باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية

باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية
حجم الخط:

حاول باحثون بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية برحاب أكاديمية المملكة، مساء الأربعاء، بسط موضوع “الترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية” خلال السنوات الأخيرة بعد الدسترة والمناهج التي يعتمدها “إيركام” في ذلك، إلى جانب الإكراهات التي تحول دون تسريع العملية على الرغم من “الاعتراف السياسي والقانوني”.

وتمحورت تدخلات المشاركين ضمن هذا اليوم الدراسي، الذي جرى تنظيمه بشراكة بين المعهد والهيئة العليا للترجمة التابعة لأكاديمية المملكة، حول الأبعاد العلمية لهذا النوع من الترجمة والتحديات التي تواجهه، وحصيلة المعهد خلال السنوات الأخيرة التي تلت الدسترة وإصدار القانون التنظيمي رقم 26.16 الذي أكد على ورش الترجمة كأحد الأهداف المهمة التي وضع لها آجالا زمنية محددة ما بين 5 و15 سنة.

باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية

وأقر الباحثون بـ”خصوصية اللغة الأمازيغية في مجال الترجمة منها وإليها لاعتبارات موضوعية تتعلق بندرة المعاجم العامة والمتخصصة، وضرورات التكييف بين المتغيِّر والمعياري من الألفاظ والمزج بين المحلي والعام من اللسان”، وأكدوا “ارتباط الترجمة بالإنسان والفكر الأمازيغي منذ البداية”، لافتين إلى “ضرورة تسريع هذا الورش بالاحتكام إلى منصوص القانون التنظيمي سالف الذكر”.

منهجية دقيقة

البداية كانت مع ادريس أزضوض، مدير بحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي أسهب في شرح العلاقة بين الأمازيغية والأمازيغ والترجمة، حيث اعتبر هذه الأخيرة “مرتبطة أساسا بفكر الإنسان الأمازيغي الذي قام بترجمة عدد من النصوص فيما سبق؛ فالترجمة في عموميتها فضاء للتمازج بين منظومتين لغويتين ومنظومتين ثقافيتين فأكثر”.

باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية

وذكر أزضوض في معرض مداخلته أن “المعهد الملكي في إطار عمله على إدراج اللغة الأمازيغية في مناحي الحياة العامة، اعتمد على منهجية مركبة تعتمد على تهيئة اللغة أولا وتوفير القواميس والمعاجم الاصطلاحية الخاصة بها وتحضير دعاماتها البيداغوجية والتربوية”، ذاكرا أن “المعهد يفرق بين الترجمة للخدمة والترجمة الآنية والترجمة الأكاديمية”.

ماضيا في بسط منهجية المعهد في الترجمة، لفت المتدخل إلى أنه “يتم في البداية اختيار المؤلفات التي تستوفي شروط الترجمة والتي يجب أن تكون ذات قيمة مضافة للغة والثقافة الأمازيغيتين، قبل أن يُحال المؤلَّف على لجنة من الخبراء، ثم تأتي مرحلة المراجعة والتدقيق ثم النشر”.

باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية

في الحاجة إلى جهود إضافية

محمد لعضيمات، أستاذ باحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ركز في مداخلته على بسط الخصائص اللغوية والتشريعية للغة الأمازيغية التي تعد، بحسبه، “ذات وضع اعتباري وتبقى حيوية وشفوية حاولت مقتضياتُ الترسيم نقلها إلى عالم الكتابة بما يعطيها قيمة مضافة، وهو ما عمل عليه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من خلال تهيئة معاجم متخصصة وقطاعية والشروع في ورش حوسبة اللغة…”.

وأكد لعضيمات أن “الترجمة مرتبطةٌ في الأساس بالأمازيغي منذ القدم، إذ كان في وقت سابق ينزع نحو ترجمة العربية إلى الأمازيغية باعتماد الحرف العربي، خصوصا في المجال الديني كما حدث مع الجشتيمي وأزناك والجرسيفي والدرقاوي والمختار السوسي وآخرين”، مشيرا إلى “وجود خصاص في المعجم الأمازيغي العام والمتخصص كذلك بالنظر إلى كثرة الاقتراض من اللغات الأخرى، وهو ما يؤثر على عملية الترجمة بغض النظر عن وجود جهود لاستعادة الفَقْدِ والمعجم الأصلي”.

باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية

الدكتور في الترجمة عاد ليشير إلى أن “من خصائص هذه اللغة إحداثُ التفاوض بين متغيراتها من أجل إنجاز ترجمات مُمَعْيَرة عبر استعمال اللغوية العامة عوضا عن النطق المحلي؛ فالترجمة تبقى وسيلة لإعادة الاعتبار لهذه اللغة والاستثمار فيها باعتماد تقنيات، بما فيها الإبدال والتعديل في الترجمة والتحويل في الصياغة والكتابة والتكافؤ الدينامي والابتعاد عن النسخ، خصوصا في الترجمة القانونية التي لا تعطي مساحة كبيرة لإنجاز ترجمة مفتوحة، إلى جانب تقنيتيْ الحذف والإضافة”.

وبعدما استفاض في الجانب اللغوي للأمازيغية، عاد لعضيمات ليبسط المقتضيات التشريعية التي تتمثل أساسا في القانون التنظيمي 17.51، فبحسبه، ” أحال النص القانوني ذاته على خمس سنوات كأجل لاعتماد الترجمة في عدد من مجالات الحياة العامة، وقد تم النجاح في ذلك في بعض المناحي كجلسات البرلمان، في حين ننتظر ترجمة الجريدة الرسمية والخطب الملكية والتصريحات الرسمية إلى الأمازيغية شفويا، وهي تدابير خَصّص لها المشرع 15 سنة كأجل قانوني، إلى جانب تدابير أخرى كاستعمال الأمازيغية في الوثائق الإدارية التي تهم المواطنين، ولعل أهم المجالات التي تنتظر تفعيل الترجمة فيها هو المجال القضائي”.

باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية

المعهد يهتم بورش الترجمة

من موقعها كباحثة مساعدة بقسم الترجمة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، قالت سميرة الكولالي إن “مثل هذه اللقاءات تؤكد خيار “إيركام” الانفتاح على محيطه والتعاون مع المؤسسات التي تهتم بموضوع الترجمة، في وقت تمكن المعهد من أن يخطو خطوات في مجال الترجمة خلال السنوات الماضية”.

وهي تستعرض الحصيلة، ذكرت الكولالي أن “المعهد قام بإصدار ترجمات عدة إلى الأمازيغية في البداية، حيث وصلنا اليوم إلى 72 إصدارا عبارة عن ترجمات و4 كتب عبارة عن ندوات، في حين ما تزال الوتيرة مستمرة بوجود أعمالٍ قيد النشر والتدقيق”، مضيفة: “فيما يتعلق بالمنهجية، فإن هناك أعمالا تتم ترجمتها بالتعاقد مع مترجمين من خارج المؤسسة، وأخرى تتم في إطار برنامج العمل السنوي للمعهد”.

باحثون يجردون بأكاديمية المملكة إكراهات تسريع الترجمة من وإلى الأمازيغية

ولفتت المتحدثة إلى أن “كل مترجم يكون مطالبا بإنجاز ترجمة عمل كل سنة، ينضاف إلى أعمال تعاقدية من خلال اختيار كتاب أو مجال معين وفتح الفرصة أمام ترشيحات المترجمين، في وقت هناك كذلك أعمال يتم التوصل بها والبت في جودتها قبل إحالتها على النشر”، مبرزة “انكباب المعهد على تكوين تراجمة بمساعدة الحاسوب وبرنامج (الترَادُوسْ)، فضلا عن استقبال المتدربين الطلبة من دارسي الترجمة وتدريبهم لفترة معينة”.