لاتزال عائلة الشاب الذي لقي حتفه غرقا مساء الخميس الماضي بنهر سبو بمنطقة ولاد برجال بالقنيطرة، تنتظر أن يلفظ النهر جثته بعدما يئست من محاولة فرق الوقاية المدنية البحث عن جثته وانتشالها بعد مرور أزيد من أربعة أيام على وقوع الحادث.
وكان الشاب ذو الثامنة عشرة ربيعا على متن مركب تقليدي بمعية صديق له في رحلة لالتقاط صور بالمنتزه الطبيعي قبل أن تجرف مياه النهر القارب بعيدا عن الضفة، فقام الضحية بالقفز محاولا العودة إلى الشط سباحة، إلا أن مياه النهر خطفته واختفى عن الأنظار، يقول والد الهالك في تصريحه لـ “الصحراء المغربية”.
وأكد أب الغريق أنه فور علمه بحادثة الغرق في حدود الساعة السادسة مساء ربط الاتصال بالدرك الملكي وبمصلحة الوقاية المدنية التي انتقلت إلى عين المكان وباشرت عملية البحث عن جثة الشاب ولم تتمكن من العثور عليها، كما أن غطاسا محترفا قام بعملية تمشيطية بالواد ليلة الأحد وباءت هي كذلك بالفشل، مطالبا في هذا الصدد السلطات بتكثيف حملاتها للعثور على جثة ابنه الفقيد، التي من المرجح أن تكون مياه النهر قد جرفتها بعيدا عن مكان الغرق، وهو ما خلف حزنا عميقا في نفسيته ولدى أسرته وأبناء حي الخبازة الذي يتحدر منه.
هذا الحادث المأساوي الذي راح ضحيته شاب في مقتبل العمر أعاد إلى الواجهة عشوائية المراكب الترفيهية التي تنتشر في ضفتي نهر سبو، وعدم توفرها على وسائل الحماية ضد أي انقلاب محتمل، وغياب المراقبة الأمنية على هذه المراكب التي تنتعش من العمل خارج القانون وتتسبب بين الفينة والأخرى في حدوث كوارث يروح ضحيتها الأبرياء، فضلا عن الوضعية المزرية لضفتي الوادي خاصة ما يطلق عليه كذبا وبهتانا “كورنيش سبو” المفتقد لأبسط معالم الصيانة والتجهيز، والذي أصبح مرتعا للسكارى وقطاع الطرق لاسيما في الفترة المسائية حيث يحج إليه سكان القنيطرة باعتباره متنفسهم الوحيد وسط المدينة للتنزه والاستجمام.
وعاينت “الصحراء المغربية” الحالة المهترئة لجوانب الواد وانعدام تام لحواجز الأمان الأمر الذي يسمح لا محالة بانزلاق المرتفقين إلى المياه وتهديد سلامتهم الشخصية، لا سيما أن مجموعة من النباتات المعشوشبة تختلط بالوحل وتخفي حافة النهر الذي يزيد عمقه عن 30 مترا، كما أن غياب الحراسة الأمنية لمراقبة المكان سهل ولوجه من قبل عدد من المنحرفين ومستهلكي المخدرات القوية الذين وجدوا فيه مكانا مناسبا لممارسة أفعالهم اللاأخلاقية ومضايقة الزوار.
كما أن بعض أرباب المراكب الترفيهية يستغلون قواربهم لمعاقرة الخمر في واضحة النهار دون حسيب ولا رقيب وهو ما عاينته “الصحراء المغربية” في جولة قامت بها بضفة “كورنيش سبو”، حيث كان أحد العاملين بهذه القوارب يحتسي النبيذ بكل أريحية بالموازاة مع نقله لزبون في رحلة استجمام بالواد، دفع مقابلها عشرة دراهم لكن استهتار صاحب المركب وقبول الزبون بذلك سيكلفه الكثير، خاصة مع توالي حوادث الانزلاق وانقلاب المراكب التي تشهدها ضفتي نهر سبو خلال الآونة الأخيرة.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر لـ”الصحراء المغربية” أن ما يقارب 20 شخصا يعملون في نقل الزبائن في رحلات استجمام عبر قوارب تقليدية مهترئة، لا ينتمون إلى أي جمعية أو تعاونية ويشتغلون في ظروف غير صحية، مقابل مبالغ تتراوح ما بين 50 و100 درهما يجنوننها من عملهم اليومي في حمل زوار الوادي على متن مراكبهم لمدة لا تزيد عن عشر دقائق.
من جهته، أشار إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إلى الوضعية الكارثية لمحيط نهر سبو من الضفتين، مؤكدا غياب وسائل الوقاية والسلامة من الغرق والحوادث رغم تعدد الحوادث المميتة، كما أن انعدام الحراسة الدائمة للنهر جعله قبلة للمنحرفين والمدمنين، مما يحرم السكان من متنفس حقيقي.
وأبرز السدراوي في تصريحه لـ “الصحراء المغربية” أن تأهيل ضفتي الوادي سيجعل منها واجهة ترفيهية مهمة بالمنطقة كما سيسمح بتوفير مناصب شغل قارة لأرباب المراكب من خلال إعادة تهيئة القوارب وتزويدها بوسائل الوقاية والسلامة، ولم لا جلب مستثمرين مغاربة أو أجانب لتنمية حقيقية تراعي البعد البيئي وجمالية المنطقة التي تتعرض لتدمير ممنهج، حسب قوله.
وأشار رئيس المنظمة الحقوقية إلى غياب أماكن ترفيهية وملاعب موجهة للأطفال والقاصرين والشباب بالقنيطرة، في الوقت الذي تقدم ملاعب القرب خدماتها بمبالغ باهظة مما يحرم العديد من سكان القنيطرة من الاستفادة منها، فضلا عن الأندية والمدارس الرياضية التي أصبحت مجموعة منها مشاريع للربح رغم استفادتها من أراض بأثمنة رمزية، وفقا لتعبيره.
أسماء ازواون
