لقاء يقارب القراءة في عصر الذكاء الاصطناعي

لقاء يقارب القراءة في عصر الذكاء الاصطناعي
حجم الخط:

حدث علمي وفكري احتضنه فضاء المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمدينة فاس، وجمع نخبة من رجال الصحافة والإعلام بالإعلامي والباحث في مجال الإعلام والاتصال حسن اليوسفي المغاري.

اللقاء يأتي في إطار شراكة بين الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، بتنسيق مع معهد “إيماتيك”، وهو يمثل تدشينا لموسم ثقافي جديد للشبكة حاول خلاله الملتئمون في هذا اللقاء الإجابة عن مجموعة من الأسئلة من قبيل: “هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز دور القراءة والثقافة كتحد للحفاظ على التراث الثقافي والهوية؟ وكيف يمكن الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي للارتقاء بالفعل القرائي عموما ولدى الناشئة على نحو خاص؟ وأية علاقة بين اللغة العربية والذكاء الاصطناعي؟ وهل من آثار سلبية للذكاء الاصطناعي، لاسيما في إنجاز البحوث العلمية والأكاديمية؟ وهل للتكنولوجيا مساحة من الغباء؟

في هذا الصدد أشار مسيّر اللقاء الدكتور محمد الزوهري، في مدخل مستنير، إلى ثلاث مداخلات صبت في مجملها حول علاقة الذكاء الاصطناعي بالقراءة والفعل الثقافي، مفسحا المجال للمحاضر حسن اليوسفي المغاري الذي قدم عرضا مستفيضا أثراه بصور ورسوم وبيانات.

لقاء يقارب القراءة في عصر الذكاء الاصطناعي

وشكل موضوع “الثقافة والقراءة في عصر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي” محور لقاء تفاعلي مع ضيف الشبكة، صاحب كتاب “جدلية السياسي والإعلامي في المغرب علاقة الجريدة بالحزب 1930-1996” الصادر بفاس 2010، الإذاعي والصحافي عاشق فاس والملم بقضاياها وإكراهاتها إبان هذه المرحلة.

واستقبل مثقفو فاس وإعلاميوها بحفاوة كبيرة ضيف الشبكة لتقديم محاضرة في ارتباط بموضوع له راهنيته، هو الذكاء الاصطناعي والقراءة، الذي بات يشكل نقلة نوعية في الارتقاء بالفعل القرائي والثقافي بالنظر إلى استخدامه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ظل تقدمها الهائل والمتسارع.

وفي هذا السياق قال الباحث والإعلامي حسن اليوسفي المغاري إن الذكاء الاصطناعي “بات متحكما في التحليل والفهم والتعلم من البيانات بدقة عالية، ويمكنه استخدام هذه البيانات لاتخاذ قرارات بشكل ذكي”، مضيفا أن “هذا النوع من التقنية يتمثل في استخدام الخوارزميات والبرمجيات المعقدة والنماذج الرياضية للتحليل والتعلم والتنبؤ.”

وفي علاقة الذكاء الاصطناعي بالصحافة والإعلام، لم يكتف المحاضر نفسه بتقديم خارطة طريق توضح أنجع الحلول لاستخدام الذكاء الاصطناعي، بل أكد على الدور المحوري للقراءة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، على اعتبار أن الجديد في هذا المجال تتأثر الاستفادة منه بتأخر ترجمته إلى اللغة العربية، الأمر الذي يحتم القراءة والاطلاع المستمر والمتواصل.

وأضاف أن “الذكاء الاصطناعي أصبح واحدا من الأدوات الرئيسية التي يستخدمها المهنيون في هذا المجال لتحليل البيانات وتوليد المحتوى وتحسين تجربة المستخدم، بالنظر إلى القدرة على تحليل البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر، فقد بات يسمح للمحررين والصحافيين بالتركيز على الأخبار والتحقق من صحتها بدلا من قضاء وقتهم في تحليل البيانات والأرقام، مما يسمح باستخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى إعلامي بشكل تلقائي مثل الخطابات الصحافية والتقارير والتعليقات.”

كما نبه إلى أن الذكاء الاصطناعي أداة وليس بديلا للعقل البشري. وتابع قائلا: “إذا تم استخدامه بشكل صحيح يمكن أن يحدث تحولا إيجابيا في مجال الإعلام والمساعدة على تحقيق الأهداف المرجوة، كما يمكن أن يحدث تحولا إيجابيا في حياتنا”.

لقاء يقارب القراءة في عصر الذكاء الاصطناعي

واستدرك المغاري قائلا إن “هذه الطفرة النوعية تحتاج إلى تطوير مستمر ومسؤول وتكامل فعال مع الإنسانية، حتى تكون إحدى أهم الأدوات التكنولوجية المتطورة التي ستقلب العالم رأسا على عقب.”

كما حذر من العوامل السلبية في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يتطلب التفكير في مدى تقنين العمل بالشكل الإيجابي الذي لا يحد من عملية الإبداع.

وتمخضت عن مضامين العروض المقدمة وتدخلات الحاضرين عدة توصيات وخلاصات تلتها إيمان أضادي، من أهمها الدعوة إلى تشجيع البحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي لجعله ركيزة أساسية لتوفير حلول ذكية لمجموعة من المشاكل وتوظيفها موضوعا بحثيا في المراكز المتخصصة في هذا المجال، وضرورة خلق تخصصات مهنية جديدة تسمح بتطوير الكفاءات وتسخير الذكاء الاصطناعي لتجويد الأداءات، إلى جانب السعي لاستثمار ناجع لآلية الذكاء الاصطناعي في الارتقاء بطرق التربية والتكوين والبحث العلمي.

كما أكد الحاضرون على ضرورة الاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، والدعوة إلى مواكبة ومراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي بآليات قانونية خاصة، لا سيما ما يتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وحماية الملكية الفكرية والصناعية، وضرورة تكييف عادات القراءة الفردية مع تكنولوجيا القراءة الحديثة.

ودعوا كذلك إلى استفادة الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة من التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي من خلال وضع محتوى تحليل رقمي على صفحتها وموقعها الرسمي بشكل يخدم تكوين وتأطير الشباب والناشئة، والاستفادة من خبرات الباحث حسن اليوسفي المغاري لتسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة أهداف الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة.