
التجارة الخارجية.. تنويع الصادرات والوجهات يعزز القوة الاقتصادية للمغرب
بدأ المغرب يحقق نوعا من التقدم على مستوى تنويع شركائه التجاريين على مستوى العالم، إذ أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس النواب، الإثنين، أن الصادرات المغربية موجهة نحو عدد من البلدان المختلفة.
وأفاد مزور بأن المملكة تتجه نحو التنويع في صادراتها إلى وجهات المحيط الأطلسي، فقد بين أن الصادرات الموجهة نحو إسبانيا تمثل 20 بالمائة من إجمالي الصادرات المغربية، فيما تمثل الصادرات إلى فرنسا 19 بالمائة، مقابل 5 بالمائة نحو كل من الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل والهند.
وأوضح الوزير أنه مع وصول الصادرات المغربية إلى مجموعة من البلدان، “ينبغي أن نقوي صادراتنا إلى شركائنا في بلدان البحر الأبيض المتوسط، واليوم نشتغل على برنامج جديد لنقوي صادراتنا مع بلدان المحيط الأطلسي”، الأمر الذي يتماشى مع التوجيهات الملكية الأخيرة بخصوص العناية بالواجهة الأطلسية.
في تعليقه على الموضوع، اعتبر محمد الزروقي، محلل اقتصادي أستاذ بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، أن الأرقام المعلنة بخصوص الصادرات المغربية تعكس “تحولاً ملحوظاً في الأوضاع التجارية خلال السنوات العشر الماضية وتطوراً مستداماً في هذا المجال”.
وقال الزروقي، في تصريح لجريدة النهار، إن ارتفاع قيمة الصادرات إلى 420 مليار درهم، “يعد إنجازاً ملموساً، حيث تضاعفت هذه القيمة بست مرات مقارنة بالفترة الزمنية السابقة”، كما يعكس هذا الإنجاز نجاح “السياسات الاقتصادية التي اتخذتها المملكة المغربية، والتي أظهرت قدرتها على تنويع مصادر الدخل وتحسين هيكل اقتصادها”.
وفسر المحلل الاقتصادي هذا التحول بـ”التركيز على تحسين جودة المنتجات المصدرة وتبني استراتيجيات تصدير فعالة”، وأشار إلى أن هذه الأرقام تبين أن المغرب “لم يكتف بزيادة حجم الصادرات فقط، بل نجح أيضاً في تحسين جودة المنتجات لتلبية المعايير الدولية. يعكس هذا التحسن المستمر استثمارات كبيرة قامت بها المملكة في ميادين البحث والتطوير وتحسين عمليات الإنتاج”.
وأوضح المصدر ذاته أن هذا التطور الإيجابي يشير إلى “قوة القطاع التصديري المغربي وقدرته على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية”، وشدد على أن البرنامج الجديد الذي يعمل عليه المغرب لتقوية صادراته مع بلدان المحيط الأطلسي، “يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق هدف التنويع وتوسيع قاعدة العملاء”، إذ يجسد هذا البرنامج “التزام المغرب ببناء شراكات دولية قائمة على المصالح المشتركة، وهي خطوة استباقية تؤكد على رؤية استراتيجية لتعزيز مكانته كلاعب اقتصادي رئيسي في المنطقة”.
ويظل التحدي القائم بالنسبة للمغرب، هو “الحفاظ على هذا النمو المستدام والتحسين المستمر في جودة المنتجات”، ويتطلب تحقيق ذلك “تعزيز الابتكار في مجالات الإنتاج والتسويق، وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين”، حسب المحلل الاقتصادي محمد الزروقي.
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي مهدي لحلو أن الحديث عن تنويع شركاء المغرب على مستوى التجارة الخارجية، “حديث قديم جدا، منذ تسعينات القرن الماضي، لا يتحقق بالسرعة ولا الكيفية التي تقولها الحكومات المتعاقبة”.
وقال لحلو ضمن تصريح لجريدة النهار: “عندما نتحدث عن 5 بالمائة من المبادلات التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، أعتقد أننا لم نصل إلى هذا الرقم، وأعتبر في تقديري أنه غير صحيح”، موضحا أن الإشكال مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد توقيع اتفاقية الشراكة سنة 2004، “هو أن السوق الأمريكية كبيرة على الشركات المغربية، سواء الصناعية أو غيرها، التي ليست لديها الاستطاعة والإمكانيات لتلبية طلبات السوق الأمريكية”.
وأشار المتحدث إلى أن الأسواق الأخرى مثل البرازيل وإندونيسيا والصين والهند وروسيا، “تبقى الصادرات المغربية محدودة فيها، على اعتبار أن غالبية الصادرات المغربية الموجهة إلى هذه الأسواق تتمثل في الفوسفاط ومشتقاته وبعض منتوجات الصيد البحري والصادرات الفلاحية”.
وأفاد المحلل الاقتصادي ذاته بأن إنتاج المغرب وإمكانياته في مجال الصناعات الحديثة والمتطورة وذات القيمة المضافة العالية، يبقى محدودا، “نظرا لمحدودية القطاع الصناعي المرتبط بضعف اليد العاملة والموارد العالية الكفؤة”، مبرزا أنه “في حال تواجد كفاءات مغربية في هذا المجال، فإنها تغادر البلد للعمل مع الشركات الأجنبية الكبرى”.
وأبرز لحلو أن تغطية نسبة الواردات من الصادرات المغربية تتراوح سنويا “ما بين 50 إلى 65 بالمائة، وهي نسبة ضعيفة بالنسبة لبلد يقول إنه أصبح ضمن الدول الصاعدة اقتصاديا وصناعيا”، مشيرا إلى وجود “عجز تجاري كبير وهيكلي منذ عقود، ليس فقط مع أوروبا ودول أمريكا، بل حتى مع تركيا التي كان الميزان التجاري معها يميل لصالح المغرب قبل 30 سنة، وأصبح عجزا سلبيا منذ سنوات، لأن الصناعات التركية تطورت والصناعة المغربية لم تتقدم بالشكل الكافي”.