النهار المغربية- مكتب فاس
رغم مرور أكثر من عقدين على إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لا يزال إقليم مولاي يعقوب يعيش مفارقة تنموية واضحة، تتجلى في ضعف البنيات التحتية، وتراجع الاستثمار، وغياب مشاريع اقتصادية قادرة على خلق فرص شغل حقيقية. وضع يطرح سؤالاً محوريًا: من يتحمّل مسؤولية تعثر التنمية بالإقليم؟
الإقليم، الذي يمتاز بموقع استراتيجي قريب من مدينة فاس وبمؤهلات طبيعية وسياحية مهمة، لم يتمكّن بعد من ترجمة هذه المؤهلات إلى مشاريع واقعية. فبين بطء إنجاز بعض البرامج التنموية، وضعف التنسيق بين الجماعات الترابية والمصالح الخارجية، وغياب رؤية تنموية موحدة، تتراكم الاختلالات التي تعمّق الفوارق المجالية والاجتماعية.
ويرى متتبعون للشأن المحلي أن أسباب هذا التعثر متعددة، من أبرزها غياب جاذبية الاستثمار بسبب ضعف التجهيزات الأساسية، خاصة على مستوى الطرق والمناطق الصناعية، إضافة إلى محدودية العرض التعليمي والصحي، الذي يدفع العديد من الأسر إلى النزوح نحو فاس.
كما يُوجَّه جزء من المسؤولية إلى ضعف الحكامة الترابية وتشتت المبادرات التنموية، في غياب تقييم دوري لمردودية المشاريع المنجزة.
في المقابل، تُطالب فعاليات مدنية وسياسية بضرورة إعادة صياغة النموذج التنموي المحلي للإقليم، عبر رؤية تشاركية تنخرط فيها جميع الفاعلين: المجالس المنتخبة، السلطات الإقليمية، المجتمع المدني، والقطاع الخاص.
كما تدعو إلى اعتماد مقاربة جديدة تقوم على الاستثمار في الرأسمال البشري، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتشجيع المشاريع الفلاحية والسياحية المستدامة، خاصة في جماعات مثل، عين الشقف، ومولاي يعقوب المركز.
ويبقى الأمل معقودًا على المرحلة المقبلة من البرامج الحكومية والجهوية، خصوصًا في ظل التحضير لمشاريع البنية التحتية المرتبطة بكأس العالم 2030، التي يمكن أن تشكّل فرصة تاريخية لإدماج إقليم مولاي يعقوب في الدينامية التنموية الجهوية.
غير أن ذلك لن يتحقق إلا بتوافر إرادة سياسية حقيقية وتعاون مؤسساتي فعّال يضع مصلحة الساكنة فوق كل اعتبار.
