“معلمة المغرب”.. موسوعة فريدة تحتفي بحضارة الأُمّة وتاريخ المملكة العريق
مشروع للتعريف بمختلف جوانب حضارة الأُمّة المغربية انطلق منذ ثمانينيات القرن العشرين بعنوان “معلمة المغرب” يستمر في وضع جديدِ مجلداته على رفوف المكتبات، أحدثها الجزء الحادي والثلاثون الذي شارك في إعداده 55 كاتبا وكاتبة، فيما يجري حاليا إعداد الجزء الثاني والثلاثين.
“معلمة المغرب”، أبرز موسوعة بالبلاد، رأى النورَ الجزء الأول منها سنة 1989 بعد عمل مشترك جمع حوالي 350 كاتبا وكاتبة، “للتعريف علميا، ولكن بكيفية مبسطة، بتاريخ المغرب، وجغرافيته، ودوله، ومؤسساته الاجتماعية والثقافية، وثرواته المعدنية، والفلاحية، وعادات وتقاليد سكانه، والنابهين من أبنائه (…) منذ أقدم العصور إلى يوم الناس هذا”، وهي نشرة فريدة “ليس فقط في المغرب، أو في المغرب الكبير، بل في العالم العربي بأكمله”.
الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، التي تصدر “معلمة المغرب” قادها المؤرخان الراحلان البارزان محمد حجي وإبراهيم بوطالب، وضمت أعلاما ثقافيين بارزين؛ منهم الراحلون محمد عزيز الحبابي، إبراهيم حركات، إبراهيم بوطالب، محمد بن تاويت، أحمد بنجلون، مصطفى بوشعراء، محمد بن عزوز حكيم، عبد القادر زمامة، محمد زنيبر، محمد بن شريفة، عبد الله الصبيحي، عبد الرحمن القادري، عبد الله كنون، محمد إبراهيم الكتاني، سالم يفوت، الطاهر وعزيز، وأحمد الشرقاوي إقبال.
ومن مؤسسيها الأحياء، عمر أفا، أحمد شحلان، أحمد التوفيق، مصطفى الشابي، لطيفة سميرس بناني، إدريس الفاسي، حسن الفكيكي، عبد العزيز توري، حليمة فرحات، الحسين مجاهد، وعبد المجيد بنيوسف. ويضم مكتبها الحالي، برئاسة مصطفى الشابي، كلا من: محمد أديوان، أحمد شحلان، الحسين المجاهد، عمر أفا، عبد العزيز توري، نجاة المريني، إدريس الفاسي، إدريس شحو، نفيسة الذهبي، أحمد شوقي بينبين، محمد بلعربي، وفاطمة الزين.
الأكاديمية نجاة المريني قالت إن “معلمة المغرب عمل رائد، مشروع وُفِّق مؤسسه الأستاذ محمد حجي رحمه الله في تحقيقه، يتوخى الاحتفاء بالوطن تاريخا وجغرافيا وأعلاما ومؤسسات، ليشكّل حضور هذه الموضوعات ما للمغرب من خصوصيات، يحقّ للمغاربة أن يعتزوا (معها) بالوطن وبعراقته الممتدة عبر الزمان والمكان”.
وفي تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، قال مصطفى الشابي، رئيس الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، إن المعجم الألفبائي الذي انطلق إصداره سنة 1989 قد أُنهي، وما يصدر الآن هو الملاحق التي تضم الاستدراكات؛ ومن بينها ترجمات الشخصيات الراحلة حديثا التي قدمت للبلاد خدمة سياسية أو فكرية أو ثقافية أو فنية أو وطنية، والمواقع الجغرافية، والمؤسسات، والأحداث، وغيرها، بعدَ نظر لجنة الفرز في المقترحات.
وأضاف: “تأسست الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر في الموسم الجامعي 1980 / 1981 على أيدي جماعة من المثقفين والأساتذة الجامعيين، يرأسهم الأستاذ محمد حجي رحمة الله عليه الذي توفي سنة 2003، منهم أحمد التوفيق، ومحمد بنشريفة، ومحمد المنوني، وعبد الرحمان القادري، وقاسم الزهيري… وهم مثقفون متنورون يجمعهم هاجس تقدم المغرب وتنوير الأفكار”.
وتابع: “فكرت الجمعية، في البداية، في إصدار “الكتاب المغربي” الذي ضُمّن جميع عناوين الكتب والمجلات الصادرة في السنة، من فكر وعلم وفكر وطب…”، ثم انطلق العمل لإصدار “موسوعة شاملة لكل ما يتعلق بالمغرب، تجري مسحا تاما لما يهم المغرب وحضارته وثقافته، ويكتب موادها الأساتذة الذين يتقنون التخصص أو المهنة”.
هكذا، ولمدة ثماني سنوات، جرى التفكير والإعداد لوضع مقاييس “المعلمة” ومداخلها، وهو عمل “تجنّد له الناس”؛ مما جعلها “عملا متفردا على المستوى الوطني والجهوي والعربي”.
وأردف المؤرخ قائلا: “فكرة معجم أو معلمة للمغرب، رافق ذهن الوطنيين مثل علال الفاسي ومحمد الفاسي وغيرهما الذين فكروا في خلقها، إلى أن حان وقت محمد حجي وفريقه، فأصدروا “معلمة المغرب” التي تُعنى بتاريخ المغرب، وجغرافيته، وقبائله، ومؤسساته، وثقافته، وزراعاته.
وقدّم الشابي مثالا على إحاطة “المعلمة” بمختلف جوانب حضارة المغرب: “يجري، الآن، إعداد مواد عن كل من الحقوقي أحمد حرزني، والناشر عبد القادر الرتناني (الراحلَين في شهر نونبر). كما تعدّ ترجمة الشريف البلغيثي الذي كان آية في فن الزليج، وترجمة المستعرب الجزائري دفين المغرب محمد أركون، فضلا عن مواد أخرى ستصدر في الجزء الثاني والثلاثين”.
وحول العمل من أجل انتشار أكبر لـ”معلمة المغرب”، ذكر المصرح أن الجمعية المشرفة على إعدادها “جمعية ذات نفع عام، لا موارد لها إلا ما نتوصل به من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الثقافة (…) وثمن المعلمة مرتفع. لذا، عملنا على تخفيضه فقد كانت تباع بـ300 درهم للجزء، والآن ثمنهُ 200 درهم؛ لأننا من نقوم بطبعها وتسويقها”.
ثم استرسل قائلا: “أسسنا موقعا إلكترونيا للجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، علما أن المعلمة توجد في الإنترنيت بغير ترخيص؛ لكننا نعتزم نشر بعض المقالات المعبرة والمهمة، لأن من المهم لنا إيصال العلم والثقافة إلى الجماهير العريضة للمجتمع المغربي، خاصة من الشباب الذين يجب أن يعرفوا أعلام البلاد وأن تكون لهم معرفة بها؛ فالتاريخ مادة مُكَوِّنة تفتح بصيرة المواطن”.
وختم المؤرخ مصطفى الشابي تصريحه لجريدة النهار بقول: “نعمل بدون مقابل، في سبيل الله والوطن والملك؛ لأن هذه أمانة في عنقنا، وجئنا بعد عظماء، ونجتهد لنكون في المستوى، ونؤدي الواجب، ثم نترك المشعل للآخرين؛ لأن هذا مشروعٌ ينبغي أن يستمر”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News