(الحوارات الأطلسية).. السكوري يدعو لإعادة التفكير في مستقبل الشغل

حجم الخط:

النهار المغربية

دعا وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، اليوم الخميس بالرباط، إلى إجراء مراجعة عميقة للمقاربات المتعلقة بمستقبل الشغل، مؤكدا ضرورة إدراج هذا التفكير ضمن معادلة أكثر شمولية ترتكز على مستقبل النمو.

وشدد السكوري، في كلمة خلال مشاركته في جلسة نقاش نظمت في إطار الدورة الـ14 للمؤتمر الدولي السنوي “الحوارات الأطلسية” الذي ينظمه مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، على ضرورة استباق التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والبيئية لتحديد مواصفات الكفاءات التي سيحتاجها سوق الشغل خلال العقود المقبلة.

واعتبر الوزير أن الكفاءات البشرية “الأساسية”، مثل الريادة، واتخاذ القرار، وتدبير الوضعيات المعقدة، وتحديد الأهداف طويلة الأمد، لا يمكن تعويضها بالذكاء الاصطناعي، معتبرا أن هذه المهارات ترتبط ارتباطا وثيقا بالتجربة المعاشة، والتفاعل الإنساني، واختيارات المسارات الفردية.

كما أبرز، في المقابل، أهمية الكفاءات الرقمية، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، والأدوات التكنولوجية من الجيل الجديد، موضحا أن الرهان لا يكمن فقط في التحكم التقني في هذه الأدوات، بل في “كيفية تعبئة هذه الكفاءات لتعزيز الابتكار”.

ولفت السكوري، أيضا، إلى الدور الهام للكفاءات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، مشيرا إلى أن العديد من القرارات الدولية لها تداعيات مباشرة على الصناعات الوطنية، وخاصة صناعات السيارات والطيران والصناعات الميكانيكية.

وأوضح أن هذه التحولات تترجم إلى آثار اقتصادية واجتماعية ملموسة، مما يستدعي تطوير كفاءات ملائمة لمواكبة الانتقال الإيكولوجي و”التناغم مع المعايير الدولية” في هذا المجال.

من جهة أخرى، تطرق الوزير إلى أهمية الكفاءات في مجالي التجارة والتكوين المهني، مذكرا بأن المهن اليدوية والتقنية تظل “أساسية ومهيكلة”.

ويرى السكوري أن السؤال المركزي المتعلق بمستقبل التشغيل يتمثل في تحديد كيفيات عمل مندمج يجمع الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، من أجل تعبئة الموارد الضرورية وتحقيق نتائج ملموسة.

من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي والكاتب، جاك أتالي، أن الأنظمة التعليمية الحالية لا تستجيب بفعالية لاحتياجات الأفراد وتساهم في توسيع فجوة اللامساواة بين مختلف الطبقات الاجتماعية.

ونبه إلى أن التكنولوجيات الحديثة، ومن ضمنها الذكاء الاصطناعي، تواصل تعميق الفوارق في الوقت الذي ينبغي أن تكون فيه جزءا من الحلول، موضحا أنه من الضروري غرس إرادة النجاح والقدرة على مقاومة الفشل لدى المتعلمين.

وقد انصبت هذه الجلسة، التي نظمت تحت شعار “مستقبل التعلم والعمل.. السياسات والممارسات”، على استكشاف سبل تصميم أنظمة تعلم قابلة للتكيف، ودامجة، وتفاعلية مع الواقع المستجد.

كما اهتمت الجلسة بكيفية الانتقال من النية السياسية إلى التنفيذ الملموس، مع الحرص على ألا تكتفي الأنظمة باستباق التغيير فحسب، بل أن تكون قادرة أيضا على قيادته.

وتأتي الدورة الـ14 للمؤتمر الدولي السنوي “الحوارات الأطلسية” (11-13 دجنبر)، المنظمة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، امتدادا لنسخة 2024، التي وسعت صيغتها لتصير منصة متعددة التخصصات، بهدف تحليل الأزمات المتعددة الحالية واقتراح سبل للإصلاح تتماشى مع الواقع المعاصر.

وعلى هامش المؤتمر، ينظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد الدورة الثانية عشرة من برنامج القادة الشباب الذي يستفيد منه حوالي أربعين شابا وشابة من المهنيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، والمنحدرين أساسا من بلدان الفضاء الأطلسي.

(ومع)