
وكالة “AMDIE” ترفع دينامية المغرب لجذب الاستثمار وتوسيع الأسواق
في سياق الدينامية الجديدة التي يعرفها المغرب، وتفعيلا لمضامين النموذج التنموي الجديد وميثاق الاستثمار، تضطلع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE) بدور استراتيجي في تنمية الاستثمارات وتعزيز الصادرات، من خلال مواكبة المشاريع الاستثمارية من الفكرة إلى الإنجاز، ودعم تموقع المنتوج المغربي في الأسواق العالمية. وتُجسد العلامة الوطنية “Morocco Now” واجهة المغرب الاقتصادية الجديدة، بما يعزز جاذبيته ويكرّس موقعه كمنصة موثوقة ومفتوحة للاستثمار والتصدير.
وفي هذا الصدد ، أشار علي صديقي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “الترويج للمغرب كوجهة موثوقة للاستثمار يشكل اليوم ضرورة استراتيجية، في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها الاقتصاد العالمي”. وأوضح أن هذا المجهود لا يهدف فقط إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بل يتجاوز ذلك ليدعم تموقع المقاولات المغربية على الصعيد الدولي، ويُبرز مؤهلات المملكة في القطاعات الواعدة.
وأضاف أن هذا العمل يُعدّ من صميم الأولويات العمومية، باعتباره رافعة محورية لتعزيز الإشعاع الاقتصادي للمملكة وضمان حضورها المستمر في الأسواق العالمية، من خلال المشاركة الفعالة في المعارض الدولية، وتنظيم جولات ترويجية، وخلق فضاءات للتبادل والتواصل مع كبار الفاعلين الاقتصاديين.
واعتبر صديقي أن الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات تضطلع بدور أساسي في هذا الورش، بصفتها الذراع التنفيذي للدولة في مجال الترويج الخارجي، والمسؤولة عن تنزيل هذه الرؤية الاستراتيجية ميدانيا.
رباعية المهام الأساسية
أوضح علي صديقي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن الوكالة تضطلع بمهام استراتيجية عدة تدخل في صلب تفعيل السياسة الاقتصادية الوطنية، وتندرج ضمن رؤية شاملة تجعل من المغرب منصة استثمارية رائدة إقليميا ودوليا، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية.
في مقدمة هذه المهام، تأتي تنمية الاستثمار، التي ترتكز على استقطاب وتشجيع الفرص الاستثمارية، وتوفير مواكبة شاملة للمشاريع، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
وتندرج ضمن هذه المهمة أيضا أعمال الكتابة والتنسيق الخاصة باللجنة الوطنية للاستثمارات، التي يرأسها رئيس الحكومة، والتي تضطلع بدور محوري في توجيه السياسة الاستثمارية الوطنية، واتخاذ القرارات الاستراتيجية الكفيلة بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع ذات الأثر الكبير على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما تشمل هذه المهام مواكبة أشغال اللجان التقنية المرتبطة بها، مما يعكس الانخراط المباشر لرئاسة الحكومة في قيادة وتحفيز دينامية الاستثمار.
أما المهمة الثانية، فهي تنمية الصادرات، حيث تعمل الوكالة على مواكبة الشركات المغربية لتوسيع حضورها على الصعيد الدولي، وتنويع أسواقها الخارجية، والترويج للمنتجات المغربية، فضلا عن تفعيل شبكات الطلب من الزبائن العالميين.
وتتمثل المهمة الثالثة، بحسب المدير العام، في تطوير وترويج المعارض، من خلال تنفيذ استراتيجية الدولة في إنعاش المعارض والتظاهرات الاقتصادية وتنظيم المؤتمرات التي تسهم في ترويج الاستثمار والتصدير.
وتختتم الوكالة مهامها بتنمية مناطق الأنشطة الاقتصادية، عبر تطوير وعرض مناطق صناعية عالية الجودة لفائدة المستثمرين، والمساهمة في توفير الوعاء العقاري الملائم على المستويين الوطني والجهوي.
وشدد صديقي على أن هذه المهام لا تُنفذ بمعزل عن السياق العام، بل تأتي في إطار رؤية وطنية واضحة ترمي إلى تعزيز مكانة المغرب كوجهة أولى للاستثمار والتصدير في المنطقة.
تفعيل وتطبيق ميثاق الاستثمار
ضمن المعطيات التي بسطها علي صديقي لجريدة النهار، وفي إطار تنزيل الميثاق الجديد للاستثمار، “تقوم الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، تحت إشراف وزارة الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، بدور محوري وأساسي، يتجلى من خلال مجموعة من الاختصاصات والصلاحيات التي تسهم، بتنسيق تام مع الوزارة، في تفعيل هذا الميثاق وتطبيقه على أرض الواقع”.
ولفت إلى “مواكبة الوكالةِ للمستثمرين عبر توفير الاستشارة والدعم من مرحلة إعداد المشاريع الاستثمارية إلى غاية تنفيذها”، إضافة إلى “السهر على تيسير الإجراءات الإدارية المتعلقة بالاستثمارات، بما فيها إعداد وتتبع اتفاقيات الاستثمار المصادق عليها من طرف اللجنة الوطنية للاستثمار”.
كما تعمل الوكالة على ضمان التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية والجهات المعنية، من أجل تسهيل استفادة المستثمرين من كافة التحفيزات والإعفاءات الضريبية والجمركية التي يمنحها الميثاق الجديد.
وتتابع الوكالة تنفيذ المشاريع الاستثمارية المدعومة في إطار هذا الميثاق، بما في ذلك معالجة ومراقبة ملفات طلب المنح الاستثمارية، وتقديم الدعم التقني للجان المختصة بتقييم ودراسة المشاريع، وذلك في إطار حكامة منسقة بين الوزارة والوكالة لضمان فعالية التنفيذ وتحقيق الأثر على أرض الواقع.
تطور ملحوظ
أبرز صديقي، في حديثه لجريدة النهار، أن المعطيات المسجلة خلال سنتي 2023 و2024 تعكس تطورا ملحوظا في الاستثمار، سواء من حيث عدد المشاريع المصادق عليها أو حجم الاستثمارات المعبّأة. وأوضح أن سنة 2023 شكّلت نقطة انطلاق جديدة بفضل تفعيل الميثاق، فيما سجلت سنة 2024 قفزة نوعية عززت ثقة المستثمرين وزادت من الإقبال على أنظمة الدعم. أما سنة 2025، فتبشر مؤشراتها الأولية بمواصلة هذا المنحى التصاعدي، مع تحول هيكلي واضح في مشهد الاستثمار الوطني، يتجلى خصوصا في ارتفاع مساهمة القطاع الخاص، محليا ودوليا، في الدينامية الاستثمارية للمملكة.
وتوقف صديقي عند سؤال محوري قائلا: “كيف يمكننا إعادة التوازن بين الاستثمار العمومي والاستثمار الخاص؟”، قبل أن يُسلط الضوء على بعض المفاتيح الأساسية لفهم هذا التحول.
بحسب علي صديقي، “ظلّت بنية الاستثمار بالمغرب لعقود مرتكزة بشكل مفرط على الاستثمار العمومي، إلا أن الميثاق الجديد يجسد إرادة الدولة في قلب هذا المنحى، وجعل الاستثمار الخاص في صدارة النموذج الاقتصادي الجديد”.
وقد بدأت هذه التحولات تتجلى بوضوح من خلال المنحى التصاعدي للاستثمار الخاص، الذي بات يعبر عن دينامية ذاتية مدعومة بثقة مؤسساتية قوية. وفي المقابل، فإن الاستثمار العمومي لا يزال يحافظ على وتيرته، بل سيشهد بدوره انتعاشا نسبيا خلال السنوات المقبلة، خاصة في أفق التحضير لاحتضان المملكة لكأس العالم 2030، وما يتطلب ذلك من بنية تحتية ومشاريع استراتيجية كبرى.
العدالة الترابية
يشكل التوزيع الترابي للمشاريع الاستثمارية المصادق عليها من طرف اللجنة الوطنية للاستثمارات، مرآة للتفاوتات المجالية في جاذبية الاستثمار، ويطرح إشكالية العدالة الترابية في توجيه الجهود التنموية.
جدير بالإشارة، حسب إفادات المتحدث لجريدة النهار، إلى أن “التوزيع الترابي للمشاريع الاستثمارية المصادق عليها يظهر تمركزا واضحا في جهات الدار البيضاء-سطات، وطنجة-تطوان-الحسيمة، والرباط-سلا-القنيطرة، مستفيدا من توفرها على بنية تحتية متقدمة ومؤهلات لوجستية وصناعية قوية”، وهو ما يعبّر عن “تفاوت مجالي في جاذبية الاستثمار ويؤكد الحاجة إلى سياسات تنموية أكثر توازنا وإنصافا لتحقيق العدالة الترابية”، وفق إفادة صديقي.
وقال: “رغم ذلك، فإن العديد من الجهات بدأت تعبّر عن إرادة صريحة للتحول إلى أقطاب جهوية للتنافسية، مستندة في ذلك إلى برامج التنمية الجهوية (PDR) التي تجسد التزاما فعليا من طرف الفاعلين الترابيين”.
في هذا الإطار، سجل المدير العام لـ “AMDIE” مجموعة من المشاريع، من بينها مشروع “Irshman” في جهة الشرق، ومشاريع تربية الأحياء المائية في جهة العيون الساقية الحمراء. كما استحضر مشروع المجموعة الصينية “Sunrise” في جهة فاس-مكناس، ومشاريع صناعية في سوس- ماسة تعزز تموقع الجهة كقطب مُنتج ومصدِّر.
أما فيما يخص التوزيع القطاعي للاستثمارات المصادق عليها، فقد تمحورت حول ثلاثة قطاعات رئيسية، في مقدمتها صناعة السيارات والتنقل الكهربائي، تليها الطاقة والمعادن وتحلية مياه البحر، ثم قطاع الاتصالات، وهو ما يجسد الخيار الاستراتيجي للدولة في ترسيخ قطاع صناعي مستدام، وتأمين الاستقلال الطاقي والمائي، ودعم التحول الرقمي.
تفاصيل مشاريع استراتيجية
في إطار تفعيل نظام الدعم الموجه للمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي، “تم اعتماد مجموعة من المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تجسد الرؤية الملكية الرامية إلى جعل المغرب منصة صناعية متقدمة، وقطبا قاريا تنافسيا في سلاسل القيمة ذات التقنية العالية”، وفق صديقي، الذي أكد “إتمام المصادقة، في إطار اللجان الوطنية للاستثمار، على 12 مشروعا استراتيجيا عالي القيمة المضافة، من أصل 238 مشروعا، وهي الآن في طور التنزيل”.
ويُلاحَظ أن قطاع التنقل الكهربائي يتصدر هذه المشاريع، سواء من حيث حجم الاستثمارات أو من حيث عدد مناصب الشغل المتوقع إحداثها، بما يعبر عن تموقع المملكة في صلب التحول الصناعي والطاقي العالمي.
ومن بين أبرز هذه المشاريع، التي ذكرها المدير العام للوكالة، “مشروعٌ لإحداث وحدة صناعية ضخمة من نوع مصنع ضخم للبطاريات بمدينة القنيطرة، لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، بحجم استثمار يُقدّر بـ 14.3 مليار درهم، وبإحداث أكثر من 2300 منصب شغل مباشر، ويحمل هذا الاستثمار أثرا استراتيجيا على مستوى السيادة الصناعية، ويساهم في الاندماج الفعلي في سلاسل القيمة العالمية للطاقة النظيفة”.
كما استحضر المسؤول عينه “مشروعا في قطاع النسيج يتجسد في اتفاقية استثمارية كبرى مع مجموعة صينية رائدة لإحداث وحدتين صناعيتين بكل من الصخيرات وفاس، لدعم سلسلة القيمة المحلية، وتقليص الاعتماد على الواردات، وتعزيز تموقع المغرب كمركز إقليمي لصناعة النسيج المندمج”. و”بحجم استثمار يُقدّر بـ 2.3 مليار درهم، وبإحداث 8568 منصب شغل، يمثل هذا الاستثمار رافعة هيكلية لتشغيل الشباب وتعزيز تنافسية القطاع”.
مسار موحَّد ومواكبة شاملة
لأجل مواكبة المستثمرين، وضعت الـ”AMDIE” “مسارا إداريا مبسّطا وموحَّدا يتكون من مرحلتين أساسيتين”، حسب ما شرحه مديرها العام لجريدة النهار.
وتقوم الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات بـ”دور محوري في المرحلة التحضيرية، حيث تُرافِق المستثمرين منذ المراحل الأولى لفكرة المشروع، وتسهر على بلورة المشاريع الاستثمارية، وتقديم الاستشارة، وتعمل على صياغة مذكرة تفاهم عند الاقتضاء، تمهيدا لإيداع الملف على المنصة الرقمية التابعة للمركز الجهوي للاستثمار المعني”.
وزاد مؤكدا: “الوكالة تضمَن مواكبة شاملة للمستثمر من البداية إلى النهاية، وتُسخر جميع الوسائل والجهود لتوفير الخبرة، والإجابة على الاستفسارات، وتيسير مسار الاستثمار في شموليته. بعدَها يتوجه المستثمر إلى المركز الجهوي للاستثمار لتقديم طلبه الرسمي، حيث يتم استقبال الملف ودراسته وفقا للمساطر المعتمدة، التنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية، ثمّ، في حال استيفاء الشروط، يُعرض المشروع على اللجنة الوطنية للاستثمارات للمصادقة النهائية، لا سيما إذا تجاوز سقف الاستثمار العتبة المحددة”.
وبحسب صديقي، فإن “استثمارا استراتيجيا” لا يعني فقط مشروعا ضخما من الناحية المالية، بل هو “استثمار يعيد تموقع المملكة داخل سلاسل القيمة العالمية، ويرتبط برهانات سيادية، ويحدث تحولا هيكليا في منظومة صناعية، أو علمية، أو تكنولوجية. وبذلك تبرهن المملكة على أنها ليست فقط فضاء جغرافيا ملائما، بل إنها أيضا شريك استراتيجي موثوق، قادر على استيعاب المشاريع المعقدة، ومرافَقَتِها، وتوفير شروط النجاح المستدام لها”.
دعم مقاولات مصدِّرة
في إطار تفعيل برنامج “Export Morocco Now”، أطلقت الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات برنامجها الثلاثي الممتد من 2024 إلى 2026، الذي يهدف ــ بحسب صديقي ــ إلى “دعم 350 مقاولة وتعاونية مغربية، عبر خطة عمل واضحة وطموحة”.
وزاد: “البرنامج يستند لمنهجية شاملة ومندمجة، بأربعة محاور رئيسية تهدف إلى تعزيز القدرة التصديرية للمقاولات المغربية، وتمكينها من الاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق الدولية: رصد وتحليل الأسواق وسلاسل الإنتاج، الترويج والاستكشاف، والتسويق الدولي، ثم تقوية القدرات وكذا إدراج المنتجات المغربية في سلاسل التوزيع الدولية”.
وشدد على “تحقيق نتائج ملموسة، من بينها “خلق فرص شغل جديدة، رفع حجم مداخيل الصادرات، وإرساء علاقة شراكة قوية ومتواصلة بين المصدرين والوكالة”.
برنامج “دعم المقاولات النسائية”
بحسب معطيات رسمية أفاد بها المسؤول ذاته، فقد “تم إطلاق هذه النسخة الخاصة الموجَّهة حصريا للنساء اللواتي يُدِرْنَ الشركات الصغيرة والمتوسطة والتعاونيات، في إطار مقاربة شمولية لتعزيز تمكين المرأة اقتصاديا على المستوى القاري”، موضحا أن “الهدف العام لهذا البرنامج هو مواكبة 100 امرأة من أجل تمكينهن من استغلال الفرص التي تتيحها منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية”.
وشرح علي صديقي أن تطوير برنامج “Export Morocco Now” تم بشراكة مع وزارة الصناعة والتجارة، والكونفدرالية المغربية للمصدرين، وجمعية سيدات الأعمال بالمغرب، وبدعم من المكتب الإقليمي لشمال إفريقيا التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وذلك في إطار برنامج “المرأة في مجال الأعمال”، الممول جزئيا من طرف الاتحاد الأوروبي.