سخانات المياه الغازية تحصد الأرواح نتيجة سلوكيات المواطنين الخاطئة

سخانات المياه الغازية تحصد الأرواح نتيجة سلوكيات المواطنين الخاطئة
حجم الخط:

في أقل من أسبوع لفظ خمسة أشخاص على الصعيد الوطني أنفاسهم الأخيرة نتيجة الاختناق أثناء الاستحمام، حيث أودى سخان المياه الغازي بحياة ثلاثة أطفال من أسرة واحدة بمدينة بنجرير بينما أرسل والداهم إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي للمدينة في حالة خطرة، في حين لقي شخص وطفله الرضيع حتفيهما بمدينة طنجة ونقلت الأم على وجه السرعة إلى قسم الإنعاش، بسبب استنشاقهم للغاز المسرب من جهاز التسخين.

حوادث الاختناق والإغماء بفعل سخانات المياه الغازية يكثر تسجيلها خلال فترة الشتاء، والتي يمكن أن تفضي أحيانا إلى الموت إذا لم يتم تدارك الأمر وإنقاذ الضحايا في الوقت المناسب، وذلك راجع حسب المختصين إلى السلوكيات الخاطئة للمواطنين في استعمالاتهم لأجهزة التسخين والتدفئة التي تعمل بغاز البوتان، وعدم أخذهم الحيطة والحذر عند اقتناء هذه الأجهزة وتركيبها داخل المنزل تجنبا لتسرب الغاز السام أثناء الاستحمام.
وحسب الخبراء في المجال، فإن الاعتقاد السائد لدى معظم الناس فإن الاختناق يحدث نتيجة تسرب غاز البوتان مع مياه الاستحمام، وهو اعتقاد خاطئ، حيث يؤكدون أن السبب وراء ذلك يحدث نتيجة نقص كميات الأوكسجين داخل الحمام دون وجود مجال للتهوية مما يزيد من نسبة غاز أحادي أكسيد الكربون الذي ينتج عن عملية الاحتراق، وهو غاز سام عديم الرائحة يؤثر على الجهاز العصبي ويحدث ارتخاء في العضلات ثم إغماء ويعرض الضحية للتسمم عند استنشاقه بكميات كبيرة ويحل محل الأوكسجين بالدم، وقد تنتج عن ذلك الوفاة إذا لم يتم إسعافه في وقت وجيز.
ويرى حسن آيت علي، رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، أن العوامل المساهمة في تسرب الغاز السام والتسبب في وقوع حوادث مميتة، تتجلى في اقتناء العائلة لأجهزة التدفئة أو لتسخين المياه المقلدة والمفتقرة لعناصر السلامة والتي يتم عادة اختيارها بسبب سعرها المنخفض، وكذا الترصيص الرديئ حيث يتم إسناد مهمة تركيب السخان في أغلب الأحيان لغير المختصين من منعدمي الخبرة في المجال.
كما أن عدم تهوية الحمامات والغرف وإغلاق منافذ التهوية من منطلق الإبقاء على المنزل دافئا وعدم خروج الغاز المحترق، تساهم في حدوث حالات الاختناق والتسمم بغاز أحادي أكسيد الكربون، إلى جانب تهاون وعدم حرص المواطنين على حياتهم عندما يتعلق الأمر بأساليب وقواعد السلامة، يشير علي آيت حسن في تصريحه لـ”الصحراء المغربية”.
ولتجنب هذه الحوادث الخطيرة، يوصي رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، بضرورة توفير منافذ مناسبة للتهوية عند استخدام أجهزة التدفئة وتسخين المياه التي تعمل بالغاز، وتهوية المنزل أكثر من مرة في اليوم بهدف تجديد الهواء ومنع انتشار غاز أحادي أوكسيد الكربون المنبعث من عملية الاحتراق عند تشغيل هذه الأجهزة، مؤكدا على ضرورة تثبيت أجهزة الكشف عن هذا الغاز السام داخل البيت لمعرفة التسربات عند حدوثها.
ودعا المتحدث ذاته المستهلكين إلى التأكد من سلامة أجهزة التدفئة عند إعادة استعمالها، والتحقق من حالتها بمساعدة مهني مختص في المجال مع مراعاة مطابقتها للمعايير الدولية وتوفرها على شهادة مطابقة مقدمة من قبل هيئة معتمدة، وأكد على ضرورة احتواء المدفآت وأجهزة تسخين المياه على قناة لإخراج غاز أحادي أكسيد الكربون وهو ما تفتقر إليه الأجهزة المقلدة القادمة من بعض الدول، إلى جانب توفرها على قاطع أوتوماتيكي يعمل على قطع الغاز مباشرة بعد حدوث خلل في التهوية أو تسرب للغاز.
وبخصوص تركيب أجهزة تسخين المياه الغازية، طالب حسن آيت علي في تصريحه لـ”الصحراء المغربية” بضرورة اتباع شروط السلامة عند تزويد حمام البيت بسخانات المياه، والحرص على تركيبه من طرف مهني مختص، مع التحقق من أهلية الحرفي المختص في الترصيص الصحي، والتأكد من حيازته على شهادة معتمدة في مجال الترصيص الصحي، من طرف معهد متخصص في المجال، أو التواصل مع مصالح غرفة الصناعة أو المؤسسات المختصة للحصول على معلومات حول عناوين أمهر الحرفيين في مجال الترصيص الصحي.
وأكد رئيس المرصد على ضرورة الحرص على اقتناء أجهزة للتدفئة أو تسخين المياه المرفوقة بوثائق الضمان من لدن الموزعين المعتمدين للعلامات المعروفة والمرخص لها من قبل الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة التجارة، وتجنب شراء أجهزة قديمة ومستعملة، وإذا كان لا بد من ذلك، يجب أن يتم إخضاعها لعمليات صيانة من طرف حرفي مختص، لتجنب حصد مزيد من الأرواح نتيجة ممارسات خاطئة في تركيب وتشغيل أجهزة التسخين المعتمدة على غاز البوتان.

 

أسماء إزواون