أكادير.. هل إقالة المديرة الجهوية للصحة سيوقف الاحتجاجات ويعيد إصلاح الأعطاب؟

أكادير.. هل إقالة المديرة الجهوية للصحة سيوقف الاحتجاجات ويعيد إصلاح الأعطاب؟
حجم الخط:

النهار المغربية – عبد اللطيف بركة

أثارت إقالة المديرة الجهوية للصحة في جهة سوس ماسة ” لمياء شاكيري” العديد من التساؤلات والشكوك في الأوساط الصحية والإعلامية، خصوصاً بعد الاحتجاجات الواسعة التي شهدها مستشفى الحسن الثاني بمدينة أكادير، حيث كان الوضع الصحي يواجه العديد من التحديات على المستوى التدبيري الإداري ، يتناول هذا المقال التحليلي أبعاد الإقالة، الأسباب المحتملة وراء الاحتجاجات، ومدى تأثير ذلك على السياسات الصحية بجهة سوس ماسة .

خلفية الاحتجاجات

خلال الأشهر الأخيرة، تزايدت الاحتجاجات من قبل العاملين في القطاع الصحي والمواطنين في مدينة أكادير بسبب التدهور المستمر للخدمات الصحية في مستشفى الحسن الثاني، فالمرافق الصحية كانت تعاني من نقص حاد في المعدات الطبية الأساسية، مما أدى إلى تفاقم حالة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أو إصابات خطيرة، علاوة على ذلك، كانت الظروف اللوجستية والإدارية تشكل عبئًا إضافيًا على طاقم العمل، ما أثار غضب النقابات الطبية والمواطنين الذين نزلوا إلى الشوارع للمطالبة بتحسين الوضع.

فاحتجاجات نقابية، التي سبقت الاحتجاجات الشعبية ، في مجملها وجهت الاتهامات إلى الإدارة بعدم تلبية احتياجات المستشفى، سواء فيما يخص تأهيل بنياته التحتية أو توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، و شكلت في النهاية نقطة تحول رئيسية دفع المسؤولين إلى اتخاذ إجراءات حاسمة.

– إقالة المديرة الجهوية: خلفيات ودوافع

تم الإعلان عن إعفاء المديرة الجهوية للصحة في سوس ماسة في سياق هذه الاحتجاجات، وهو ما أثار اهتمام الكثيرين. البعض يرى أن الإقالة هي خطوة استباقية من السلطات المحلية والوزارات المعنية في محاولة للتهدئة واستعادة ثقة المواطنين والعاملين في القطاع الصحي، في حين يعتبر آخرون أن القرار كان نتيجة مباشرة لسوء الأداء الإداري والفشل في التعامل مع الأزمات المتتالية التي شهدتها البنية الصحية بالجهة .

ورغم مسارها المهني في عدد من المديريات الصحية من تزنيت إلى مراكش ، وتدبيرها جهويا واقليميا في فترة كورونا ، غير ان المسار المهني للمديرة الجهوية التي تمت اقالتها ، اصطدم بحاجيات تراكمية للمستشفى الجهوي الحسن الثاني ، مما جعلها محط انتقادات شديدة من قبل النقابات الصحية ووسائل الإعلام المحلية التي ربطت الإقالة مباشرة بالاحتجاجات على تردي الخدمات. المديرة، التي تم تعيينها في وقت سابق بهدف إصلاح القطاع الصحي في الجهة، واجهت صعوبة كبيرة في تقديم حلول ملموسة للمشاكل المزمنة التي يعاني منها المستشفى الجهوي الحسن الثاني، رغم ان مسؤوليتها مشتركة مع الوزارة الوصية وكذلك الموارد البشرية المشتغلة في المستشفى الجهوي، حيت يرجح البعض أن غياب التنسيق الفعّال مع باقي الإدارات المعنية، إلى جانب غياب خطة شاملة لإعادة هيكلة القطاع، أدى إلى تراكم المشاكل.

– الاحتجاجات: انعكاسات على النظام الصحي المحلي

الاحتجاجات التي شهدها مستشفى الحسن الثاني لا تقتصر على مطالب تحسين ظروف الاستشفاء للمرضى بل تتجاوز ذلك إلى التأكيد على ضرورة إصلاح جذري للنظام الصحي برمته. تشمل مطالب المحتجين تحسين مستوى الرعاية الصحية، وتوفير المستلزمات الطبية الضرورية، وتطوير كفاءة العاملين في المجال الصحي، وتحقيق توازن في توزيع الموارد بين المدن والقرى، هذه المطالب تتسق مع الانتقادات التي طالما وُجهت للسياسات الصحية محليا ووطنيا ، التي تُتهم بالتجاهل المتكرر لحاجيات المواطنين.
من ناحية أخرى، تبرز مسألة حوكمة القطاع الصحي كمحور رئيسي لهذه الاحتجاجات. فعدم وجود رؤية شاملة وإستراتيجية طويلة المدى لتطوير القطاع يؤدي إلى تدهور مستمر في مستوى الخدمات، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على الثقة في النظام الصحي.

– الإجراءات المستقبلية: التحديات والفرص

بعد إقالة المديرة الجهوية، تطرح عدة أسئلة حول الإجراءات التي ستتخذها السلطات لتحسين الوضع الصحي في اكادير والأقاليم المشكلة للجهة ككل ، هل سيتم اتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية على الأرض، أم أن الوضع سيستمر في التأرجح بين الوعود والسياسات المؤقتة؟ ربما تكون التحديات كبيرة، خاصة في ظل محدودية الموارد والأعداد المتزايدة للمرضى، ولكن من الواضح أن هناك حاجة ملحة لتحسين الإدارة الصحية على جميع المستويات.
من جهة أخرى، يشير البعض إلى أن فرص الإصلاح ما زالت قائمة، وأن التغيير في القيادة يمكن أن يكون فرصة لتقييم الوضع بشكل شامل ووضع خطة استراتيجية جديدة لتحسين أداء المستشفيات وتوزيع الموارد بشكل أكثر عدلاً وفاعلية.

وهناك من يرى ان المعضلة الكبرى تتجلى في عدم افتتاح أبواب المستشفى الجامعي الذي جهز بكل الوسائل اللوجستيكية غير ان الموارد البشرية المقترحة للاشتغال لم يتم الإفصاح عنها من طرف الوزارة الوصية ، ولعل اشتغال المستشفى الجامعي هو الكفيل الوحيد للحد من موجة الاحتجاجات المتصاعدة .