أكد الخبير الدولي في الصيد البحري وتربية الأحياء المائية، الدكتور محمد بادير، أن قطاع الصيد بالمغرب يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ورافعة للاقتصاد الأزرق الإفريقي، نافياً ما يروج حول “انهياره”، مشيراً إلى أن ذلك يتجاهل الجهود والإصلاحات الهيكلية الجارية، رغم وجود تحديات. وبيّن الدكتور بادير، الأستاذ السابق بالمعهد الزراعي والبيطري الحسن الثاني، والخبير الأممي، أن السياسات المغربية للصيد البحري تستند إلى أسس علمية متينة، مدعومة بدراسات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، وكفاءات وطنية عالية، وتجهيزات متقدمة. وتضمن القوانين المنظمة استدامة الثروة السمكية عبر فرض فترات راحة بيولوجية، وتحديد حصص الصيد، ومنع معدات الصيد المدمرة، بالإضافة إلى المراقبة عبر الأقمار الصناعية (VMS) لمكافحة الصيد غير القانوني، وإنشاء مناطق بحرية محمية.
وأشار إلى أن توقيع المغرب اتفاقيات تصدير أسماك إلى السوق الأمريكية، يمثل قفزة نوعية تعكس الجهود المبذولة في الجودة والرقابة. وقد حظي القطاع باعتراف دولي واسع، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، منظمة الايكات، والهيئة الأوروبية لمصايد الأسماك، بفضل مطابقة المصايد المغربية للمعايير الدولية في المراقبة، والحفاظ على الأصناف البحرية، وجودة المنتوج، والتشريعات، وتدابير حماية الثروة السمكية. ودعا الدكتور بادير إلى توسيع اعتماد تقنيات حديثة، مثل التجميد السريع (IQF)، لتعزيز الولوج إلى الأسواق العالمية، وزيادة مداخيل العملة الصعبة، وتحقيق الأمن الغذائي. كما أبرز تجربة المغرب الناجحة في تدبير مصايد حساسة، مثل الأخطبوط، عبر تقليص عدد القوارب، وتحديد مناطق الصيد، واستبدال أواني الصيد البلاستيكية بأخرى فخارية، بما يساهم في الحد من التلوث، وتعزيز جاذبية المنتوج. وقد ساهمت الجهود المبذولة في مراقبة المصايد في مكافحة الصيد غير القانوني، حيث حقق المغرب تقدماً ملحوظاً في هذا المجال، وذلك بفضل البرنامج الوطني للمراقبة، ومراقبة سفن الصيد عبر الأقمار الصناعية. وقد سجل نمو سنوي متوسط في الإنتاج السمكي من حيث الحجم (1.7%) بين 2010 و2023، والقيمة (6.6%)، والصادرات (6.7%). ويوفر القطاع 264 ألف منصب شغل مباشر، وحوالي 650 ألف منصب غير مباشر، وساهم في تحقيق صادرات بقيمة 28.8 مليار درهم سنة 2024 (6% من مجموع الصادرات الوطنية). وارتفع معدل تغطية المصايد بمخططات التدبير من 5% سنة 2009 إلى 96% سنة 2020. وأعرب الدكتور بادير عن تفاؤله بمستقبل القطاع، مؤكداً توفر المغرب على الكفاءات والآليات الكفيلة بضمان صيد مستدام.