الزائر للمعرض الوطني للكبّار بآسفي في نسخته السابعة يلتقط من خلال التجول في أروقة التعاونيات “طرقا جديدة لتحضير وتثمين المنتوج”؛ فالنساء القرويّات اللواتي يشتغلن بالقطاع “تجاوزن كلاسيكيات تحضير هذه الحبّات الخضراء الصغيرة بالماء والملح” إلى “تهيئته مع منتوجات أخرى كزيت الزيتون والهريسة”.
وأجمعت شهادات عارضين لجريدة النهار أن “الإبداع” نقل الكبّار، الذي يجنى من نبات شوكي، “ما يجعل عملية الجني محفوفة بقدر من الصعوبات”، إلى “لعب أدوار علاجية جديدة تشمل علاج آلام المفاصل والعظام، موازاة مع غدوه حلاّ بالنسبة لمن يعانون أمراضا مزمنة كضغط الدم”.
فاعلون آخرون بالميدان قدموا إلى المعرض بغرض “الغوص من خلال الأحاديث مع العارضين ومختلف الفاعلين من آسفي في تجربة الإقليم بما يمهد نقلها إلى مناطقهم التي ما تزال تتلمّس طريقها في إنتاج وتثمين الكبّار”، كما تأكدّ للجريدة.
إبداع وثمار
جريدة النهار زارت رواق التعاونية الفلاحية الخضراء لإنتاج وتسويق نبات الكبّار، التي توجّها المعرض بجائزة “أحسن منتوج” فئة الكبّار بالخل، ووضّح عادل عتلاقي، أمين مال التعاونية، من داخل الرواق، أن “هذه التعاونيات انكبّت على تطوير المنتوج وطرق تثمينه، فتجاوزت الكيفية التقليدية للتحضير، أي بواسطة الماء والملح، إلى أخرى جديدة ومبتكرة”.
وكشف عتلاقي أن “الفلاحية الخضراء”، ومقرها سبت جزولة بإقليم آسفي، تنتج حاليا “كبّار مخْدومْ بالزيت البلدية، وكذلك مع الزيتون الأخضر والزيتون الأسود”. ولذلك، “فإن المعرض نافذة مهمة تعرّف من خلالها التعاونية المستهلكين بهذه الطرق والمنتجات الجديدة وتروّج لها”.
“نظير الطرق والوسائل المبتكرة لتثمين منتوج الكبّار، حصدت التعاونية جائزة الابتكار ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس 2024″، يقول المنتج ذاته، مفيدا بحصولها كذلك على حزمة من الشواهد، سواء الخاصة بالسلامة الصحية أو التصدير، فضلا عن عقد شراكات مع السوق التضامني وموزع تجاري كبير.
امتدّت ثمار إبداع وابتكار التعاونيات في طرق تحضير وتهيئة الكبّار لتشمل “الطفرة الملحوظة في الطلبيات، سواء من الزبائن على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الشركات والمؤسسات الأجنية”، وفق عتلاقي، الذي أكد أن “هذه الطلبيات ترد من دول عدة، ضمنها إيطاليا، كما أن ثمة اتصالات دائمة مع دول الخليج في هذا الصدد”.
يحتل المغرب، وفق ما أكده وزير الفلاحة أحمد البواري في افتتاحه للمعرض، “مكانة متميزة عالميًا كواحد من أوائل الدول المصدّرة للكبّار”، كاشفا، بلغة الأرقام، أن “صادراتنا السنوية تصل إلى نحو 17 ألف طن، موجهة إلى 15 دولة، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وإسبانيا”.
تمكين للنساء
يشدد العارض نفسه على أن “الهدف من كل ذلك هو تثمين المنتوج وفي الآن ذاته تحسين دخل الفلاحين والنساء القرويات بالميدان”، موضحا أن “طريقة جني الكبّار صعبة جدا، تعاني منها هؤلاء النسوة كثيرا”.
حليمة نمير، إحدى النساء المشتغلات بالمجال ترأس تعاونية كوباريس لإنتاج الكبّار بإقليم آسفي، قالت لجريدة النهار: “هذا المنتج أصبح سنة بعد سنة يحصد معرفة الناس والإقبال، بخلاف ما كان عليه الأمر سابقا”، مؤكدة أنه “بواسطته تمكّنت نساء غير متعلمات ومازلن من أن يتوفرن على مدخول لم يكن متوفرا لهن من قبل”.
“النساء هنّ من يشتغلن في القطاع، من يتعبن، من ينقينه من الشوائب”، تشدد نمير من داخل رواق التعاونية، قبل أن تؤكد بدورها أن “طرق تحضير وتثمين المنتوج تطوّرت؛ بحيث في كوباريس بتنا نُعد الكبّار بالهريسة، وكذلك نستخلص زيته التي تعد ذات فائدة علاجية كبيرة لمن يعانون من آلام المفاصل والعظام”.
ولاحظت جريدة النهار من داخل الرواق كذلك عرض الكبّار المجفف، “الذي يهيأ بدون ملح، وهو موجّه أساسا للأشخاص مرضى ضغط الدم”، بحسب العارضة نفسها، مشيرة إلى “تحضير الكبّار بزيت الزيتون، ويقدّم على شكل مقبلات للطبق”.
تحديات مؤرقة
بالرغم من أن إنتاج الكبّار بإقليم آسفي “يشهد الريادة”، كمّا صرّح عبد الوافي ماغري، أمين مال الجمعية الإقليمية لمنتجي الكبّار عضو اللجنة الوطنية المنظمة للمعرض، فإنه “مازالْ خاصْ شْويّة دَلْجُهود للتثمين”.
وقال ماغري لجريدة النهار: “لذلك نسعى من خلال المعرض إلى إعطاء دفعة قوية لتثمين منتوج الكبّار، عوض أن يبقى يسوّق هكذا عبر التعليب”، مشددا على أن “من شأن تطبيق هذا التصور أن يحفّز الفلاح على زيادة الإنتاج وفاعلين آخرين على الاستثمار في هذا القطاع”.
وشدد الفاعل المهني ذاته، من أمام رواق الجمعية الذي يحتضن مشاتل مصغّرة وعاملات يفرزن الكبّار بغرض تقريب الزائر من كافة مراحل السلسة الإنتاجية، على أن “رهان المعرض هذه السنة هو الانفتاح على البحث العلمي، بما أن هذا المنتوج يستوعب عددا كبيرا من اليد العاملة؛ إذ يخلق أزيد من مليون يوم عمل سنويا”.
مناطق تتلمس الطريق
بغرض استثمار الإمكانات التي يتيحها الكبّار لتشغيل الشباب والنساء، أسس فاعلون “اتحاد تعاونيات كبّار أزيلال” سنة 2023. وأكّد لنا فهد فاتيحي، ممثل الاتحاد، أن “الكبّار جديد على المنطقة”.
وقال فاتيحي ضمن تصريح لجريدة النهار: “إلى حدود اليوم، ما زالت محاولاتنا تنصب على التعريف أولا بهذا المنتوج الذي يعد سلسة جديدة على المواطنين بإقليم أزيلال”. ولهذا الغرض، تُنظّم “دورات تكوينية لتسليط الضوء عليه على الصعيد الإقليمي”.
ولا يُخف العارض نفسه أن “المشاركة في المعرض الوطني للكبّار تمثل بحقّ فرصة لتعزيز المعرفة بالمجال والالتقاء بالخبراء، وتطبيق ما بصم عليه الفاعلون بإقليم آسفي من ممارسات (للإنتاج) في إقليم أزيلال”.