ربع قرن من القيادة الملكية… الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية والاعتراف الدولي

ربع قرن من القيادة الملكية… الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية والاعتراف الدولي
حجم الخط:

النهار المغربية – الرباط

شهدت قضية الصحراء المغربية خلال ربع قرن من قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تحوّلاً جذرياً من نزاع إقليمي محدود إلى قضية دولة نموذجية في إدارة الملفات الدبلوماسية الكبرى.

فقد استطاع المغرب، من خلال رؤية ملكية تجمع بين الثبات في المبدأ والمرونة في الأسلوب، أن يرسخ موقعه كقوة استقرار إقليمية، ويحول ملف الصحراء إلى عنوان للشرعية والبناء بدل المواجهة والانقسام.

تحولات دبلوماسية عميقة ودينامية متسارعة

يمثل تصويت مجلس الأمن الدولي في أكتوبر 2025 على قرار الحكم الذاتي في الصحراء المغربية محطة بارزة تعكس قوة الحضور المغربي في المنتظم الدولي، إذ حظي مقترح الحكم الذاتي بدعم صريح من القوى الكبرى.

ويعكس هذا الاصطفاف الدولي اقتناعاً متزايداً بجدوى المقاربة المغربية كحل واقعي ومستدام للنزاع، مقابل تراجع الأطروحات الانفصالية وفقدانها للمصداقية السياسية.

ويؤكد الخطاب الملكي لسنة 2022 هذا التحول، حين اعتبر جلالته أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”، وهو تصريح يختزل النهج الملكي القائم على جعل الموقف من الصحراء معياراً للعلاقات الدولية، ومؤشراً على مصداقية الشراكات المغربية على الساحة الدولية.

براغماتية مغربية مقابل عزلة جزائرية

اعتمد المغرب في تعاطيه مع الملف منهجاً براغماتياً جديداً يقوم على الواقعية والنجاعة، بينما بقيت الجزائر أسيرة خطاب أيديولوجي متجاوز.

فقد أدى تمسكها بمفهوم “تقرير المصير” وانخراطها المباشر في دعم الكيان الانفصالي إلى عزلتها المتزايدة، وتراجع نفوذها في إفريقيا والساحل.

في المقابل، استطاع المغرب أن ينسج شبكة من التحالفات الاستراتيجية القائمة على التنمية والأمن، مما جعله شريكاً موثوقاً للمجتمع الدولي.

الرؤية الملكية… الأساس الصلب للنجاح الدبلوماسي

منذ سنة 1999، وضع جلالة الملك محمد السادس رؤية استراتيجية متكاملة لقضية الصحراء، تقوم على ثلاث ركائز: الدفاع الثابت عن السيادة الوطنية، والانفتاح الدبلوماسي على الحوار، والتنمية الشاملة للأقاليم الجنوبية. وقد أكد جلالته في خطاب عيد العرش لعام 2025 أن دعم المنتظم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي يعكس “اعترافاً متزايداً بمغربية الصحراء”، مع الحرص على إيجاد حل “لا غالب فيه ولا مغلوب”، وهو ما يعكس روح الواقعية والتوافق.

تراجع الأطروحات الانفصالية وتآكل الاعترافات

عرفت السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً في عدد الدول المعترفة بالكيان الانفصالي، من نحو 70 دولة سنة 2000 إلى أقل من 25 في سنة 2025، وهو مؤشر واضح على فشل الأطروحة الانفصالية وصعود المقاربة المغربية الواقعية القائمة على التنمية والسيادة الوطنية.

كما تحولت اهتمامات المجتمع الدولي من منطق الاستفتاء إلى منطق الحل السياسي التوافقي، ما يعكس انتصار الشرعية التاريخية للمغرب.

المغرب قوة استقرار وريادة إقليمية

لقد استطاع المغرب، بفضل وضوح الرؤية الملكية وفعالية الدبلوماسية المغربية، أن يجعل من قضية الصحراء نقطة ارتكاز لسياساته الإقليمية والدولية، وهاهي مبادرة الحكم الذاتي تحظى اليوم بدعم مجلس الأمن الدولي.

فالمملكة لم تكتفِ بالدفاع عن وحدة ترابها، بل حولت الأقاليم الجنوبية إلى نموذج تنموي ومجال للتعاون الإقليمي.

أما الجزائر، فقد وجدت نفسها في عزلة سياسية ودبلوماسية متنامية نتيجة تمسكها بخطاب متجاوز.