أحمد الجزولي: التقييم الذاتي للجماعات ممارسة أساسية في التدبير المحلي

أحمد الجزولي: التقييم الذاتي للجماعات ممارسة أساسية في التدبير المحلي
حجم الخط:

نظم برنامج التنمية الاجتماعية والاقتصاد المندمج لجهة مراكش آسفي، وهو مشروع تابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مؤخرا اجتماعا تم التركيز فيه على أداء الجماعات الترابية، مع تسليط الضوء بشكل خاص على التقييم الذاتي باعتباره أداة للتنمية المستدامة ومحفز لإحداث تأثير إيجابي على المواطنين.

وتقاسم المنظمون، خلال هذا اللقاء مع الجماعات المشاركة “منشأ التقييم الذاتي لأداء الجماعات”، التي تشمل جوانب أساسية مثل الحكامة ومشاركة المواطنين، والتدبير المالي المحلي، وإدارة الموارد البشرية، وإجراءات دعم الإدماج الاقتصادي والاجتماعي، وحماية البيئة والتنمية المستدامة، علاوة على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وفي هدا الإطار، أوضح أحمد الجزولي، مدير برنامج التنمية الاجتماعية والاقتصاد المندمج لجهة مراكش، التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في تصريح خص به “الصحراء المغربية” أن التقييم الذاتي للجماعات، يعد ممارسة أساسية في التدبير المحلي، مما يوفر للجماعات فرصة للتفكير ذات الطابع النقدي في أدائها وسياساتها وخدماتها.

وأضاف الجزولي، أن هذه العملية تشكل دعامة أساسية تهدف إلى تحسين الشفافية وتعزيز المسؤولية وتشجيع التدبير القائم على النتائج وتعزيز التنمية المستدامة على مستوى الجماعة الترابية، حتى لا يتم تهميش أحد.

وفي هدا الصدد، قال الجزولي، إن الجماعات تلعب في سياق الجهوية المتقدمة دورا حاسما في الحياة اليومية للمواطنين، ومن الضروري فهم سبب أهمية التقييم الذاتي، لانه يتيح للجماعات المحلية بالرجوع خطوة إلى الوراء وتحليل إنجازاتها وأوجه قصورها والتحديات التي تواجهها.

وتابع المتحدث أن إجراء فحص شامل للسياسات المعمول بها والخدمات المقدمة والنتائج التي تم الحصول عليها، تستطيع الجماعات تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين من اجل العمل على اتجاه تحقيق النتائج.

وأكد مدير برنامج التنمية الاجتماعية والاقتصاد المندمج لجهة مراكش، أن التقييم الذاتي هو عمل نابع من ركائز اللامركزية. وبدلا من الاعتماد على المقيمين المركزيين، ومدى توفرهم وعددهم، تقوم الجماعات نفسها بمبادرات والمشاركة الفعالة، والانخراط بشكل تلقائي في العملية.

وأوضح أن التقييم الذاتي ليس مجرد ممارسة بيروقراطية، بل يعزز كذلك مشاركة المواطنين المباشرة، مبرزا في هذا السياق، أنه من خلال الهيئات الاستشارية، ومن خلال السماح للسكان بالمساهمة في تقييم جماعاتهم، تعمل هذه الممارسة على تقوية العلاقة بين الجماعات الترابية وساكنة المحلية، ويصبح المواطنون شركاء فاعلين في عملية التحسين، حيث يشاركون وجهات نظرهم ويساعدون في تشكيل مستقبل بيئتهم المحلية.

وأشار الجزولي، إلى أن هناك ميزة رئيسية أخرى للتقييم الذاتي للجماعات تكمن في المسؤولية، مؤكدا أنه من خلال تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس، يمكن جعل الجماعات مسؤولة عما تقوم به، وهذا يخلق ثقافة المسؤولية، حيث يعمل المنتخبون والموظفون جنبا إلى جنب لتحقيق معايير عالية من الحكامة، وتساعد آليات المسؤولية على تعزيز ثقة المواطنين في مؤسساتهم المحلية.

وأضاف أن نتائج التقييم الذاتي لاتقتصرعلى تحسين الإجراءات الداخلية، كما أنها حاسمة في توفير الموارد بشكل ناجع، مؤكدا أنه من خلال تحديد المجالات ذات الأولوية، تستطيع الجماعات التصرف الأمثل في ميزانياتها، وضمان تخصيص الأموال العامة بشكل استراتيجي لتلبية الاحتياجات الحقيقية للمجتمع، وهذه المقاربة قائمة على معطيات موضوعية من شأنها تحسين كفاءة إدارة الموارد العمومية.

وأكد أن التقييم الذاتي للجماعات أيضا في أفق التنمية المستدامة، ومن خلال تقييم الأثر البيئي لسياساتها ومشاريعها، تستطيع الجماعات توجيه أعمالها نحو ممارسات أكثر استدامة، ويساهم هذا الوعي البيئي في خلق مجتمعات مرنة، قادرة على مواجهة تحديات تغير المناخ والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

وفي هذا السياق، أوضح الجزولي أن التقييم الذاتي لا يخلو من التحديات، ويشعر البعض بالقلق من أنه يتم استخدامه كممارسة للعلاقات العامة وليس كأداة حقيقية للتحول، مشيرا الى أنه لضمان فعالية التقييم الذاتي، من الأهمية بمكان أن يكون التقييم الذاتي شفافا وتشاركيا ومستندا إلى معايير موضوعية، ويجب أن تكون النتائج متاحة للعموم، وبالتالي تعزيز الثقة وشرعية العملية.

وتعد تجربة التقييم الذاتي للجماعات التي أطلقها برنامج التنمية الاجتماعية والاقتصاد المندمج لجهة مراكش، التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في 24 جماعة بجهة مراكش آسفي، ممارسة أساسية لتعزيز الحكامة المحلية الفعالة والشفافة والموجهة نحو النتائج.

ومن خلال تمكين الجماعات من التفكير النقدي في أدائها، وإشراك المواطنين في العملية وتعزيز المسؤولية، تساعد هذه المقاربة على إحداث مجتمعات تتحلى بالديناميكية ومرنة، وللحصول على أفضل النتائج، لا بد من إجراء التقييم الذاتي بنزاهة وصراحة، مع وضع رفاهية المجتمع والمواطن في قلب اهتماماته.