الجمارك المغربية تجدد إجراءات الرقابة على المعدات العسكرية والأمنية

وسط سياقات إقليمية ودولية متحولة يخطو المغرب خطوة جديدة نحو ضبط مسارات تداول الأسلحة والمعدات ذات الطابع الدفاعي والأمني، بتفعيل مذكرة دورية جديدة صادرة عن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، اليوم الجمعة، تهدف إلى تقنين عمليات الاستيراد والتصدير والنقل والتخزين، وتجفيف منابع الاستغلال غير المشروع للعتاد الحساس.

المذكرة، التي جاءت تحت رقم 6672/311، تندرج في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 10.20 والمرسوم التطبيقي المصاحب له، وتأتي لتوحيد التوجيهات والتعليمات السابقة، خاصة في ما يتعلق بالمواد المصنّفة ضمن الفئات “أ” و”ب” و”ج”، والمتصلة بأسلحة الحرب، والمعدات الأمنية، والأسلحة المدنية على التوالي.

إعلان الجمارك المغربية تجدد إجراءات الرقابة على المعدات العسكرية والأمنية

وتفرض الوثيقة الجمركية الصادرة في عشر صفحات، والتي توصلت بها جريدة جريدة النهار الإلكترونية، التزامات دقيقة على مستوردي ومصدّري ومخزّني العتاد الحربي والأمني، وتعيد رسم الحدود القانونية للتصرف فيه، مؤكدة أن مزاولة أي نشاط في هذا المجال، من تصنيع واستيراد وتصدير ونقل وعبور وتخزين، مشروطة بالحصول على ترخيص مسبق من السلطة الحكومية المكلفة بإدارة الدفاع الوطني، بتنسيق مع وزارات التجارة والداخلية والخارجية، بحسب الحالات.

وتبعًا لهذا التنظيم الجديد فإن الفئة “أ” تشمل العتاد ذا الطابع الحربي الخالص، كالأسلحة النارية الثقيلة، والمتفجرات، والذخيرة العسكرية، والأنظمة البرمجية القتالية، فيما تشمل الفئة “ب” العتاد المخصص للأغراض الأمنية، كالعربات المصفحة، والرشاشات، ونظارات الرؤية الليلية، بينما تضم الفئة “ج” الأسلحة المدنية، كالبنادق الرياضية وأسـلحة الصيد، والأسلحة الهوائية.

وإلى جانب تشديد الإجراءات القانونية يفرض التنظيم الجديد ضوابط مشددة على عمليات العبور والنقل والتخزين، خاصة بالنسبة للفئتين الأولى والثانية، إذ يتوجب على المعنيين إرفاق طلباتهم بتصريحات مفصلة حول طبيعة الشحنة، والجهات المستوردة أو المصدّرة، والمسار المقترح، وأسماء المتدخلين، مع تحديد دقيق لمكان الدخول والخروج.

وفي حالة النقل البري داخل التراب الوطني تفرض المذكرة تدابير أمنية صارمة، من قبيل تعطيل الأسلحة خلال النقل، واستعمال حاويات مغلقة لا تشير إلى طبيعة الحمولة، وضمان مرافقة أمنية من طرف مصالح الدرك أو الأمن الوطني. كما لا يُسمح للأسلحة بالاستقرار داخل الموانئ لأكثر من 72 ساعة، ما لم تكن هناك ظروف قاهرة تبرر التمديد.

هذا التشديد لا يلغي وجود استثناءات، أبرزها ما يتعلق بالمؤسسات العسكرية والأمنية الوطنية، التي تخضع لنظام داخلي خاص، وكذا المعدات ذات الاستخدام المزدوج (مدني وعسكري) المشمولة في ملحق تنظيمي خاص، مثل أجهزة التشفير والمراقبة البصرية. لكن في كل الأحوال يشترط أن تكون الاستثناءات مغطاة بتراخيص وتصريحات قانونية واضحة.

ويبدو أن هذه المقاربة التنظيمية تتجاوز الجانب الإجرائي، لتؤسس لثقافة رقابة مؤسساتية تستجيب للمعايير الدولية في ضبط التجارة المشروعة للأسلحة، وتمنع تسربها إلى أطراف غير نظامية، أو استعمالها في أنشطة محظورة تمس الأمن العام.

وفي هذا السياق تنص المذكرة على تمكين إدارة الجمارك من صلاحيات موسعة للتحري، وضبط المخالفات، وإحالة الملفات عند الضرورة على القضاء المختص، في إطار مقتضيات الفصل الرابع من القانون 10.20.

ويتقاطع هذا التطور مع توجه أمني مغربي عام يسعى إلى تقوية الحصانة الداخلية للبلاد ضد مخاطر تهريب الأسلحة، أو تورط كيانات غير رسمية في مشاريع تهدد الاستقرار، كما يأتي في سياق دولي ضاغط تعاظمت فيه الدعوات لتقييد تجارة العتاد الحربي، وضمان عدم استخدامه في النزاعات الإقليمية أو الجرائم العابرة للحدود.

زر الذهاب إلى الأعلى