دراسة.. نسبة العنف الإلكتروني في التعليم المدرسي الخصوصي أكثر من التعليم العمومي

دراسة.. نسبة العنف الإلكتروني في التعليم المدرسي الخصوصي أكثر من التعليم العمومي
حجم الخط:

خلصت دراسة أنجزتها الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن نسبة العنف في التعليم المدرسي الخصوصي أكثر منه في التعليم العمومي في المنظومة التربوية المغربية.

ووفق الدراسة التي تم تقاسمها مع أطر تربوية وفعاليات وشركاء على صعيد الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة، الخميس، بمقر الأكاديمية، يُشكِّل الأولاد الفئة الأكثر تعرضًا للعنف اللفظي والجسدي بشكل متكرر. كما تتفاوت حالات السرقة والابتزاز حسب الوسط والقطاع بشكل كبير. مثال: يتعرض تلامذة المدارس الخصوصية الحضرية للابتزاز بنسبة 7% مقابل 10.7% للمدارس العمومية الحضرية.

 وبشكل عام، تلامذة المدارس الخاصة الحضرية أكثر عُرضة للعنف الإلكتروني بسبب نسبة تجهيزهم بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة مقارنة مع تلامذة القطاع العام، حيث أفادت الدراسة الوطنية أن 21.2% من تلامذة المستوى الإبتدائي و38.9% من تلامذة المستوى الثانوي يؤكدون معرفتهم بتلاميذ تعرضوا للتحرّش الجنسي.

وشمل البحث 260 مؤسسة تعليمية و13.884 تلميذا وتلميذة من الإبتدائي إلى الثانوي التأهيلي وأزيد من 1700 إطار تربوي، إذ اختـيرت مؤسسـات العينـة بواسطة عملية سحب نسبي بنسبة الحجم (PPS) من آخر مستويين من التعليم الابتدائي والمستويات الثلاثة من التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي، داخل كل فصل، اختير 20 تلميذا (ة) بشكل عشوائي، ومدرسان على الأقل لكل مدرسة ابتدائية، و9 مدرسين لكل مؤسسة ثانوية من بين مدرسي التلاميذ الذين شملهم البحث. كما تم إجراء مقابلة مع مدير المؤسسة.

 وتتلخص أهداف الدراسة في تقديم تشخيص مفصل لحالة العنف في الوسط المدرسي في المغرب، وقياس مدى انتشار هذه الظاهرة وتحديد أشكالها ومظاهرها، وفي الآن نفسه تحديد الجهات الفاعلة  من مرتكبي أفعال العنف والضحايا، من التلاميذ ومختلف الفاعلين التربويين، مع تحديد العوامل التي تعزز انتشارها في الوسط المدرسي من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية التأهيلية.

مرتكبو العنف

 سارت الدراسة إلى أنه يتعرض التلاميذ لأنواع متعددة من العنف، في كثير من الأحيان من قِبل أشخاص ينتمون للمؤسسة التعليمية في الوسط القروي في الغالب من الغرباء وفي طريق المدرسة ، مقارنة مع الوسط الحضري.
 وفي المستوى الابتدائي، يكون الأولاد عادةً المتسببين الرئيسيين في الأنواع المختلفة من العنف اللفظي والجسدي، مثل التنمر والإهانات والاستهزاء والدفع ورمي الأشياء، إذ صرح 47.8% من التلاميذ الذين اعترفوا بتعرضهم للعنف الجسدي (الضرب) داخل المؤسسة بأن هذا الاعتداء تم على يد مدرس أو مدرسة. أما في المستوى الثانوي، فإن التلاميذ، سواء بشكل فردي أو جماعي، عادةً هم المتسببون الرئيسيون في العنف اللفظي والرمزي، مثل الإهانات والاستهزاءات؛ يليهم المدرسون وأشخاص لا ينتمون للمؤسسة وأطر إدارية، وبنسب أقل بكثير، الآباء.

وبالنسبة للتلاميذ الذين تعرضوا للاستهزاء والتنمّر في المستوى الثانوي، صرح 55.5٪ منهم بأن المرتكب هو تلميذ بالمؤسسة، و40.8٪  مجموعة من التلاميذ، فيما صرح 33.5٪ منهم بأن المرتكب هو مدرس أو مدرسة.

 

العقاب والإحساس بالعدل 

وفي المستوى الابتدائي، يختلف الإحساس بالعدل تجاه العقاب بشكل غير متساوٍ بناءً على الوسط والقطاع، حيث بينت الدراسة المنجزة أنه يسود الشعور بالظلم بشكل أكبر في الوسط القروي (19.2٪) مقارنةً بالوسط الحضري (12.7٪) والمدارس العمومية (16.4٪) مقارنةً بالمدارس الخاصة (10.8٪).

وفي المستوى الثانوي، 7.3٪ من الفتيات و 12٪ من الأولاد يرونها “غير عادلة جدًا” مقارنةً بـ 44.7٪ و 35.5٪ الذين وصفوها على التوالي بـ “عادلة جدًا”، حيث إنه لا يوجد فرق معنوي بناءً على الوسط أو القطاع التعليمي.

 وأكدت الدراسة أن تكرار العقوبات له تأثير مباشر على الشعور بالعدل، كلما تم عقاب التلميذ بشكل أكبر، زاد تقليص شعوره بالعدالة. وعلى سبيل المثال: تحولت تصريحات تلاميذ المستوى الابتدائي الذين وصفوا العقوبات التي تعرضوا لها على أنها عادلة جدًّا من 53.6٪ إلى 40.3٪، والتي تتوافق على التوالي مع مرة أو مرتين، و 5 مرات أو أكثر.

رأي الآباء في العقاب الجسدي

وفي المستوى الابتدائي، يبدو أن نسبة واحد من كل اثنين من الآباء (49.7٪) يقبلون أن يتعرض أطفالهم للعقاب الجسدي من المدرسين، و24٪ من التلامذة يقولون إن آباءهم ضد ذلك.
أما في المستوى الثانوي، فإن ما بين 35.6٪ و 28.4٪ من التلاميذ صرحوا على التوالي إن آباءهم “موافقون تمامًا” و”موافقون إلى حد ما” على استخدام المدرسين للعقاب في حالة التجاوزات. وهو فرق  ذو دلالة إحصائية حسب القطاع والوسط، وفق ما خلصت إليه الدراسة الوطنية.

 

أي مناخ علائقي؟

رصدت الدراسة نفسها وجود شعور إيجابي بالراحة في المدرسة لدى تلامذة جميع المستويات الدراسية، فالعلاقات داخل المؤسسة (بين التلامذة وأقرانهم، وبين التلامذة والمدرسين أو الموظفين الآخرين في المؤسسة) عموما ما تحظى بتقدير في المرحلة الابتدائية، لكنها تتدهور في المرحلة الثانوية.

 وسارت الدراسة إلى أنه في المستوى الثانوي التأهيلي، يتم التساؤل عن جودة التعلمات، وحيث يصبح الناقد العقلاني للتلميذ المراهق والشاب أكثر تعبيرا، إذ يُعبِّرُ عددٌ كبيرٌ من التلامذة عن “الخَوْف” في مدرستِهم، وخاصَّةً في ما يتعلَّقُ بتلاميذ المستوى الابتدائي، حيث يرتبِطُ الخَوْفُ بشكلٍ أساسيٍّ بالكبار، مثل الخوف من عدم إنجاز العمل بشكل جيّد وبالتالي تلقي العقاب. يكما ُشكِّلُ العنفُ حضورًا قويًا في جميع المستويات خاصة الثانوي (الإعدادي و التأهيلي)، ويكون معدل العنف أعلى بين الذكور.

 

 تقييمات هيئة التدريس

 خلصت الدراسة الوطنية إلى أن المدرسين والأطر الإدارية يتمتعون برؤية إيجابية حول المناخ المدرسي العام في جميع المراحل التعليمية، ولكن يوجد انخفاض في هذه الرؤية بالمرور من المستوى الابتدائي إلى المرحلة التأهيلي، إذ بغض النظر عن المرحلة التعليمية، يوجد مستوى أعلى من عدم الرضا عن المناخ المدرسي بين مدرسي القطاع العمومي مقارنة بمدرسي القطاع الخاص.

 ووفق الدراسة نفسها، يعبر نسبة 36٪ من المدرسين عن عدم الرضا بشأن جودة المرافق في مؤسساتهم، وتكون هذه النسبة خاصة أعلى في الوسط القروي (9.1٪ مقابل 28.9٪ في الوسط الحضري) وبين مدرسي القطاع العمومي 45.1٪ مقابل 3.3٪ في المدارس الخاصة.

وبخصوص  العنف والإيذاء الذي يتعرض له الأساتذة، عبر 6.1% من المدرسين أنهم تعرضوا للتحرش في إطار وظائفهم، غير أنهم أكدوا أنهم يشعرون بالأمان داخل المؤسسة التعليمية، ومع ذلك تميل النسب قليلاً لصالح المؤسسات التعليمية الخاصة.  وأشارت الدراسة إلى أن 75,9% من الأساتذة المستجوبين لا يعرفون منصة “مرصد” للتصدي للعنف في الوسط المدرسي الذي أقرته وزارة التربية الوطنية قبل 7 سنوات.

 

 

 سعيد أهمان