عمدت مجموعتا البنك الشعبي والبنك المغربي للتجارة والصناعة إلى رفع دعوى قضائية، في شكل تدخل إرادي، من أجل تمديد مسطرة للتصفية القضائية في مواجهة مستثمر، استغل شركات في حوزته للهروب من تبعات التصفية، التي تتيح للدائنين باختلاف درجاتهم تحصيل حقوقهم من المقاولة موضوعة مسطرة التسوية والتصفية القضائية؛ وذلك بعدما اقتنى بواسطة شركة يملكها أصولا عقارية في حوزة شركة في ملكيته، قبل أن يجري تصفيتها.
وتدخل سانديك التصفية الخاص بالشركة، التي كانت تنشط في المجال السياحي والفندقي بمراكش، لرفع الدعوى القضائية الأساسية في مواجهة الشركة المقتنية للأصول العقارية، الموجود مقرها في الدار البيضاء، من أجل تمديد مسطرة التصفية القضائية بناء على تداخل الذمم وصورية الشخص الاعتباري، تنفيذا لأحكام المادة 585 من مدونة التجارة؛ وذلك استناد إلى نتائج خبرة قضائية محاسباتية أمرت بها المحكمة خلال المرحلة الاستئنافية.
وأفادت مصادر مطلعة على سير الملف بأن رجل الأعمال المالك للشركتين خلال وقت سابق احتج بعدم إجرائه لعملية بيع الأصول العقارية بشكل مباشر طالما أن عقد البيع المبرم كان بين ممثلين قانونيين للشركتين، ولم يتم إبرامه بشكل شخصي من قبل؛ الأمر الذي جعل المحكمة تقتنع باستحالة إثبات واقعة صورية الشخص الاعتباري، لتركز على تداخل الذمم، حيث تم تأطير مسار الخبرة في هذا الاتجاه.
وأضافت المصادر ذاتها، لجريدة النهار، أن المجموعتين البنكيتين قررتا اللجوء في هذا الملف إلى خدمات مكتب محاماة كبير في الدار البيضاء، لغاية تحصيل حقوقهما من الشركة موضوع مسطرة التصفية، رغم احتجاج المدعى عليه بتقادم البت فيما يتعلق بتمديد مسطرة التصفية القضائية، باعتبار تواصل تداعيات عملية التصفية على المتضررين، خصوصا البنوك باعتبارها جهات مقرضة وممولة بواسطة عقود تنص على معدلات فائدة محددة مع هامش مخاطر تعسر الأداء.
وانتقدت المحكمة نتائج الخبرة المحاسباتية، التي ذهبت إلى عدم وجود معاملات محاسباتية بين الشركتين، باستثناء عملية بيع الأصول العقارية، التي تم إدراجها في قائمة السلع والمخزونات ضمن الحصيلة المحاسباتية للشركة المقتنية، حيث ركز القاضي على عدم شمول الخبرة لمعاملات مرتبطة بسنوات معينة وعدم امتدادها لمجمل تاريخ المعاملات بين الطرفين بما ثبت معه في النهاية تداخل الذمم باعتبارها واقعة تتجاوز في تأثيرها تداخل حسابات الشركات.
وحسب المادة 585 من مدونة التجارة، يمكن تمديد مسطرة التصفية القضائية إلى مقاولة أو مقاولات أخرى، بسبب تداخل ذممها المالية مع الذمة المالية للمقاولة الخاضعة للمسطرة أو بسبب صورية الشخص الاعتباري، فيما يتم التمديد بطلب من السانديك أو رئيس المقاولة الخاضعة للمسطرة أو النيابة العامة أو تلقائيا من قبل المحكمة.
يشار إلى أن طلبات فتح مسطرة التسوية والتصفية القضائية المرفوعة إلى المحاكم التجارية بالمملكة سجلت ارتفاعا مهما منذ تفشي جائحة كورونا في 2020؛ فقد كشفت إحصائيات حديثة عن ارتفاع حالات التصفية القضائية للمقاولات بـ69 في المائة خلال أربع سنوات، تحت تأثير عوامل عديدة، ليقفز عدد المقاولات المفلسة من 12.4 آلاف مقاولة إلى 14.3 آلاف مقاولة بين 2022 و2023.