النهار المغربية-عبد اللطيف بركة
في الوقت الذي حضر فيه جلّ الأمناء العامين للأحزاب السياسية المغربية، واصطفت وجوه من الأغلبية والمعارضة في الصفوف الأمامية، لافتاً كان غياب عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المنعقد يوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 ببوزنيقة.
ورغم تأكيد مصدر من داخل الاتحاد الاشتراكي أن الدعوة وُجّهت لكل الأحزاب، بما فيها العدالة والتنمية، فإن الغياب لم يكن مجرد صدفة أو ظرف عابر، بل يحمل دلالات سياسية عميقة في سياق التوتر المتصاعد بين الحزبين، منذ انسحاب الاتحاد الاشتراكي من التنسيق البرلماني المعارض الذي كان يهدف إلى إسقاط الحكومة بملتمس رقابة. انسحاب فُسّر من طرف “البيجيدي” كطعنة في الظهر، ووصمه بـ”السلوك المشبوه”، لتشتعل بعدها حرب بيانات واتهامات بين الحزبين، لا تزال تداعياتها قائمة.
في هذا السياق، يمكن فهم غياب بنكيران كرسالة غير معلنة، تؤكد أن الجراح السياسية لم تلتئم بعد، وأن محاولات التقارب السابقة لم ترقَ إلى مستوى المصالحة الفعلية. خصوصاً أن المؤتمر كان مناسبة للتقارب السياسي، جمعت أحزاباً من مختلف المواقع، بمن فيهم معارضون من الصف الأول كنبيل بنعبد الله ومحمد أوزين.
كما يُقرأ هذا الغياب في ضوء التحولات التي تعرفها المعارضة المغربية، بعد أن تخلخلت قواعد التنسيق فيها عقب فشل مبادرة ملتمس الرقابة، مما كشف عن هشاشة العلاقات بين مكوناتها، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية.
بنكيران، المعروف بمواقفه الرمزية وحضوره المُحسوب، لم يُخطئ التقدير حين اختار الغياب، ربما ليوجّه رسالة سياسية تقول: “الخلاف ما زال قائماً، والمصالحة ليست على الأبواب”.