أسماء المرابط: مشكل الإرث ليس دينيا

أسماء المرابط: مشكل الإرث ليس دينيا
حجم الخط:

تحدثت الباحثة المغربية أسماء المرابط، عن الجدل الحالي بشأن مدونة الأسرة والسجال المطروح بين من يوصفون بالإسلاميين والحداثيين.

وخلال درس ألقته أثناء تنصيبها عضوا مقيما بأكاديمية المملكة المغربية، بعنوان “الأسرة وأزمة القيم: بين حقوق الإنسان الكونية والمرجعية الدينية”، تطرقت المرابط لعدد من النقاط التي تطرح الجدل أثناء نقاش تعديل مدونة الأسرة بالمغرب، قائلة: “يجب أن نعيد قراءة الفقرات الخاصة برمزية الإرث هذه، بحسب روحها، والأغراض الأساسية لها، وهي المطالبة بالعدالة”.

وأضافت المفكرة المغربية أن “المطالبة بهذا الهدف اليوم لا تعني المساس بقدسية القرآن، بل تعني التحرك في الاتجاه المتطور لأخلاقيات العدالة والإنصاف”، موضحة أن “النصوص المقدسة توفر لنا مساحات مذهلة للتفسير، ولسياق كبير لكل عصر. إن الأخلاقيات الأساسية هي نفسها دائمًا: العدالة والإنصاف، مهما كان السياق”.

واعتبرت العضو المقيم بأكاديمية المملكة المغربية أن مشكل الإرث “لا يرتبط بمشكل ديني لا يمكن التغلب عليه، بل بمسألة تظل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقوة الاقتصادية للرجال”.

وعلقت المرابط على التجاذب الحاصل بين المحافظين والحداثيين حول مدونة الأسرة قائلة: “هذا الانقسام المجتمعي، المتكرر والأبدي، بين الحداثيين والمحافظين، ينجم عن خيال اجتماعي راسخ في العقليات التي عارضت لفترة طويلة جدًا حقوق الإنسان العالمية بمرجعيات ملتوية”، وأضافت: “مع ذلك، فإن الاختلافات في أي نقاش في المجتمع الديمقراطي هي ببساطة طبيعية ومشروعة”.

وأشارت المتحدثة إلى أن ما يعوق النقاش “هو الاستغلال الأيديولوجي الطوعي أو غير الطوعي للدين”، موردة أن “الشباب المغربي اليوم تائه تماما في كل المرجعيات، إذ فقد الاتجاه، خاصة أمام الصمت المطبق لجميع مؤسساتنا الدينية الرسمية تقريبًا، التي تظل للأسف غائبة عن النقاش المجتمعي”.

وقالت إن “القرآن، كنص مقدس، له رؤية عالمية متماسكة، وتعاليم عقائدية وأخلاقية وقانونية مترابطة ارتباطا وثيقا، وإننا لا نستطيع فصل رؤيته الأخلاقية عن بعدها القانوني المعياري كما تفعل القراءة السائدة اليوم”.

وأشارت المرابط إلى أن “مصطلح المساواة رغم أنه غير مذكور في النص القرآني لكن روحه وترجمته ومعناه الفلسفي حاضرة وأحيانا بشكل واضح، وفق فئات مفاهيمية مساواتية تم تجاهلها أو تهميشها طوعا أو كرها من قبل المفسرين”.

ومن ضمن هذه المفاهيم، ذكرت المرابط “المساواة في خلق الإنسان، المرأة والرجل، خلقا من نفس واحدة”، ثم “المساواة كمعيار لتقييم الرجل والمرأة”، وقالت: “يقوم النص بتقييم الرجال والنساء أولاً وقبل كل شيء على إنسانيتهم، معايير التقييم هذه تكون على أساس أعمالهم الصالحة: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى… أساس آخر للتقييم هو النزاهة الأخلاقية: إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.

وأبرزت أن المساواة في القرآن تظهر أيضا في التمثل الاجتماعي والسياسي الجماعي “كما ورد في هذه الآية الجميلة جداً التي تم تهميشها أيضاً: المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض”.

وتحدثت المرابط أيضا عن الاستقلال في إطار الزواج، مبرزة أنه بينما “في الفقه يتم تعريف الزواج بعبارات مثل المتعة، التمكين، الطاعة وسلطة الزوج. نجد أن القرآن يصف الزواج بكلمات مغايرة: الميثاق الغليظ، مشروط بمبادئ أخلاقية: المعروف، التشاور، التراضي، الإحسان، الفضل، المودة والرحمة…”.