
المؤسسات التعليمية بالمغرب تستعد لاستقبال مسار جديد لتخصص الكرة
تستعد عدد من المؤسسات التعليمية الثانوية الإعدادية والتأهيلية بالمغرب لاستقبال مسار جديد لتخصص كرة القدم، انطلاقا من الموسم الدراسي المقبل، بعدما أهابت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بمدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين اتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لإحداثه.
وطلب عبد السلام ميلي، مدير مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، من المسؤولين التربويين أنفسهم، في مراسلة توصلت بها جريدة النهار، “اتخاذ الإجراءات الإدارية والتنظيمية اللازمة من أجل إحداث هذه المسارات (“رياضة ودراسة”- تخصص كرة القدم) في المؤسسات التعليمية المعنية”.
ويندرج هذا القرار، وفق المراسلة ذاتها، “في إطار التعاون القائم بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والمكتب الشريف للفوسفاط، والرامي إلى تجويد وتوسيع قاعدة مسالك ومسارات “رياضة ودراسة”- تخصص كرة القدم، المزمع انطلاقها ابتداء من الموسم الدراسي 2026/2025″.
و”نظرا لما يميز هذا المشروع من تكامل الجهود وحرص مشترك على توفير شروط النجاح التربوي والرياضي الفائدة التلميذات والتلاميذ المستفيدين”، التمس ميلي من مديري الأكاديميات الجهوية “التنسيق مع الأندية المحلية الرياضية المذكورة (..) لضمان انطلاق هذه المسارات في أحسن الظروف، مع تزويد مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية بمخرجات الاجتماعات وبجميع المقتضيات التنظيمية والتربوية ذات الصلة”.
ويستهدف مشروع “دراسة ورياضة”- تخصص كرة القدم، وفق البطاقة التقنية التي طالعتها الجريدة، التلميذات والتلاميذ الرياضيين (فئات U13 إلى U18) بالثانويات الإعدادية والتأهيلية. ويروم “التوفيق بين التكوين الدراسي والرياضي”، و”ضمان الرعاية البيداغوجية والاجتماعية للرياضيين الناشئين”.
وبشأن التنظيم الزمني في التخصص الجديد، الذي سيوفر لمن سيتابعون دراستهم به النقل وكذلك الإيواء والتغذية، فقد اقترحت المديرية أن تمتد الدراسة النظرية من 8 صباحا حتى 12 أو 13 زوالا، على أن تبرمج الحصص التطبيقية، أي الخاصة بالتداريب، ما بين الثانية والنصف والرابعة والنصف زولا.
وتتوزع المؤسسات الإعدادية والتأهيلية المستفيدة، وفق ما طالعت جريدة النهار، على مدن طنجة والرباط والدار البيضاء وبنجرير ومراكش وبني ملال وخريبكة، إلى جانب الرباط والسعيدية وسلا وتمارة ومكناس وفاس وبركان وتطوان والجديدة وآسفي والزمامرة.
وعقّب رضوان الرمتي، فاعل تربوي وممثل المتصرفين التربويين بوزارة التربية الوطنية، على الخطوة المذكورة، بالقول إن”الوزارة تحاول جعل التلاميذ، خصوصا العاشقين لرياضة كرة القدم والموهوبين بها، أن يوازنوا بين مستقبلهم الدراسي والرياضي، بالنظر إلى أن مسار التلميذ في هذه الرياضة ربما يصل منعطفا مسدودا، فعلى الأقل يجب ألا يكون عندئذ قد أضاع دراسته”.
واستحضر الرمتي، في تصريح لجريدة النهار، أنه “في كثير من الأحيان يضطر التلميذ إلى التفريط في دراسته للتفرغ لتحقيق حلم لعب كرة القدم في الأندية الوطنية وغيرها”، مضيفا أن “هذه الرياضة باتت تحظى بشعبية لافتة لدى جميع التلاميذ بصرف النظر عن الفئة المجتمعية والوضع المادي للأسرة”.
وأشار إلى أن القرار المذكور يأتي في سياق انكباب المغرب على تعزيز تموقعه في ميدان الساحرة المستديرة، من خلال استضافة عدة تظاهرات دولية وقارية، على رأسها كأس العالم 2030، وكأس إفريقيا للأمم 2025.
فيما يرى مولاي عبد العزيز البلغيتي، محلل رياضي، أن “إحداث مسار رياضة ودراسة- تخصص كرة القدمة يعد خطوة جيدة من أجل ترسيخ الجانب الأكاديمي والعلمي للناشئة في كرة القدم بما يضمن اكتشاف أكبر عدد ممكن من المواهب المغربية الفتية في ميدان هذه الرياضة”.
ولفت البلغيتي، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “المدرسة العمومية تظل الحاصنة الكبرى لمواهب كرة القدم وتفريخها”، مشيرا إلى أنه “يجب في هذا الصدد مواكبة هذه المدرسة للعصر ولكل الإنجازات التي حققها المغرب في هذه الرياضة، لعلّ أبرزها بلوغ المنتخب الوطني منتصف نهائي كأس العالم قطر 2022”.
واستحضر المحلل الرياضي ذاته “إطلاق الجامعة الملكية المغربية، بمعية المكتب الشريف للفوسفاط، برنامجا لتكوين الناشئة أقل من 17 عاما، على مستوى أكاديميات الأندية الاحترافية الكبرى بالمغرب”، مبرزا أن “المشروع الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية سيكون موازيا لهذا البرنامج”.
كما ذكّر بأن “كرة القدم تظل اللعبة الأكبر شعبية في العالم، كما في المغرب تحديدا”، موضحا أن “التكوين يبقى عاملا محوريا في جودة الأداء فيها، ولعل أكبر تأكيد على ذلك ما يقدمه عدد من اللاعبين المغاربة في أندية أوروبية، الذين كانوا نتاج تكوينها”. وأشار في هذا الصدد إلى “أشرف حكيمي وإلياس الزلزولي وغيرهما كثير”.