افتتح المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية أنشطة سنة 2024 بالتعريف بأحدث كتب الخبير الاستراتيجي الإماراتي جمال سند السويدي، المعنون بـ”محمد بن زايد آل نهيان: إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية”، الثلاثاء، بمقره في العاصمة الرباط.
وقال محمد توفيق ملين، المدير العام للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، إن المغرب “من بين الدول العربية الأولى” التي قُدّم فيها هذا الكتاب الجديد، وهو ما يعكس “عمق الأواصر والروابط المتينة التي تجمع البلدين منذ زمن بعيد”، وأضاف أن إصدار جمال سند السويدي الذي أدار مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، “مميَّز في مسيرته البحثية والفكرية”.
وذكر المتحدث أن هذا الكتاب يكتسي “أهمية كبيرة لدولة الإمارات الشقيقة وغيرها من دول العالم العربي”؛ فهو “إصدار بمضمون استراتيجي محض، يعزّز انتماء المواطنين لدولة الإمارات العربية المتحدة”، نظرا لاحتوائه على “تحليل لمواقف كبيرة وكثيرة وأحداث ومقارنات عميقة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. كما يساهم في تعريف الأجيال الحالية والقادمة في الإمارات والعالم العربي بمبادئ التسامح والسلام والسعادة.”
واستحضر المتدخل ما يبرزه هذا التقديم من “أواصر العلاقات التاريخية والاستراتيجية الاستثنائية التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية، التي تجاوزت حدودها جميع المجالات والقطاعات، بما جعل منها نموذجا متميزا للعمل العربي المشترك.”

ثم استرسل قائلا: “تأتي الزيارة الرسمية التي أجراها جلالة الملك محمد السادس، في الرابع من دجنبر 2023، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بدعوة كريمة من أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تأكيدا لعمق هذه العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين. وتوجت بتوقيع إعلان شراكة مبتكرة وراسخة وكذا عدة مذكرات تفاهم في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتم الاتفاق على العمل على توحيد الجهود نحو تحقيق هذه الشراكة، والحرص على استكشاف الفرص للمساهمة في المشاريع الاقتصادية، ودعم برامج التنمية البشرية بما يعود بالفائدة على الشعبين والبلدين الشقيقين، وذلك من أجل الارتقاء بالعلاقات إلى أعلى المستويات، وفتح آفاق أرحب في مختلف مجالات التعاون على المدى المتوسط والبعيد.”
ومن بين ما ذكّر به محمد توفيق ملين، كون الإمارات “من أشد المؤيدين لمغربية الصحراء”، وواصل قائلا: “تعتبر القنصلية الإماراتية بالعيون، التي تم افتتاحها في 4 نونبر 2020، أول تمثيل دبلوماسي لدولة عربية في الجهات الجنوبية بالمملكة المغربية”، واستشهد بالخطاب الملكي أمام القمة المغربية الخليجية بالرياض في 20 أبريل 2016، حين قال الملك محمد السادس: “في سنة 1975، شاركت في المسيرة الخضراء، لاسترجاع أقاليمنا الجنوبية، وفود من السعودية والكويت وقطر وسلطنة عمان والإمارات، التي تميزت بحضور أخينا سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، الذي كان عمره آنذاك 14 سنة.”
ويبرز هذا الكتاب الجديد الصفات والمواقف التي جعلت من رئيس دولة الإمارات “صانعا لنهضتها وحضارتها الحالية القائمة على التنمية بالعلم والمعرفة والتسامح”، ويسعى إلى “الإسهام في تعريف الأجيال الجديدة” بما قدمه محمد بن زايد “من أجل النهضة، وتحقيق السلام، والتسامح والتنمية، والسعادة، والرفاهية للإنسانية في أرجاء العالم”.
ويقف الكتاب في صفحاته التي تزيد عن ثلاثمائة عند نشأة رئيس دولة الإمارات، ورحلته التربوية في “بيت الحكم” ومسيرته التعليمية بدءا من مدارس أبوظبي مرورا بالأكاديمية الملكية في الرباط، فمدرسة “جوردن ستون” باسكتلندا، ثم أكاديمية “ساندهيرست” العسكرية الملكية بالمملكة المتحدة، كما يتناول الكتاب نهج الشيخ زايد، مؤسس الدولة، في تربية ابنه، وتأثير شخصيته فيه.
وفي فصل “محمد بن زايد وفلسفة القوة”، يقول جمال سند السويدي إن رئيس دولة الإمارات “يدرك الشروط التي يحددها المؤرخون العظماء لنهضة الأمم، وأهمها الجيوش القوية في الميدان، والقدرة على مواجهة التحديات واتخاذ القرارات، وتطبيقها بكفاءة، للنهوض بالدولة إلى آفاق المستقبل”، مع سرد المؤلَّف “مؤشرات التنافسية التي تضع دولة الإمارات العربية المتحدة في الصدارة، كمؤشر الأمن المعلوماتي، ومؤشر الشعور بالأمان، ومؤشر غياب الإرهاب”.
ويقدم الكتاب صورة واضحة عن دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التعليم، وفلسفة تدبيرها، وتحولها الاقتصادي، ومواكبتها ثورة المعرفة والتقنيات، وتصور “القوة الناعمة” في السياسة الخارجية، مع “عدم الاستناد إلى الجانب العسكري إلا عند الضرورة”.
