يواصل العمل بـ”كناش الكريدي” تصدّر قائمة انشغالات مهنيي قطاع تجارة القرب بالمغرب، بالنظر إلى تداعياته على القطاع وعدم وجود حماية قانونية للتجار في حالة إخلال الزبون بأداء ما عليه من ديون مستحقة، وفق ما يؤكده هؤلاء بأنفسهم.
ولا يتريث المهنيون النشطون على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي في إثارة جوانب أساسية مرتبطة بهذا الموضوع، في وقت يهرع آخرون إلى مطالبة زبنائهم بالالتزام بأداء ما عليهم من مستحقات في أقرب الآجال، فضلا عن توعية نظرائهم الحرفيين بمخاطر تطبيع المغاربة مع هذه الأسلوب التجاري واعتباره حقا اقتصاديا أو اجتماعيا مكتسبا.
إلى ذلك، تؤكد مصادر مهنية ونقابية “صعوبة مواصلة الحفاظ على هذه العملية، كما كانت عليه سابقا، بفعل تغيّر السياقات الاجتماعية والاقتصادية، وبالنظر إلى المخاطر التي باتت تقف وراءها بالنسبة للوسط المهني، بالموازاة مع المنافسة الشرسة من طرف المساحات التجارية الكبرى”.
وسبق أن اعترفت مؤسسات وطنية مغربية ومسؤولون مختلفون كذلك بالدور الذي يلعبه تُجار القرب بالمملكة في وصول فئات اجتماعية مختلفة إلى الاقتناء السلس لاحتياجاتها من المواد الغذائية، عبر اللجوء إلى “كناش الكريدي” أو الأداء البعدي.
عيسى أوشوط، الكاتب العام الوطني للاتحاد المغربي للتجار والمهنيين التابع للاتحاد المغربي للشغل، اعتبر أن “إقراض الزبناء يبقى اختيارا حصريا لكل مهني على حدة، ولا يمكن الحسم فيه بشكل جماعي أو عن طريق فرض آليات جماعية منظمة له”.
وذكر أوشوط، في تصريحه لجريدة النهار، أن “الوسط النقابي رغم ذلك لا يقف بدون تدخل؛ إذ يعمد خلال الاجتماعات المهنية إلى توعية التجار بمخاطر هذا الاختيار، على اعتبار أنهم يبقون غير محميين من جانب القانون”، مفيدا بأن “لا ضمانات لفائدة المهني المُقرض. ولذلك، نسمع بين الفينة والأخرى عن تجار وصلوا إلى مرحلة الإفلاس”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “فتح الباب أمام الزبناء للأداء البعدي عن مقتنياتهم يعتبر مخاطرة في حد ذاتها؛ لكن الملاحظة البارزة هي أن المغاربة طبّعوا مع هذا السلوك، إلى درجة أنهم باتوا يعتبرونه حقا من حقوقهم، وهي العقلية التي يجب أن تتغير بطبيعة الحال”، مبيّنا أن “سياسة استقطاب الزبناء بفتح الباب أمام الكريدي غير صحيحة تماما”.
وميّز المهني والنقابي ذاته بين صنفين من الزبناء؛ “الأول يلتزم بما عليه من ديون تجاه تاجر، في حين أن الثاني لا يلتزم بذلك، إذ يلجأ إلى مقاطعة التبضّع عند كل مهني في حالة عجزه عن تسديد ما عليه من ديون مستحقة”.
وبعدما اعتبر أن “مول الحانوت” يواجه مدّا غير مسبوق لفروع المساحات التجارية الصغرى داخل الأحياء الشعبية، نبّه الكاتب العام الوطني ذاته إلى “التداعيات التي يعيش على وقعها حاليا عدد من التجار المغاربة الذين يلجؤون إلى اعتماد “الكريدي”، بدون أن يكونوا قد وضعوا حواجز أو سقفا محددا لهذه المعاملة”.
من جهته، اعتبر الحسن المومن، مهني ونقابي بمدينة سلا، أن “الكريدي” يشكل تهديدا لكثير من المهنيين؛ غير أن التعرف على حجم هذا التهديد وعدد المعنيين به أمر صعب، ما دام أن الكل يظل متوجسا من الكشف تفاصيل بخصوص هذا الموضوع”.
وأكد المومن، في تصريح لجريدة النهار، أن “تدبير إقراض الزبناء لم يعد كما كان عليه الحال خلال أوقات سابقة، فقد صارت نسبة وفاء الزبون لمُقرضه محدودة. ومن الصعب أيضا على المهنيين أن يوقفوا هذه الممارسة كلما تورّطوا في العمل بها بنسب معينة”.
وقال المتحدث ذاته إن “جزءا من المشكل يعتبر ذاتيا، ما دام أن كثيرين منهم يتمسكون بثقافة إقراض الزبناء لكسبهم وضمان وفائهم؛ وهي عقلية لا تتماشى مع التطورات التي بات قطاع التجارة يعرفها، خاصة مع اشتداد المنافسة وارتفاع أسعار السلع ومحدودية هوامش الربح”.