تشهد عدد من الشوارع والأحياء الشعبية في الدارالبيضاء، منذ أكثر من أسبوعين، احتفالات خاصة بمناسبة عاشوراء، يلجأ خلالها الأطفال واليافعين إلى تكثيف استعمال المفرقعات والألعاب النارية، تحدث أصواتا مدوية إلى درجة مخيفة، بطريقة لا تخلو من خطورة على صحتهم وعلى سلامة صحة المارة، ناهيك عن أنها ألعاب تقلق راحة السكان، لا سيما المرضى منهم.
وتزايدت حدة اشعال المفرقعات مع العد العكسي لتخليد احتفالات عاشوارء، وأشدها خطورة المفرقعات التقليدية، يدوية الصنع، والتي قد يضاف إليها “الماء القاطع” في أوعية بلاستيكية، إذ يتنافس الأطفال واليافعين على إحداث أكثر صوت مدوي ممكن والتباهي بذلك، دون مبالاة بالمخاطر الصحية التي قد تنجم عن التعرض لشظاياها.
وفي هذا الصدد، تحدث الروفيسور محمد الزوبي، رئيس المركز الوطني للحروق والجراحة التقويمية، في تصريح لـ”الصحراء المغربية”، أن من أشد مخاطر هذه المفرقعات، تلك التي تتسبب في إصابات على مستوى العين والأطراف العليا والوجه، حيث يمكن أن تحدث حروقا من الدرجة الخطيرة أو عاهات مستديمة.
وتراوحت أعداد المتضررين من هذه الألعاب النارية، ما بين 5 إلى 20 حالة خطيرة، استقبلها مركز الحروق في الدارالبيضاء، تستوجب الاستشفاء، ناتجة عن التعرض لشظايا الألعاب النارية، يدوية الصنع، أو المفرقعات الصناعية، إضافة إلى الحوادث الخطيرة التي تحدث عند اللعب والقفز على “الشعالة” المصنوعة من العجلات التي تضرم فيها النيران، يوضح الاختصاصي نفسه.
ولتجنب تكرار مثل هذه الحوادث الصحية الخطيرة، شدد اختصاصي الحروق والجراحة التقويمية على ضرورة المساهمة في رفع مستوى يقظة الأسر بخطورة هذه السلوكات غير السليمة لتقوية مواكبة أطفالها على تبني سلوكات لعب خالية من المخاطر على صحتهم وصحة أقرانهم، وتربيتهم على خلو هذه الطقوس من أي قيمة مضافة لمناسبة عاشوراء بل، على العكس من ذلك، تربيتهم على أنها تشكل خطورة على صحة مستعمليها وتعرض صحة الآخرين للخطر.
وتأتي هذه التنبيهات بالنظر إلى وقائع سبق لمصالح طبية تسجيلها بهذا الخصوص، سواء منها على مستوى مصالح المستعجلات أو مصلحة
الحروق والجراحة التقويمية، حيث تنقل إليها حالات تعرضت لآثار انفجار المفرقعات، لا سيما منها تلك التي تحتوي على مواد خطيرة.
وبالعودة إلى التاريخ السلبي لاستعمال هذه المفرقعات، يندرج ضمن الحوادث الأكثر إثارة للألم، والتي تابعها الاعلام المغربي، خلال السنوات الماضية، حادث تعرض الطفلة سلوى لإصابة بليغة على مستوى العين، بسبب شظايا مفرقعة، أطلقها بعض التلاميذ في ساحة المدرسة، ما استدعى استمرارها في تلقي علاجات طبية مكثفة.
إلى جانبها، استقبال مركز الطب الشرعي، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، لجثة شاب، توفي متأثرا بمضاعفات تعرضه لمادة متفجرة، جرى استعمالها خلال مناسبة عاشوراء. وأخطر ما تلقاه مركز الحروق، خلال السنوات نفسها، إصابة طفل بحروق بعد سقوطه في إطار مطاطي مشتعل، ما حوله من طفل سليم إلى طفل غير متمدرس وفاقد لقواه الحركية.
ورغم استمرار هذه السلوكات التي لا تخلو من خطورة، فإن الواقع يكشف عن تقلص حجمها على مستوى عدد من أحياء وشوارع مدينة الدارالبيضاء، خصوصا بالنسبة إلى إحراق الإطارات المطاطية، بفعل يقظة دوريات رجال الأمن، إلا أن ذلك لا يعد كافيا، إذ الظاهرة تستدعي مواجهتها برفع مستوى توعية الأطفال واليافعين، بإشراك الأسرة والمدرسة والمساجد والمجتمع المدني والإعلام ومختلف المؤسسات الاجتماعية الأخرى، لحث الأسر على تبني سلوكات سليمة بعيدا عن استعمال الألعاب الخطيرة، وذلك بشكل قبلي، يسبق إحياء مناسبة عاشوراء.
