مركز التعريف بتراث الصويرة .. “المدينة المبدعة” تطل عبر نافذة تفاعلية جديدة
مركز جديد يعرف بتراث الصويرة افتتح متم شهر نونبر الجاري بالمدينة، يتيح للزوار التعرف على تاريخها، وتنوعها الثقافي، وغناها الديني والتراثي والفني.
ومنذ العصور القديمة إلى العصر الحديث، يقدم “مركز التعريف بتراث الصويرة” مسارا زمنيا يعرف ببداية الاستقرار البشري منذ آلاف السنين بمنطقة الصويرة، ولُقاها الأثرية التي تعد من أقدم أدلة السلوك الرمزي الإنساني. ويتحدث المسار عن عصور ما قبل الميلاد، والمبادلات التجارية، وإنشاء مصانع الحديد والنحاس، وما تبقّى من آثار الحضور الفينيقي، ثم الحضور الروماني.
ويقف المسار الزمني عند “موكادور”، أو الصويرة اليوم، الحاضرة التي كانت مثل وليلي وطنجيس وليكسوس “مركزا لتجارة مزدهرة”، ليقفز إلى العصور الوسطى وموقع “حاضرة موكادور” في “الخريطة البيزانية”، ثم الحضور البرتغالي وبناء الحصن الملكي، فتحصين السلطان عبد المالك السعدي لها، ثم أمر السلطان محمد بن عبد الله، في العهد العلوي، ببناء مرسى سلطاني، وبناء قصبة جديدة لتوفير مخازن جديدة.
هذا المسار الطويل يقود الزائر إلى فهم تحوّل الصويرة في نهاية القرن 19 إلى قاعدة أمامية للتجارة الأوروبية، تصدّر اللوز والشاي والزيتون وريش النعام، مما دعم بها وجود “مجتمع عالمي بالكامل”، فيه المسلمون واليهود والمسيحيون، المغاربة والأجانب.
وفضلا عن معروضات من تراث المدينة المادي، ونماذج مصغرة منحوتة من بناياتها ومعالمها، يقدم المعرض تجربة رقمية تفاعلية تتيح التعرف عبر شاشات قابلة للمس على قصة الصويرة.
وبنبذات تاريخية مختصرة معززة بالصور ومقاطع الفيديو، تقدم شاشات متعددة مسار المدينة، وما يميزها من صناعات أصيلة مثل الحلي، كما تفصل في أثر السلطان محمد بن عبد الله في انفتاح المدينة وما آلت إليه، مع إتاحة مواد للقراءة عن معالمها التاريخية، وأسواقها، وقصة انتقالها الحضري.
وتقف الشاشات التفاعلية أيضا عند التاريخ الديني للمدينة التي عرفت في التاريخ المغربي بأثرها في التدين اليهودي، وتقدَّم اليوم نموذجا للتعايش بين المغاربة مسلمين ويهودا.
ولا يغيب عن هذه التجربة التفاعلية التاريخ الفني للصويرة، حيث تحضر ملصقات ونبذات عن مختلف الأفلام والمسلسلات التي صوّرت بها، مع تقديم مقتطفات أطلت فيها معالم المدينة على شاشات العالم.
وفي مكان منفصل يجد المتجول نفسه في معرض تفاعلي سمعي بصري يعرّف بأبرز المهرجانات التي تنظّم بـ”موكادور”، مع تقديم مقاطع من كل منها، سواء اهتمت بموسيقى كناوة، نَغَمِ المدينة، أو الموسيقى الكلاسيكية، أو الأندلسيات المتوسطية التي تمزج بين تعبيرات موسيقية مغربية متعددة، أو حتى أصوات الجاز.
هذا الجزء من المركز يعرّف الصويرة بوصفها “المدينة المبدعة” التي صارت في ربع القرن الأخير “قبلة ثقافية تجمع بين أحضانها، خلال المهرجانات الدولية، مبدعين موسيقيين، ومفكرين، وعشاقا للموسيقى من مختلف بقاع العالم، يستلهمون إبداعاتهم من تراث المدينة العريق”.
هذا المركز الجديد، الذي يروم التعريف بقصة الصويرة التي تعدّ مزارا سياحيا مغربيا مهما، يستشهد بأوصاف متعددة رافقت المدينة، منها كونها وفق منظمة اليونسكو “ميناء المغرب الذي كان يربط المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء بأوروبا وبقية العالم”، و”المدينة المرسى” التي تمثل “مثالا متميزا متعدد الثقافات، تتعايش فيه مجموعات عرقية متنوعة ومتعددة”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News