المديريات الجهوية للضرائب تفحص فواتير إعادة تهيئة مقرات مقاولات

علمت جريدة النهار أن عناصر المراقبة بالمديريات الجهوية للضرائب انتقلوا إلى السرعة القصوى، بناء على توجيهات من المصالح المركزية، في تنفيذ عمليات افتحاص نوعية لحسابات شركات صرحت بأشغال تهيئة وصيانة وهمية داخل مقراتها في ما يشبه “عمليات تجميل” دأبت هذه الوحدات على إجرائها سنويا بهدف التملص الضريبي عبر تضخيم التكاليف في التصريحات الجبائية، موضحة أن المعطيات الأولية عن عمليات التدقيق الجارية كشفت استعانة الشركات المعنية بمقاولات صغرى، ارتبطت معها بعلاقات مشبوهة، لإصدار فواتير مبالغ فيها دون وجود أشغال حقيقية.

وأفادت مصادر جيدة الاطلاع بأن معطيات دقيقة واردة من مصلحة تحليل المخاطر والبرمجة، التابعة لقيم التحقيقات وتثمين المعطيات والبرمجة لدى المديرية العامة للضرائب، وجهت مهام الافتحاص الجارية من قبل عناصر المراقبة نحو التثبت من صحة فواتير مضمنة في تصريحات الشركات المشتبه فيها، بعد التوصل بمعلومات حول استغلال مقاولات أنشأها أقارب أو شركاء لأصحاب الشركات الكبرى في إصدار فواتير مزورة، مؤكدة أن النظام المعلوماتي للإدارة الجبائية رصد مؤشرات تملص وتهرب ضريبيين من خلال تحليل البيانات والتقاطعات المشبوهة، ما دفع إلى توسيع دائرة التدقيق الميداني ليشمل عشرات الشركات، في سياق توثيق خصومات ضريبية كبيرة تم احتسابها بناء على نفقات مزيفة.

إعلان المديريات الجهوية للضرائب تفحص فواتير إعادة تهيئة مقرات مقاولات

وأكدت المصادر نفسها تزايد شكوك المراقبين بشأن تورط شركات في استغلال أشغال تهيئة متكررة من اجل تضخيم نفقات والتملص من أداء مستحقات جبائية، بعد اعتمادها بشكل متواتر على مقاولات بعينها من أجل تنفيذ هذه الأشغال، ولجوئها خلال فترة معينة من السنة إلى التعاقد مع وحدات صغرى أو متوسطة لإنجاز أشغال صيانة وهمية، بهدف الحصول على فواتير جرى تضخيمها سلفا لغاية إرفاقها بالتصريحات الجبائية، وذلك لتقليص الأرباح المصرح بها، وبالتالي تخفيض الضريبة المستحقة، مشددة على أن التحريات الجارية ركزت على ارتباطات الشركات موضوع التدقيق مع وحدات صغرى أُحدثت لغرض تبرير وفوترة خدمات صورية تحت الطلب باستعمال رقم تعريفها الضريبي الموحد (ICE)، ما مكنها من إصدار فواتير مقبولة من طرف إدارة الضرائب، باعتبار أن هذه الأخيرة لا تعترف بالفواتير التي لا تتضمن هذا التعريف، مع الحرص على سلامة الوضعية الجبائية لهذه الوحدات، بما يجعل فواتيرها قابلة للخصم قبل إخضاع النتيجة الصافية للضريبة.

ووفقا لمقتضيات المدونة العامة للضرائب، تُسجَّل تكاليف الأشغال المتعلقة بالتهيئة أو الأشغال الكبرى كنفقات استثمارية (أصول ثابتة) إذا كانت تحسن من قيمة الأصل أو تطيل عمره الإنتاجي، وذلك استنادا إلى المادتين 10 و11، حيث تحدد الأولى شروط خصم التكاليف الضرورية للاستغلال، والثانية تنص على وجوب اعتماد نظام الإهلاك عند تثبيت التكاليف. أما الأشغال البسيطة أو الصيانة الدورية، فيمكن تسجيلها كتكاليف تشغيلية قابلة للخصم إذا لم تحدث تغييرا جوهريا في الأصل. وفي حال إنجاز الأشغال في عقار مكتَرى، يمكن تسجيلها كتثبيتات على ممتلكات الغير وإخضاعها للإهلاك حسب مدة الانتفاع، فيما تلزم المادة 145 من المدونة الشركة بالاحتفاظ بجميع الوثائق التبريرية (فواتير وعقود وتقارير تقنية…)؛ إذ تعتمد مديرية الضرائب على هذه الوثائق لإثبات مشروعية الخصم، ويمكنها إعادة تصنيف بعض التكاليف كاستثمارات إذا لم تبرر بشكل كاف.

وكشفت مصادر جريدة النهار عزم مراقبي الضرائب الانتقال من مسطرة المراقبة على الورق إلى المراقبة الميدانية (Contrôle sur place)، وذلك في سياق التحقق من مدى واقعية أشغالٍ للتهيئة والصيانة ربطت بين شركات كبرى ووحدات صغرى، خصوصا بعد ورود معلومات حول الوضعية الجبائية والمحاسبية لهذه الوحدات؛ إذ تتعامل فقط مع الشركات المذكورة، ولا تتوفر على زبائن آخرين، ما يعزز الشكوك بشأن غايات إحداثها وأهدافها.

وشددت المصادر ذاتها على أن عمليات الافتحاص الجارية يرتقب أن يترتب عنها إحالة ملفات شركات متورطة في إنتاج فواتير مزورة على النيابة العامة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية المعمول بها في مثل هذه الحالات.

زر الذهاب إلى الأعلى