تهديدات أمنية ورقمية ترفع كلفة حماية زوكربرغ وماسك إلى ملايين الدولارات

أفادت صحيفة “فاينانشل تايمز” البريطانية بأن شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة ضاعفت خلال عام 2024 إنفاقها على حماية كبار مسؤوليها التنفيذيين، في ظل تصاعد المخاطر الأمنية التي تهدد هؤلاء على خلفية تزايد حضورهم في المشهدين السياسي والإعلامي. وكشفت الصحيفة أن نفقات الحماية الشخصية لرؤساء عشر شركات تقنية كبرى، من بينها “ميتا” و”ألفابت” و”إنفيديا” و”بلانتير”، تجاوزت 45 مليون دولار، مع زيادات تفوق 10 في المئة مقارنة بالعام السابق.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الطفرة في الميزانيات الأمنية جاءت استجابة لحوادث عنف لافتة وقعت خلال العام، كان أبرزها مقتل الرئيس التنفيذي لشركة “يونايتد هيلث كير”، الذي تعرّض لإطلاق نار في نيويورك، في حادثة حظيت بتعاطف علني على منصات التواصل، ما أثار قلقًا بالغًا داخل أوساط رجال الأعمال. كما سُجلت حادثة إطلاق نار أخرى في أحد المباني الإدارية في يوليوز، راح ضحيتها أربعة أشخاص، في هجوم استهدف رابطة كرة القدم الأمريكية بسبب خلاف شخصي.

إعلان تهديدات أمنية ورقمية ترفع كلفة حماية زوكربرغ وماسك إلى ملايين الدولارات

وأوردت الصحيفة نقلاً عن خبراء أمنيين أن موجة التهديدات بلغت مستويات غير مسبوقة، حيث بات الرأي العام يحمّل شخصيات تنفيذية مسؤوليات تتعلق بأزمات اقتصادية واجتماعية معقدة. ولفت جيمس هاميلتون، وهو ضابط سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي ومؤسس شركة أمنية، إلى أن القادة التنفيذيين أصبحوا رموزا تُحمّل كل ما يُرى على أنه خلل في المنظومة الاقتصادية أو التكنولوجية.

وتبرز شركة “ميتا”، المالكة لـ”فيسبوك”، في صدارة هذه القائمة؛ إذ أنفقت أكثر من 27 مليون دولار على حماية مارك زوكربيرغ وأسرته خلال عام 2024، وفق ما نقلته الصحيفة عن إفصاحات رسمية. ويشمل هذا المبلغ التكاليف الأمنية في مقار الإقامة والتنقلات، ويعود جزء من ارتفاعه إلى قرار الشركة تحمل مسؤولية حماية عائلة المؤسس، وليس شخصه فقط.

أما “إنفيديا”، التي تحولت إلى أول شركة تكنولوجيا أمريكية تبلغ قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار، فقد رفعت إنفاقها الأمني على رئيسها التنفيذي جنسن هوانغ من 2.2 إلى 3.5 ملايين دولار. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطّلع أن زيادة الإنفاق تعود إلى ازدياد شهرة هوانغ، لا سيما بعد انخراطه في النقاش السياسي حول تصدير الرقائق الإلكترونية إلى الصين، وارتفاع أسهم الشركة بشكل لافت.

وفي ما يخص شركة “بلانتير”، أوضحت الصحيفة أن رئيسها التنفيذي أليكس كارب يخضع لحماية لصيقة على مدار الساعة، بعد تلقيه تهديدات مرتبطة بعقود شركته مع الجيش الإسرائيلي وسلطات الهجرة الأمريكية. وقد رُصد كارب في مناسبات عامة محاطًا بأربعة حراس شخصيين، بينما امتنعت الشركة عن التعليق.

من جانبه، وسّع إيلون ماسك نطاق حمايته الأمنية إلى حدّ غير مسبوق، بحسب “فاينانشل تايمز”؛ إذ أسس شركة خاصة تحمل اسم “فاونديشن سيكيوريتي”، ويسافر أحيانًا برفقة فريق يضم نحو عشرين فردًا من رجال الأمن. ورغم أن شركة “تسلا” صرّحت بأنها أنفقت فقط 500 ألف دولار على حماية ماسك في 2024، إلا أن الصحيفة أوضحت أن هذه الأرقام لا تشمل النفقات التي تتحملها شركاته الخاصة الأخرى مثل “سبيس إكس” و”xAI”.

أما “أمازون”، فقد ثبّتت إنفاقها على حماية مؤسسها جيف بيزوس عند 1.6 مليون دولار سنويًا منذ أكثر من عقد، فيما ارتفعت موازنة الحماية الخاصة بالرئيس التنفيذي آندي جاسي من 986 ألف دولار إلى 1.1 مليون دولار العام الماضي. وقد عزت الصحيفة هذا الاتجاه إلى تزايد الانتقادات الموجهة إلى بيزوس بشأن ثروته الشخصية وسجل الشركة في ما يتعلق بحقوق العمال.

وأكدت “فاينانشل تايمز” أن حوادث العنف وسّعت من دائرة التحوّطات الأمنية في قطاعات أخرى خارج مجال التكنولوجيا، منها الإعلام والقطاع المصرفي والصناعات الدفاعية. وأوردت أن شركات أمريكية أزالت الصور الشخصية وسير رؤسائها التنفيذيين من المواقع الإلكترونية، كما فرضت سياسات سفر أكثر صرامة. ففي قطاع الطيران مثلًا، فرضت شركة “لوكهيد مارتن” على رئيسها التنفيذي استخدام الطائرات الخاصة حصراً.

وأضافت الصحيفة أن شركة “آبل” قلّصت نفقات الحماية الخاصة بمديرها التنفيذي تيم كوك من 2.4 مليون دولار في 2023 إلى 1.4 مليون في 2024، بينما خفّضت “بالو ألتو نيتوركس” إنفاقها على رئيسها نيكش أرورا من 3.5 إلى 1.6 مليون دولار.

كما أوردت “فاينانشل تايمز” أن الخطر لم يعد مقتصرًا على التهديدات الجسدية، بل امتد إلى المجال الرقمي؛ إذ باتت شركات الحماية تتعامل مع مخاطر متزايدة تتعلق بتقنيات التزييف العميق للأصوات والصور، التي تُستخدم في تمرير عمليات احتيال مالي يصعب تتبّعها.

وخلصت الصحيفة إلى أن مؤسسي شركات العملات الرقمية، الذين ينشطون في سوق يتسم بالتقلب والغموض، كانوا من بين أوائل من تبنوا تدابير أمنية صارمة، على خلفية حوادث اختطاف ومحاولات ابتزاز استهدفتهم في الولايات المتحدة وأوروبا. ونقلت عن أحد مسؤولي شركة “بلوكدايمن” أن هناك تصاعدًا في “الرواية السلبية المستمرة حول رواد التكنولوجيا”، مؤكدا أن “خفض الظهور العلني أصبح مفتاح البقاء”.

زر الذهاب إلى الأعلى