
“إخوان الجزائر” يحذرون من الانقسام
نبهت حركة مجتمع السلم المحسوبة على التيار الإخواني في الجزائر، اليوم الأحد، إلى ما أسمته “خطورة الاستدراج المتواصل في التعامل مع المعاهدات الدولية التي لا تنسجم مع الخصوصية الدينية أو الاجتماعية”، داعية إلى “حماية الهوية الوطنية” و”استقرار الأسرة”.
وقالت الحركة، في بيان موقع من رئيسها عبد الكريم حساني، إنها تابعت باستغراب شديد ما تضمنه المرسوم الرئاسي الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، الذي نص على رفع تحفظ الجزائر عن الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” لسنة 1979، وهي الاتفاقية التي صادقت عليها الجزائر سنة 1996، مع وضع تحفظات على بعض المواد لتعارضها مع أحكام الدستور وقانون الأسرة وأحكام الشريعة الإسلامية.
وتنص هذه الفقرة من المادة المذكورة على “منح الدول الأطراف الرجل والمرأة الحقوق نفسها فيما يتعلق بالقانون المتعلق بحركة الأشخاص، وحرية اختيار محل إقامتهم ومحل سكنهم”.
ولفت البيان إلى أن رفع التحفظ يقتضي أن يمر عبر الأشكال القانونية نفسها، أي موافقة البرلمان ثم إصدار الأمر أو إصدار الأمر وعرضه لموافقة البرلمان إذا كانت الظروف تكرس طابع الاستعجال، مما يضع المرسوم الرئاسي في حالة غير منسجمة مع قواعد التشريع الطبيعية، ومخالفة لقاعدة توازي الأشكال في التقنين والتشريع.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تطرح تساؤلات قانونية واجتماعية عدة، تمس في جوهرها مدى انسجام هذا المرسوم الرئاسي مع المنظومة التشريعية الوطنية، وبخاصة الدستور الذي يحمي حق التحفظ على المعاهدات والاتفاقيات الدولية ما تعارضت مع المرجعية الوطنية والدينية والخصوصيات القانونية.
كما أبرز أن الجزائر تحفظت على بعض مواد اتفاقية “سيداو” سنة 1996، بما تعنيه تلك المرحلة من حالة صعبة ومحاولات حصار عاشتها الدولة ومع ذلك مارست السيادة الكاملة في مواجهة عولمة القوانين الغربية المصادمة للمرجعية الدينية والأخلاقية والمنظومة الاجتماعية الوطنية، مما يدفع إلى التساؤل عن الدوافع التي أدت إلى رفع التحفظ في ظل الواقع والتشريع والقيم التي لم تتغير.
واستطرد البيان يقول: “فقد تم رفع التحفظ على المادة الخاصة بجنسية الأبناء سنة 2008، واليوم يتم رفع التحفظ عن البند الرابع من المادة 15 من اتفاقية سيداو التي تتعلق بحرية التنقل واختيار السكن والإقامة دون تمييز بين الرجل والمرأة، وهي ليست مشكلة مطروحة أصلا حتى يتم فتح هذا الباب، بما يهدد استقرار العائلة وتماسك المجتمع، واحترام نظام الأسرة الخاضعة إلى رئيس واحد وهو الزوج”.
ونوه إلى أن دولا كبرى ترفض الانضمام إلى مثل هذه الاتفاقيات، حيث ذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية غير منضمة لاتفاقيات “سيداو” وغيرها من المعاهدات، ودولا أخرى تحافظ على خصوصياتها الدينية والاجتماعية.
كما حذرت حركة مجتمع السلم من التداعيات الاجتماعية لهذا الإجراء من الناحية الواقعية والعملية والاجتماعية، والذي قد يستغل في تفكيك أوسع للأسرة والمجتمع، سواء كانت هذه المرأة زوجة أو بنتا، من زوجها أو وليها، وسواء داخل إطار الزواج أو عند المنازعات الأسرية، وهو ما ينعكس انعكاسا خطيرا على قضايا الزواج، الحضانة، الطلاق، النفقة والنشوز وغيرها.
ودعت الحركة إلى حماية الهوية الوطنية واستقرار الأسرة من منطلق الخصوصية الدينية والثقافية للشعب الجزائري، موضحة أن رفع مثل هذه التحفظات سيلغي فعليا الاحتكام إلى مواد قانون الأسرة، لأن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية بحكم الدستور الجزائري، وهو ما يسهم كذلك في تكريس الانقسام المجتمعي الذي يستهدف الوحدة والتماسك والاستقرار المرتبطين بالأمن الاجتماعي.
في المقابل، ثمنت لويزة حنون، زعيمة حزب العمال اليساري، في نشاط سياسي محلي، ما جاء في المرسوم الرئاسي الجديد برفع التحفظ عن الفقرة الرابعة من المادة 15 من اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، معربة عن أملها في تحقيق مزيد من التقدم في مجال حماية حقوق المرأة.