يحتل شهر رمضان مكانة متميزة في نفوس الأسر المراكشية، على غرار باقي الأسر المغربية، وأصبح رمضان يفرض على المجتمع المراكشي طقوسا خاصة، ويجري استقبال تباشيره بنوع من التبريك والتيمن في أجواء روحانية، وتنقلب كل العادات المتداولة خلال الأيام العادية، وتصبح لشهر الصيام نكهة خاصة.
وتعتز العديد من الأسر المراكشية بتقاليدها وعاداتها التي رافقت شهر رمضان، ووشمت تاريخ مدينة مراكش بالتوهج والعطاء، وتشخصت أحداتها داخل البيوت والأحياء السكنية والمساجد والأسواق الشعبية.
وقبل حلول شهر رمضان، تجري الاستعدادات له بشكل مكثف، ما يعطيه خصوصية متميزة عن باقي الشهور الأخرى، وتشهد الايام الاخيرة من شهر شعبان احتفالات عائلية واجتماعية أو مايصطلخ عليه لدى أهل مراكش ب”شعبانة”، كما اعتادت النساء على تنظيف البيوت الذي يسمى محليا “التخمال”، وتلجأ بعض الأسر إلى شراء مستلزمات منزلية جديدة، كما يتم تنظيف المساجد وتهيئتها للتراويح.
وفي هدا الاطار، تقول الحاجة حليمة (80 سنة) في تصريح لـ”الصحراء المغربية”، قبل حلول شهر رمضان المبارك يجتمع أحفادي وبناتي في بيت العائلة الكبير من أجل الوليمة الأخيرة قبل رمضان، مضيفة أنها عادة متوارثة في عائلتها، أحيانا تقام في منتصف شعبان أو خلال الأسبوع الأخير منه.
وأوضحت الحاجة حليمة أن الهدف من إقامة هذه الوليمة قبل حلول شهر رمضان هو اجتماع أفراد الأسرة، صغيرها وكبيرها، داخل الدار الكبيرة، لصلة الرحم بين أفراد هذه العائلة، والترويح عن النفس وقضاء أوقات مرحة عبر الاستمتاع بالنكث التي تعتبر إحدى خصوصيات الأسر المراكشية العريقة، قبل أن تغيبهم مشاغل رمضان وضيق وقته والانكباب على العبادات.
وشكلت عملية تنظيف البيوت قبل رمضان، وإعادة ترتيب محتوياتها وأثاثها، وتعطيرها بالبخور، عادة متجدرة لدى الأسر المراكشية، خاصة عند الفئات الاجتماعية الشعبية والمتوسطة، وتشعر خلالها ربة البيت بأن جوا جديدا يبعث في منزلها استعدادا لشهر رمضان.
وتختار العديد من النساء تعطير المنازل قبل رمضان، ما يجعل الإقبال كبيرا على متاجر العطارة، حيث تشهد محلات بيع العطور انتعاشا كبيرا في الأيام التي تسبق رمضان، وأيضا في العشر الأواخر من الشهر الكريم، حيث يزيد بيع أنواع البخور القادمة من المشرق العربي بشكل لافت.
وتعرف مختلف مساجد المدينة، التي تتزين لاستقبال أفواج غير اعتيادية من المصلين، لأداء صلاة التراويح، وقيام الليل، حركة دؤوبة، حيث يتكلف عدد من المحسنون والمصلون، خلال الأسبوع الاخير من شهر شعبان، بمصاريف تجديد المساجد واقتناء مستلزمات ليالي رمضان التي تمتد فيها ساعات العبادة من التراويح الى مطلع الفجر، وتتبادل الأسر الزيارات في ما بينها، وهناك عادات وطقوس أخرى مقيدة بالزمان والمكان، كالاحتفال بمرور 15 يوما الأولى من شهر رمضان، و”ليلة الفضيلة”، أي ليلة القدر، في السادس والعشرين من شهر رمضان.
وعند صيام الأطفال لأول مرة في شهر رمضان، تهيء الأسر المراكشية وجبة فطور خاصة للطفل الصائم، الذي يتناول الحليب بواسطة خاتم من الفضة وبيضة بلدية، وبعد وجبة الفطور، تقام للطفل زيارة لـ”أولياء الله الصالحين”، المعروفين في مدينة مراكش بـ”سبعة رجال”، مرتديا زيا تقليديا، ومرفوقا بأفراد أسرته، في الوقت الذي يتحول الليل الرمضاني بالمدينة الحمراء إلى جو من السهر والسمر، رغم ظروف العمل.
