“جوائز الكاف” تتوّج سنة كروية مغربية حافلة بالإنجازات .. هذه أبعاد ودلالات

في ليلة كروية قارية بامتياز، جمعت فيها “المدينة الحمراء” شتات العديد من مشاهير الرياضة والفن والموسيقى، من بينهم 36 لاعبا دولياً سابقاً من أساطير كرة القدم الإفريقية، وعدد من نجوم الكرة المغربية، كان “النموذج المغربي” مُلهماً لباقي دول القارة، للاحتفاء بسنة إنجازات كروية غير مسبوقة.

هذا الإلهام لم يغب عن كلمة ألقاها رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، عقب تسليم جائزة أفضل منتخب إفريقي للذكور لكرة القدم للمنتخب الوطني المغربي، خلال الحفل السنوي لتسليم الجوائز الذي أقامته الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (كاف)، مسجلا أن “كرة القدم المغربية تُلهم البلدان الإفريقية التي يمكنها أن تحلم بالفوز بكأس العالم”، ومُعتبرا أن “الطموح صار مشروعاً لهذه الدول”، في إشارة واضح إلى “ملحمة كروية سطّرها المنتخب الأول بقيادة الركراكي (قبل عام بالتّمام) في مونديال قطر 2022”.

وبصم نجوم كرة القدم المغاربة، كالمدرب الوطني وليد الركراكي، وياسين بونو، حارس عرين “أسود الأطلس”، مع نجوم عدد من الفئات السِّنية، ونجمات كرة القدم النسوية، على حضور بارز، حاجزين مكانا لهم على “منصة تتويج الكاف”. إلا أن عددا من التعليقات انبرَت بعد الحفل مُقدّرة أن “الإنجازات تستحق نيل أكبر عدد من التتويجات”.

“تتويج مُنصف ولوْ كنا نستحق أكثر”

إدريس عبيس، إطار وطني مغربي وخريج معهد تكوين أطر الشبيبة والرياضة، قال معلقا على الموضوع إن “تتويج منتخب المغرب الأول كأحسن منتخب قاري إفريقي جاء مُنصفا”، لأنه “خلال السنة كلها لم تتوفر المعايير في أي منتخب آخر ليظفر بهذه الجائزة تحديدا”.

وسجل عبيس، في إفادات تحليلية لجريدة جريدة النهار، أن “سُلّم المعايير والتنقيط المعتمد لدى مسيّري ‘الكاف’ ينبني أساسا على حجم الإنجازات واستحقاق التتويج بناء على البطولات العالمية، ثم بين القارات، فتلك التي احتضنتها القارة الإفريقية، أي بالتدريج”، معتبرا أن “المغرب كان يستحق أكثر فعلاً، لكن هناك موازنات تنقيطية لدى الاتحاد القاري المانح لهذه الجوائز وفق تقدير معيّن”.

وسجل الإطار الوطني في كرة القدم أن “معطيات أخرى لم يَبُح بها بعدُ الاتحاد القاري حول مضامين شبكة التقييم والتنقيط التي اعتُمدت في نسخة هذه السنة من ‘CAF AWARDS’، كما أن من المفترض أن تتوفر لجنة التنقيط المنتدبة للتصويت النهائي على معرفة دولية واسعة ومعمقة…”، وزاد: “عموما هناك تفاصيل تحسِمُ هذه النوعية من التتويجات، أبرزها تحديد البروفايلات ونوعيتها لإعطاء الصوت وتحكيم الجوائز نهائياً”.

استضافة الحفل.. “الفوز الأكبر”

“الفوز الأكبر هو استضافة الحفل الذي تضمّن مجموعة مؤشرات دالة”، بحسب عبيس، الذي رأى أنها “تعكس ثقة كبيرة وصدًى طيباً لدى المغرب بين المؤسسات الدولية في المجال الرياضي خصوصاً”، معتبرا أن “إنجاح حفل جوائز ‘الكاف’ بمراكش سيكون له صدى في تنظيم محافل كروية ورياضية لاحقة ستزيد من رسوخ صورة المغرب العالمية”.

الإطار الكروي الوطني ذاته أورد في معرض تصريحه أن “توفير الأمن واللوجستيك والمناخ العام لتنظيم الاحتفاء بنجوم الكرة الإفريقية، مع ضمان مواكبة إعلامية قارياً ودولياَ تستتبع حضورا شخصيا لعشرات النجوم، كلها مقومات ترسخ هذه الصورة المغربية المشرقة في أذهان العالم، بعدما نجحت المملكة في استضافة تظاهرات عالمية وسهرت على حسن تنظيمها الأمثل في مجالات غير رياضية أيضا”.

“المغرب حاضر في خريطة تنظيم التظاهرات والملتقيات العالمية والقارية”، يردف عبيس، مشددا على “المملكة المغربية أصبحت محط ثقة المؤسسات الدولية الرياضية، ولِمَ لا نرى تنظيم حفل جوائز ‘الفيفا’ على أرض المغرب”.

“حفل حمّالُ رسائل”

عزيز بلبودالي، خبير رياضي، يتفق مع ما أورده الإطار الوطني عَبيس، واصفاً “حفل جوائز الكاف” بـ”هائل التنظيم وذِي رسائل لا تخطئها عيون جميع المهتمين والمتابعين للشأن الكروي بالقارة السمراء، التي حضرَ نجومها إلى المغرب، وهذه أبرز الدلالات”.

وعن الجدل الذي رافق استحقاق المغاربة حصة أكبر ضمن “غنيمة الجوائز”، علّق بلبودالي: “في تقديري لم تُعط الفرصة لنجوم مغاربة وأساطير كروية قارية لتسليم الجوائز؛ وفي هذا إجحاف كبير”، وأضاف في تصريح لجريدة النهار أن “الرياضة لا تحكُمها المعايير المنطقية فحسب، فغالباً ما تُسَيّر بالأهواء”.

المغاربة “نجوم فوق العادة”

قَدّر المصرح للجريدة أن “الكرة المغربية نظيرَ عطاءاتها تستحق أن تُتوج على جميع المستويات في سنة كانت استثنائية بامتياز، مع تألق مختلف الفئات العمرية ذكورا وإناثاً”، معددا “إنجاز مونديال قطر، ثم منتخب أقل من 17 سنة، فتألق نادي سبورتينغ البيضاوي، وتحقيق المنتخب الأولمبي لتأهّل تاريخي إلى أولمبياد باريس 2024؛ فضلا عن مشاركة مشرّفة بصمت عليها أرجل ناعمة لـ’لبؤات الأطلس’ في مونديال السيدات”.

الخبير في الشأن الرياضي المغربي رصد “تكامُلا بين المستويين الجماعي والفردي في تحقيق الإنجازات التي تستحق تتويجات في مستواها”، وفق تعبيره، متأسفا لعدم حصول الزلزولي عبد الصمد على جائزة لاعب السنة الواعد، “رغم أحقيته واستحقاقه”، ومسجلا أن هناك “مقومات ومعايير تجعل من المغاربة نجوماً فوق العادة”.

وخلص بلبودالي إلى أن “حفل جوائز ‘الكاف’ طالما كان مثيراً للجدل قبل وبعد تنظيمه”، مستحضرا الجدل الذي رافق فوز ميسي أخيرا بـ”الكرة الذهبية العالمية” للمرة الثامنة، وعلّق: “يبدو أن معايير وحسابات ‘الكاف’ لها رأي آخر وتُحترم”، وخاتما بلمحة تاريخية دالة: “قبل 1975 كانت جائزة ‘الكاف’ تُمنح فقط للاعبين ذوي البشرة السوداء من دول إفريقيا جنوب الصحراء، لاسيما تلك الناطقة بالإنجليزية، فيما توسعت لاحقا لتشمل لاعبين أفارقة آخرين دونما اعتبار للغة أو اللون أو العرق”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى