مراكش: خبراء دوليون يناقشون التراث المائي بالمغرب وإشكاليات المياه الجوفية

مراكش: خبراء دوليون يناقشون التراث المائي بالمغرب وإشكاليات المياه الجوفية
حجم الخط:

دعا المشاركون خلال المؤتمر الرابع للشبكة العالمية لمتاحف المياه، التي انطلقت أشغاله، اليوم الأربعاء بمراكش، الى تعزيز التثقيف بشأن التوعية بالمياه كمورد أساسي للحياة وتطوير ثقافة مائية جديدة وتعزيز الاستخدام المستدام للمياه والممارسات التي تأخد بعين الاعتبار الحاجيات المستقبلية للموارد المائية.

وأكد المشاركون، خلال هذا المؤتمر المنظم بمبادرة من متحف محمد السادس لحضارة الماء بالمغرب – أمان، بشراكة مع الشبكة العالمية لمتاحف المياه التابعة لليونسكو، أن مهمة متاحف المياه  تكتسي أهمية قصوى في بيئة متغيرة حيث يؤدي تغير المناخ الى تعطيل دورة المياه واضطراب مع مزيد من موجات الحرارة وقلة التساقطات المطرية وارتفاع في درجات الحرارة وتحولا في الاحداث الموسمية، مشيرين الى أن كل هذا سيؤثر على الموارد المائية وعمل النظم الايكولوجية المائية ونوعية حياة السكان وأنظمتهم الاقتصادية.

وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، أكد إريك فالت مدير مكتب اليونسكو للمغرب العربي بالرباط،  أكد أن الحالة الراهنة للموارد المائية، تؤكد الحاجة إلى تحسين إدارة هذه الموارد، مبرزا أن الاعتراف بقيمة المياه وقياسها والتعبير عنها، وكذلك إدراجها في عملية اتخاذ القرارات، هي أمور أساسية لتحقيق إدارة مستدامة وعادلة للموارد المائية وأهـداف التنمية المستدامة المدرجة في خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.

وتوقف فالت عند تقرير الأمم المتحدة حول تنمية المياه في العالم لسنة 2021، الذي نشرته اليونسكو بالتزامن مع اليوم العالمي للمياه، والذي يقدم أفضل الممارسات والتحليلات المتعمقة لتحفيز الأفكار والإجراءات لتحسين الإشراف في قطاع المياه والقطاعات ذات الصلة.

وأشار مدير مكتب اليونسكو للمغرب العربي بالرباط،  إلى أن عدم القدرة على التعرف على قيمة المياه هو السبب الرئيسي لإهدار المياه وإساءة استخدامها، مؤكدا على ضرورة  دراسة أبعاد المياه المختلفة من أجل فهم الجوانب المختلفة لقيمتها خصوصا في أوقات الندرة المتزايدة وعلى خلفية النمو السكاني وتغير المناخ.

من جانبه، سلط سمير الظهر السفير المندوب الدائم للمغرب لدى منظمة اليونسكو، الضوء  التغيرات المناخية التي يعيش على إيقاعها العالم وندرة المياه وتأثيرها على جميع أنواع الحياة الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجيات التي وضعها المغرب لتدبير استعمال المياه الصالحة للشرب ومياه السقي.

واستعرض المسؤول الدبلوماسي في كلمة ألقاها عبر تقنية التناظر عن بعد، الإستراتيجية والخطة الوطنية للمياه، التي اعتمدتها المملكة لمواجهة إشكالية ندرة المياه وضمان التدبير العادل لهذه المادة الحيوية، موضحا أن هذه الإستراتيجية تهدف إلى توفير الموارد المائية الضرورية من أجل تنمية البلاد مع مراعاة خاصة للبعد البيئي وحاجيات المواطنين.

وأكد في هذا السياق، أن المملكة وضعت عددا من الخطط المتعلقة بقطاع المياه أثبت فاعليتها ونجاعتها، من ضمنها الخطة الوطنية لترشيد استعمال المياه، والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 الهادف أساسا إلى العمل على تزويد المواطنين بالماء الشروب، والعمل من ناحية أخرى على ضمان ماء السقي بالنسبة للقطاع الفلاحي، وغيرها من البرامج الهادفة التي تجعل المغرب مرجعا خاصة في مجال تدبير الماء، كمادة حيوية تستحضرها أهداف التنمية المستدامة التي رسمها المغرب.

بدوره، دعا إيدي مور رئيس الشبكة العالمية لمتاحف المياه، إلى ضمان توافر المياه وإدارته بشكل مستدام للجميع، مشيرا إلى أن ذلك يندرج في أحد أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، التي التزمت البلدان بتحقيقها بحلول عام 2030.

وأشار الى أن نقص الاستثمار المزمن في المياه  يضر بأعداد كبيرة من الناس، داعيا الجميع إلى الالتزام “بتكثيف الجهود من أجل تثمين المياه حقا حتى يتسنى للجميع الحصول على هذا المورد النفيس على قدم المساواة.

وأبرز عبد النبي المنظور مدير متحف محمد السادس لحضارة الماء، أهمية هذه المعلمة التي تهب فرصة السفر عبر الملاحم المائية ورهاناتها بالمغرب، وأماط اللثام عن سياسة المغرب المائية وعن النبوغ المغربي في ما يتصل بتدبير الماء.

وإلى جانب مهمته الأساسية المتمثلة في إبراز العبقرية المغربية في مجال تدبير الموارد المائية، أفاد منظور أن متحف محمد السادس لحضارة الماء يسعى  إلى أن يكون فضاء للابتكار الثقافي وموقعا جذابا بمنطقة النخيل بمراكش، يرتقي بها إلى فضاء لا محيد عنه بالمشهد المراكشي والمسارات السياحية للمدينة الحمراء.

وشدد على أهمية الشبكة العالمية لمتاحف الماء التي تتألف من 60 متحف ماء بـ28 بلدا، مما يضمن التقائية مع اليونسكو بشأن تثمين تراث الماء وحسن تجويده من خلال أنشطة تواصلية وتربوية.

ويشكل هذا اللقاء، المنظم إلى غاية 30 أكتوبر الجاري، تحت شعار “متاحف المياه والمياه الجوفية: جعل غير المرئي مرئيا”،  فرصة لجميع الخبراء والأكاديميين في قطاع المياه، للاطلاع على التجربة المغربية وتبادل الخبرات حول القضايا المتعلقة بالماء مثل الأمن الغذائي، والاقتصاد الأخضر، والتنمية المستدامة، وكذلك التعاون بين القطاعين العام والخاص، ومناقشة  مجموعة من المواضيع البالغة الاهمية، تهم على الخصوص التراث المائي في المغرب وشمال افريقيا، مساهمة المتاحف المائية في التوعية بترشيد اسهلاك المياه، رفع مستوى الوعي بقضية المياه الجوفية التي التي تعاني من إجهاد غير مسبوق تفاقم مع سنوات من الجفاف المتتالي في العديد من بلدان العالم، من بينها المغرب.

كما يشكل هذا اللقاء الدولي، مناسبة لعرض إنجازات المملكة في مجال الماء، وكذلك استجاباتها وابتكاراتها وتقنياتها ومشاريعها وآفاقها المستقبلية في القطاع، علاوة على القطاعات المرتبطة بمهن المياه والتطهير.