الصحي، ففي ظل غياب الطبيب تتصاعد المخاوف من تعريض حياة سكان 17 جماعة للخطر، وما يزيد الطينة بلة الجغرافية القاسية والتضاريس الوعرة حيث على المواطنين تحمل مشقة السفر إلى تارودانت أو أكادير لتلقي الرعاية الصحية الأساسية، وهو ما يثقل كاهلهم بسبب زيادة مصاريف قطع مسافات طويلة قد تتجاوز 100 كيلومتر، وهذا ما يفاقم الأوضاع ويثير سخط السكان المحليين.
إلى جانب ذلك، يواجه السكان خطر الموت بسبب لسعات العقارب في ظل غياب الأمصال المضادة للسموم، حيث تم تسجيل، وفقا لأوشوط، ثلاث حالات وفاة مؤلمة بسبب سم العقرب خلال شهر واحد فقط بجماعة آيت مزاب، في حين جرى نقل حالات أخرى بين الحياة والموت إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير لتلقي العلاجات الفورية، آخرها حالة الطفل الذي حل بإغرم لقضاء العطلة الصيفية برفقة أسرته قبل أن يتعرض للسعة عقرب واضطر والدها لنقله إلى مستشفى المختار السوسي بتارودانت لمعالجته ولولا الألطاف الإلهية لكان هذا الطفل في عداد الموتى، خاصة وأن هذا الأخير أجبر على قطع أزيد من 80 كيلومترا حتى يصل إلى المشفى المذكور.
وتابع المتحدث ذاته أن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل حتى مشفى تارودانت يعاني بدوره من تراجع الرعاية الصحية به بسبب الاكتظاظ المهول حيث يتدفق إليه المواطنون من كل حدب وصوب وهذا ما يؤثر سلبا على جودة الخدمات المقدمة به، والأنكى اضطرار النساء الحوامل من مختلف المناطق التابعة لدائرة إغرم إلى تكبد مشقة السفر ووعورة التضاريس صيفا وشتاء لوضع مواليدهم بالمشفى الإقليمي في ظل غياب طبيبة توليد بالمركز الصحي لإغرم.
وتبعا لذلك، وجهت اللجنة السالفة الذكر دعوة إلى رؤساء الجماعات التابعة لقطب إغرم إلى جانب منتخبين عن المنطقة من أجل الاجتماع وتدارس وحلحلة المشاكل التي يتخبط فيها القطاع الصحي بالبلدية، إلا أن هؤلاء تخلفوا عن الحضور بعدما أبدوا موافقتهم المبدئية، وهو ما أثار استغراب اللجنة، يشير عيسى أوشوط في حديثه لـ”الصحراء المغربية”، موردا في هذا السياق أنه كان من الواجب على ممثلي المنطقة حضور اللقاء التشاوري والبحث عن حلول جذرية لتحسين مستوى الرعاية الصحية وفقا لما يقتضيه دورهم من ناحية المسؤولية.
وأكد أوشوط على أن الوضع الصحي لقطب إغرم يتطلب تدخلا عاجلا من قبل الجهات المعنية والسلطات الإقليمية لتعزيز البنية التحتية الصحية بالمنطقة وضمان حق الجميع في الحصول على خدمات طبية في المستوى المطلوب بغض النظر عن موقع إقامتهم تحقيقا لمبدأ المساواة في الحق في العلاج والرعاية الصحية، ولهذا الغرض طالبت اللجنة المديرية الاقليمية لوزارة الصحة بتارودانت بالتعجيل بتجهيز المستوصفات بالجماعات الترابية التابعة لدائرة إيغرم بمستلزمات الخدمات العلاجية الأساسية، وتوفير طبيب رئيسي بالمركز الاستشفائي للدائرة وتقوية العرض الصحي بها.
أسماء إزواون
