
الحرائق تطبق الخناق على جنوب أوروبا
تواصل دول في جنوب أوروبا، الخميس، مكافحة حرائق الغابات، إذ تستعر النيران في البرتغال واليونان وإيطاليا، وخصوصًا في إسبانيا، حيث سُجِّلت حالة وفاة ثالثة في خضم موجة حرّ شديدة.
وشدد رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، على أن “التهديد لا يزال شديدًا” في البلاد، فيما أرسلت باريس طائرتي “كانادير”.
وصُنِّف أحد عشر حريقًا من المستوى الثاني (على مقياس من أربعة مستويات). وأعلن وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، عبر التلفزيون العام، أن الحريق في زامورا، في منطقة قشتالة وليون، “حيث احترقت مساحة كبيرة… يثير قلقًا بالغًا”، طالبًا طائرتي “كانادير” من الاتحاد الأوروبي.
واستجاب نظيره الفرنسي، برونو ريتايو، للنداء، معلنًا إرسال طائرتين متخصصتين في مكافحة الحرائق.
واضطر سكان في إسبانيا إلى إخلاء منازلهم على عجل مع تمدد النيران. ومنذ اندلاع الحرائق، أُجلي 10,700 شخص في البلاد، بحسب وزارة الداخلية.
“أسوأ التوقعات”
تشهد إسبانيا، الدولة الأكثر تضررًا من ظاهرة الاحترار المناخي في أوروبا، درجات حرارة قصوى عادة، لكنها تواجه في السنوات الأخيرة تزايدًا في عدد موجات الحرّ وقسوتها.
منذ يناير، التهمت النيران أكثر من 157 ألف هكتار من الأراضي في إسبانيا، بحسب النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات (إيفيس)، ما يجعل من عام 2025 أسوأ عام في هذا المجال بعد عامي 2022 و2012، منذ بداية تسجيل البيانات في عام 2006.
ويُصنَّف غشت ثاني أسوأ الأشهر على الإطلاق من حيث اندلاع الحرائق في إسبانيا، إذ احترق خلاله 115,191 هكتارًا، بينها أكثر من 70 ألف هكتار خلال الأيام القليلة الماضية.
بالإضافة إلى قشتالة وليون، تُعدّ غاليسيا في شمال غرب البلاد، ومنطقة فالنسيا في شرقها، وإكستريمادورا في الغرب، مصدر قلق خاص، حيث أُغلق نحو 15 طريقًا.
وكتب أبيل باوتيستا، المسؤول في منطقة إكستريمادورا، على منصة “إكس”: “في الليلة الماضية، تحققت أسوأ التوقعات”، مُعلنًا حالة تأهب من الدرجة الثانية لمكافحة الحرائق في المنطقة، وحاضًا السكان على توخي “أقصى درجات الحذر”.
وأوقِف ثلاثون شخصًا يُشتبه بأنهم تسببوا بالحرائق، إما عمدًا وإما إهمالًا.
البرتغال والمغرب
في البرتغال المجاورة، استُخدمت 15 طائرة لمكافحة أربعة حرائق غابات كبيرة في شمال ووسط البلاد. وفي وسط البلاد، استنفر أكثر من 800 عنصر إطفاء لمكافحة حريق أرغانيل وحده، بينما يستمر حريق ترانكوسو المستعر منذ السبت في التمدد حتى الخميس.
وفي المغرب، كافح عناصر الإطفاء حريق غابات كبيرًا، الخميس، في منطقة جبلية حول مدينة شفشاون السياحية، جنوب طنجة، في شمال غرب البلاد.
تحسن في اليونان
في اليونان، حيث أتت الحرائق على 20 ألف هكتار منذ يونيو، تمكن عناصر الإطفاء من احتواء حريق هدد مدينة باتراس الساحلية، ثالث أكبر مدن البلاد.
وفي أنحاء أخرى من البلاد، كافح 600 عنصر على الأرض ونحو 30 طائرة حرائق مستعرة في جزيرة زاكينثوس الأيونية غربًا، وفي جزيرة خيوس الواقعة في بحر إيجه شرقًا، وقرب مدينة بريفيزا الغربية.
في البلقان، أودت الحرائق بحياة شخصين على الأقل وأجبرت آلاف السكان على إخلاء منازلهم.
وفي ألبانيا، إحدى أكثر الدول تضررًا، يكافح عناصر الإطفاء حرائق، فيما سمحت الأحوال الجوية والجهود المبذولة بالسيطرة على حرائق غابات كبرى في مونتينيغرو المجاورة.
إيطاليا وفرنسا وبريطانيا
وما زالت إيطاليا تشهد موجة حرّ، لكنها نجت نسبيًا من الحرائق هذا الصيف، علمًا أن 16 مدينة، بينها روما والبندقية، وُضعت في حال تأهب قصوى. ويتوقع أن ترتفع الحرارة في فلورنسا إلى 39 درجة مئوية، وفي ميلانو إلى 38.
ولم تسلم إنجلترا من الحرائق، وخصوصًا في منطقة يوركشاير شمالًا، على امتداد نحو خمسة كيلومترات مربعة.
وضربت موجة حرّ شديدة فرنسا لليوم السابع على التوالي.
“بلا كلل”
أكد الاتحاد الأوروبي، الخميس، أنه يعمل “بلا كلل” لمساعدة الدول التي تواجه حرائق ضخمة جدًا هذا الصيف، مثل اليونان وإسبانيا وبلغاريا.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، إيفا هرنسيروفا: “نعمل بلا كلل لمساعدة الدول المتضررة” عبر الآلية الأوروبية للحماية المدنية.
وتتولى بروكسل مسؤولية تنسيق المساعدات بين الدول الأعضاء في هذا الشأن، وآخر مثال على ذلك إرسال فرنسا طائرتي “كانادير” إلى إسبانيا، الخميس، لتعزيز جهود مكافحة الحرائق.
وأوضحت هرنسيروفا أن “الدول الأعضاء الأخرى تعرض مساعدتها، ونحن نغطي تكاليف هذه العمليات”.
وبيّنت المفوضية أن الطائرات متمركزة “في كل أنحاء أوروبا” ويمكنها التوجه “أينما دعت الحاجة إلى وجودها”. وتُدار هذه العمليات من مركز أزمات في بروكسل.
وأكدت المفوضية الأوروبية أن آلية الحماية المدنية فُعِّلت 16 مرة منذ بداية موسم الحرائقp