بفضل إسهاماته الملموسة في مجال التغيير المجتمعي من خلال ابتكار حلول مستدامة ومدرة للدخل، تعالج المعضلات الاجتماعية والإشكاليات المرتبطة بالمناخ، استطاع حمزة الخروبي، ذو خمسة وعشرين عاما، نيل لقب شخصية السنة في صناعة التغيير بإفريقيا، ضمن فعاليات مسابقة Emy Africa Awards التي أعلن عن نتائجها أخيرا.
في هذا الحوار، الذي خص به “الصحراء المغربية”، سيسلط الضوء على أهمية دور الشباب في صناعة التغيير والمساهمة في تحسين الوضع الاجتماعي والبيئي في بلدهم الأم، كما سيقدم تجربته الشخصية كشاب مغربي مهتم بالعمل المدني والمناخي، وكيف حولته التحديات والعقبات التي واجهها في البدايات إلى صانع للتغيير ومبدع لمبادرات ذات وقع إيجابي على مجتمعه المحلي، فضلا عن مساره الأكاديمي الذي ساهم في تطوير مهاراته سواء على المستوى المهني أو المدني.
تطرق حمزة، كذلك، إلى المبادرات التي قدمها إلى جانب شباب آخرين يتقاسمون الرؤية ذاتها في جمعية التعاون تطوان، وكيف تعكف هذه الأخيرة على توسيع نشاطها ليشمل مختلف مناطق المملكة من خلال ابتكار مشاريع ذات بعد بيئي مستدام، خاتما حواره بدعوة الجيل الصاعد من الشباب المغربي إلى الثقة في قدراتهم والاستفادة من مهاراتهم والتحلي بالتعاطف والقيم المغربية الحميدة للمساهمة في التغيير الإيجابي لمجتمعاتهم.
ماذا تعني بالنسبة إليك جائزة صناع التغيير الشباب بإفريقيا؟
لكل صناع التغيير في القارة الإفريقية، فإن لقب صناع التغيير الشباب له قيمة رمزية كبيرة جدا، والحصول على هذا اللقب يحمل العديد من المعاني، ومنها أن رؤيتنا ومقاربتنا في صناعة التغيير بالمغرب هي رؤية فعّالة وواعدة، وبالفعل، يصعب على صناع التغيير الذين يطمحون لتحقيق أثر بعيد المدى التأكد من فعالية برامجهم، وعليه، فإن الحصول على هكذا ألقاب هي من بين المؤشرات المرغوب فيها من أجل الاستمرار بثبات وثقة.
ما هي الدوافع التي جعلتك تهتم بالعمل لإيجاد حلول مستدامة للمشكلات الاجتماعية أو البيئية؟
دوافعي الأولى التي جعلتني أهتم بالعمل المدني والمناخي هي دوافع شخصية محضة، فأنا شاب مغربي متضرر من مجموعة من التحديات الاجتماعية، تعرضنا للتهميش وسوء المعاملة، وللاستصغار، وللبطالة، ولمشاكل صحية ومادّية… وهي كلها تحديات تحضر أمام العديد من الشباب مثلي في بلادنا، ولأنني أردت العيش في مجتمع أفضل، فقد قررت الانطلاق في مسيرتي منذ تسع سنوات، ولأن التحديات التي واجهتها لا تعنيني أنا فقط، وجدت فريقا من الشباب الذين يشاركونني نفس الرؤية، قمنا بتأسيس جمعية وطنية تحت اسم جمعية التعاون تطوان ACT وقمنا معا بالتعلم والمحاولة وإطلاق العنان لابتكارات تعالج قضايا اجتماعية من خلال توظيف تقنيات علمية من قبيل التفكير التصميمي والإبداع الاجتماعي…
أما بخصوص مجال المناخ، فلم نتعرّف عليه إلا بعد تفاقم الضرر عند مجموعة من المجتمعات المغربية بسبب التغيرات المناخية، حيث تضررت أنظمة إيكولوجية في مناطق مختلفة بسبب التلوث وارتفاع درجات الحرارة. وعلى سبيل المثال، فقد العديد من صيادي السمك في الشمال مهنهم بسبب هجرة الأسماك وتغير أنشطتها، كما سببت التساقطات الثلجية القوية وغير المسبوقة في الأطلس الكبير تضرر القرويين بشكل مباشر وعزلهم وتحطيم الأشجار المثمرة التي تشكل مدخولا مهمّا بالنسبة إليهم. الدرس الذي تعلمناه هنا هو أننا متضررون بشكل مباشر من التغيرات المناخية، وأن هذا الموضوع ليس موضوع نخبة أكاديمية أو خبراء البيئة فقط، بل مسؤولية مجتمعية جماعية لتسريع عجلة التأقلم مع المناخ والتفكير والعيش بمسؤولية واستدامة.
هل يمكن أن توضح لنا مسارك الأكاديمي وكيف ساهم تعليمك في تطوير مهاراتك في مجال صناعة التغيير والريادة؟
شكلت مسيرتي الدراسية دعما قويا لمساري المهني والمدني، إذ كانت فضاء خصبا لتبادل الأفكار والتعرّف على أطياف اجتماعية ذات رؤى وتمثلات مختلفة، حصلت على الإجازة في الدراسات الثقافية في شعبة الدراسات الانجليزية بجامعة عبد المالك السعدي، والتي مكنتني من تقوية مهاراتي في البحث الأكاديمي والتعامل مع المصادر الغربية، وهي مهارات أستفيد منها كثيرا اليوم، وخاصة في مهمتي كباحث في اليونيسكو في مجال التغيرات المناخية والمجتمع المدني. ثم قضيت سنتين في شعبة العلوم الاجتماعية وعلم النفس، والتي كنت أرغب في الحصول على إجازة أخرى بها لولا أن الحجر الصحي قاطع هذه الخطوة بتحديات شخصية كثيرة رافقت الجائحة، لأقرر بعد سنة العودة إلى الحياة الجامعية بنفس جديد، كطالب باحث في التغيرات المناخية وعلاقتها بالأدب والنقد في إطار ماستر الأدب العربي بنفس الجامعة، وتُوجت هذه السنة بشهادة الماستر بتفوق، وأنا الآن مرشح لمتابعة الدكتوراة في نفس الموضوع.
لقد حظيت خلال حياتي الجامعية بمواكبة ودعم أطر أكاديميين رفيعي المستوى، وقمت ببناء علاقات وطيدة مع أساتذة وطلبة اشتغلت معهم في محطات مختلفةـ ويعود الفضل لهم جميعا في تكوين شخصيتي وتقوية مهاراتي الأكاديمية والمهنية.
ما أهم المبادرات التي قدمتها في هذا المجال والتي تسعى إلى إيجاد حل لها ولماذا؟
من أهم المبادرات التي قمنا بإطلاقها، الشركة الناشئة PGPR Technologies، والتي نقوم فيها بإنتاج أسمدة بيولوجية قوية المفعول وبأثر إيجابي على البيئة، من خلال إعادة تدوير النفايات العضوية، يهدف ابتكارنا إلى تثمين الفلاحة المستدامة وحماية الأنظمة الإيكولوجية، والمساهمة في دعم الأمن الغذائي، ونطمح إلى استقطاب مستثمرين يحملون نفس الرؤية من أجل تحقيق أهداف مهمة على المستوى القاري.
هذا المشروع ذو الهدف الربحي والأثر البيئي جاء بعد قناعة جماعية على مستوى فريقنا بأن الأثر والتغيير الذي نريد صنعه يجب أن يتسم بالاستدامة وبعد المدى، كما يعتبر تطبيقا ميدانيا للمناهج التي تعلمناها في رحلتنا في جمعية التعاون تطوان، ونقوم اليوم بتقاسم تجربتنا، مواردنا وعلاقتنا مع الشباب المغربي الطموح الذي يرغب في إطلاق حلول مبتكرة للمشاكل الاجتماعية والبيئية، حيث أطلقنا برنامج “صناع التغيير” لتقوية مهارات الشباب في مجال الابتكار والإبداع الاجتماعي بهدف دعم المشاركة المواطنة للشباب.
هل واجهتكم تحديات خاصة في رحلتكم نحو تحقيق تلك الإنجازات؟ وكيف حصلتم على الدعم لتمويل مشاريعكم البيئية والاجتماعية؟
لقد بنيت أغلب مبادراتنا على مواردنا الشخصية واستثمار فريقنا. حيث كنا نعتبر مبادرتنا في طور النضوج والبناء. وعليه، كنا نقوم دائما بإطلاق نسخ تجريبية لمبادراتنا من أجل التعلم من الأخطاء قبل إطلاق هذه المبادرات، وتلقينا مواكبة وتمويلات صغيرة من طرف منظمات محلية ودولية مثل Peacefirst لتشجيع العمل والاستمرار فيه.
هل لديكم خطط مستقبلية لتوسيع نطاق اشتغالكم؟
من أجل توسيع نطاق أثرنا، نطمح في جمعية التعاون تطوان إلى إطلاق مشروع مبتكر بكل جهة من جهات المملكة من خلال تكوين ومواكبة نخبة شابة من كل جهة، وهي مهمة تتطلب المزيد من الدعم من طرف الجهات المعنية.
بماذا يمكنك أن تنصح الشباب الذين يرغبون في دخول مجال الريادة وابتكار الحلول المستدامة في ما يتعلق بالأعمال الاجتماعية والبيئية بإفريقيا؟
أنصح إخوتي المغاربة أن يثقوا في مؤهلاتهم، وألا ينتظروا المساعدة من الآخرين ومن المسؤولين، علينا أن نستفيد من طاقتنا كشباب، وأن نتحلى بالتعاطف وكل القيم المغربية الحميدة.
أسماء إزواون
