
عدد المفقودين في سوريا يتجاوز 300 ألف شخص منذ حُكم عائلة الأسد
أعلنت الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا أن عدد الأشخاص الذين فقدوا خلال العقود الماضية، منذ بداية حكم عائلة الأسد سنة 1971 إلى نهاية الحرب الأهلية، قد يتجاوز 300 ألف شخص، في واحدة من أضخم وأعقد قضايا حقوق الإنسان التي تواجه البلاد في مرحلة ما بعد النزاع.
وقال محمد رضا جلخي، رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين التي أنشئت في ماي الماضي، إن تقديرات الهيئة تشير إلى أن عدد المفقودين يتراوح بين 120 و300 ألف شخص، مع احتمال أن يكون الرقم أعلى من ذلك، بسبب ما وصفه بصعوبة الحصر والظروف المعقدة التي رافقت حالات الاختفاء. وأوضح أن مهمة الهيئة تمتد من عام 1970 ولا يقيّدها إطار زمني لإنهاء عملها.
وخلال تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء السورية الرسمية، وصف جلخي ملف المفقودين بأنه من أكثر القضايا تعقيدا وإيلاما، معتبرا أن عمل الهيئة “حاجة أساسية لمسار العدالة الانتقالية والسلم الأهلي”. ولفت إلى أن الهيئة تمتلك خرائط تتضمن أكثر من 63 مقبرة جماعية موثقة في مختلف أنحاء البلاد، دون أن يكشف عن تفاصيل تتعلق بمواقعها أو الأطراف المسؤولة عنها.
ويأتي هذا التصريح في وقت تستعد فيه السلطات الجديدة في دمشق، التي تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في دجنبر، لبدء مسار العدالة الانتقالية، متعهدة بتحقيق العدالة لضحايا الفظائع والانتهاكات التي وقعت خلال حكم عائلة الأسد.
وكان عقد حكم بشار الأسد، الذي بدأ عام 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد، قد شهد اندلاع احتجاجات شعبية في عام 2011، تحوّلت لاحقا إلى حرب أهلية مدمرة استمرت لأكثر من عقد. وأدى النزاع إلى سقوط مئات الآلاف من القتلى، واختفاء عشرات الآلاف، وسط اتهامات موجهة لجميع الأطراف، بما فيها النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية وفصائل المعارضة المسلحة، بارتكاب جرائم واسعة النطاق شملت القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.
وتُعدّ سجون النظام، لا سيما سجن صيدنايا، من أبرز رموز القمع، حيث تقول منظمات حقوقية إن آلاف الأشخاص قضوا تحت التعذيب أو أُعدموا بعد محاكمات صورية أو دون محاكمة، فيما لا تزال مصائر كثيرين مجهولة حتى اليوم.
وفي سياق متصل، أشارت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، في وقت سابق من هذا العام، إلى أن تحديد مصير المفقودين في سوريا سيكون “مهمة هائلة” تتطلب سنوات طويلة، معتبرة أن معالجة هذه القضية تمثل ضرورة إنسانية وشرطا لا غنى عنه لتحقيق المصالحة الوطنية.
ومن المتوقع أن تبدأ الهيئة الوطنية للمفقودين قريبا في إنشاء قاعدة بيانات وطنية لتوثيق حالات الاختفاء، والتنسيق مع أسر الضحايا والمنظمات الدولية، في محاولة لكشف مصير آلاف السوريين الذين غيبهم النزاع، واستعادة ثقة المجتمع بمسارات العدالة.