أول قمة تاريخية محتملة بين بوتين وزيلينسكي تثير اهتمام العالم

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيبدأ الإعداد لجمع نظيريه فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي في قمة يؤمل أن تؤدي إلى تحقيق السلام بين موسكو وكييف، وذلك عقب استقباله نظيره الأوكراني وقادة أوروبيين في البيت الأبيض.

وتمحور اللقاء الذي عقد في واشنطن، الإثنين، على الضمانات الأمنية التي تطالب بها كييف في أي اتفاق سلام ينهي الحرب التي بدأت بالغزو الروسي مطلع العام 2022؛ وهو أتى بعد أيام من قمة جمعت ترامب وبوتين في ولاية ألاسكا.

إعلان أول قمة تاريخية محتملة بين بوتين وزيلينسكي تثير اهتمام العالم

وعلى هامش الاجتماع الأميركي الأوروبي أجرى ترامب اتصالا هاتفيا ببوتين، أبلغه فيه الأخير باستعداده للقاء نظيره الأوكراني. وستكون هذه القمة في حال حصولها الأولى بين الرئيسين الروسي والأوكراني منذ بدء الحرب.

ومنذ عودته إلى الرئاسة مطلع العام الحالي يدفع ترامب (79 عاما) نحو تسوية تنهي النزاع الأعنف في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وكتب الرئيس الأميركي على منصته “تروث سوشال” ليل الإثنين: “الجميع سعداء للغاية باحتمال إبرام سلام بالنسبة لروسيا وأوكرانيا”، وأضاف: “في ختام الاجتماعات (في البيت الأبيض) اتصلتُ بالرئيس بوتين، وبدأتُ الترتيبات لعقد اجتماع، في مكان سيتمّ تحديده، بين الرئيس بوتين والرئيس زيلينسكي”، وزاد: “بعد هذا الاجتماع سنعقد اجتماعا ثلاثيا أنا والرئيسان”.

وأفاد مصدر مطلع على المباحثات بأن بوتين أكد لترامب استعداده للقاء زيلينسكي.

وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي حضر اجتماع البيت الأبيض، إنّ ترامب وبوتين “اتّفقا على عقد اجتماع بين الرئيسين الروسي والأوكراني في غضون الأسبوعين المقبلين”.

 الكرملين يحبّذ “رفع المستوى”

وبعد الاجتماع في واشنطن أكّد زيلينسكي أنّه “مستعدّ” للقاء بوتين لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الروس والأوكرانيين، وقال للصحافيين: “نحن مستعدّون للقاء ثنائي مع بوتين، وبعد ذلك نتوقع لقاء ثلاثيا بمشاركة دونالد ترامب”.

وفي موسكو أعلن الكرملين أنّ بوتين منفتح على “فكرة” نقل المحادثات مع أوكرانيا “إلى مستوى أعلى”.

ونقلت وكالة تاس عن يوري أوشاكوف، المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي، قوله: “خلال المحادثة الهاتفية (الإثنين) أعرب فلاديمير بوتين ودونالد ترامب عن دعمهما مواصلة المفاوضات المباشرة بين وفدي روسيا وأوكرانيا. وفي هذا الصدد نوقشت على وجه الخصوص فكرة ضرورة دراسة إمكانية رفع مستوى ممثّلي الجانبين الأوكراني والروسي”.

ولم تثمر الجهود الدبلوماسية التي بذلت على مدى الأشهر الماضية في تحقيق اختراق بشأن إنهاء الحرب.

وصحيح أن القمة بين ترامب وبوتين لم تثمر اتفاقا على وقف لإطلاق النار، إلا أنها دفعت باتجاه تحقيق خطوات ملموسة، خصوصا مع تأكيد الرئيس الأميركي بعدها ضرورة الدفع نحو اتفاق سلام شامل عوضا عن هدنة فقط، وحديثه عن إمكان تقديم ضمانات أمنية لكييف مستلهمة من معاهدة حلف شمال الأطلسي.

وتواصل ترامب هاتفيا مع زيلينسكي وقادة أوروبيين عقب لقائه بوتين. ورافق الرئيس الأوكراني إلى البيت الأبيض، الإثنين، زعماء كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفنلندا، إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية والأمين العام للناتو.

وعقد ترامب وزيلينسكي لقاء في المكتب البيضوي بداية، طبعته حفاوة الاستقبال من الرئيس الأميركي، في مشهد مغاير تماما للقاء المتشنج بينهما في فبراير، حين وبّخ ترامب ونائبه جاي دي فانس زيلينسكي أمام الصحافيين، في مشادة حادة أثارت صدمة في العالم ولدى الحلفاء الأوروبيين.

وأكد زيلينسكي أن لقاء الإثنين كان “الأفضل” له مع ترامب إلى الآن.

 ضمانات أمنية

وتشكّل الترتيبات الأمنية التي تطالب بها أوكرانيا، وتريدها ضمانة لعدم تجدد الهجوم الروسي بعد أي اتفاق سلام، محورا أساسيا في النقاشات الهادفة إلى إنهاء الحرب بين الطرفين.

وأكد ترامب أنه تمّ خلال لقاء الإثنين البحث في هذه الضمانات، وأن بوتين وافق عليها، علما أن الرئيس الأميركي استبعد أن تنال كييف مبتغاها طويل الأمد، وهو الانضمام إلى حلف الأطلسي.

وقال ترامب إن أوروبا يمكن أن تقدم بالتنسيق مع واشنطن ضمانات أمنية لأوكرانيا ضمن اتفاق سلام مع روسيا، وكتب على منصته “تروث سوشال”: “ناقشنا خلال الاجتماع ضمانات أمنية لأوكرانيا، ستقدمها مختلف الدول الأوروبية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة”.

وأكد الأمين العام لـ”الناتو”، مارك روته، أن اجتماع واشنطن الإثنين كان “ناجحا للغاية” وساهم في “كسر الجمود” بشأن إنهاء الحرب، وأضاف: “اليوم نركز على الضمانات الأمنية. الولايات المتحدة ستكون ضالعة بشكل أكبر، وسيتمّ إنجاز التفاصيل خلال الأيام المقبلة”.

وأوردت صحيفة فاينانشل تايمز، استنادا إلى وثيقة اطلعت عليها، أن أوكرانيا تعهدت بشراء أسلحة أميركية بقيمة 100 مليار دولار تموّلها أوروبا، لقاء توفير واشنطن ضمانات أمنية لها.

وقال زيلينسكي إنّ حلفاء بلاده سيقدّمون لها “خلال 10 أيام” قائمة بهذه الضمانات الأمنية، وزاد موضحا: “سيقرّرها على الأرجح شركاؤنا، وستكون هناك المزيد والمزيد من التفاصيل لأنّه سيتمّ تدوين كلّ شيء على الورق وإضفاء الطابع الرسمي عليه (…) وذلك في غضون أسبوع إلى عشرة أيام”.

وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن من بين الضمانات الواجب تقديمها عدم تحجيم الجيش الأوكراني بموجب أي اتفاق سلام، مشددا على ضرورة أن يكون الأخير “قويا” وقادرا على “التصدّي لأيّ محاولة هجوم وردعها، وبالتالي لا قيود على العديد أو القدرات أو التسليح”.

أما ميرتس فتطرق إلى الحديث عن تبادلٍ للأراضي أو تخلي أوكرانيا عن مناطق أعلنت روسيا ضمّها إلى أراضيها.

وقال المستشار الألماني للصحافيين إنّ “الطلب الروسي بأن تتخلّى كييف عن الأجزاء الحرّة من دونباس يعادل، بصراحة تامّة، اقتراحا بأن تتخلّى الولايات المتحدة عن فلوريدا”.

زر الذهاب إلى الأعلى