المغرب يستفيد من قرار زيادة إنتاج نفط “أوبك+”.. فاتورة أقل ومخزون أوفر

مستفيدة من أجواء “خفض التصعيد” في منطقة الشرق الأوسط ومسار الحرب في قطاع غزة نحو “اتفاق هدنة” يفسح المجال “لاتفاق وقف دائم لإطلاق النار”، تراجعت أسعار النفط مع نهاية الأسبوع بنحو 1 بالمائة قبل قرار زيادة إنتاج “تحالف أوبك+” خلال اجتماع عقد، السبت، وتصريحات طهران التي تؤكد التزامها بالاتفاق النووي.

وعلى خلفية مكاسب أسبوعية محدودة، سار سعر “خام برنت” و”برميل غرب تكساس” في منحى انخفاض واضح، مستقرا في نطاق 68 و66 دولارًا على التوالي.

والسبت عقب اجتماعها، أقرّت ثماني دول، من كبار منتجي ومورّدي النفط ومشتقاته عبر العالم (السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وعُمان) زيادة إنتاج النفط بـ548 ألف برميل يوميًا في غشت 2025، استنادًا إلى توقعات اقتصادية “مستقرة” إجمالا، ودعمًا لـ”استقرار أسواق الطاقة”.

وجاء اجتماع دول “أوبك+”، الذي تدارَس مراجعة أوضاع السوق العالمية وآفاقها، بعد قرارات سابقة في دجنبر 2024 بـ”إعادة مرنة” تدريجيًا لتخفيضات طوعية في الإنتاج كانت بلغت 2,2 مليون برميل يوميا ابتداء من أبريل الماضي.

وتنتظر أسواق الطاقة “زيادة تدريجية” على أربع دفعات شهرية، مع إمكانية إيقافها أو عكسها حسب تطورات السوق، مما يتيح للتحالف الطاقي المذكور “مرونة كبرى في الحفاظ على استقرار الأسعار”.

“فرصة مهمة استراتيجيًا”

عبد الصمد ملاوي، أستاذ باحث في علوم الطاقة بجامعة بني ملال وخبير دولي في هذا المجال، قال إن “انخفاض أسعار النفط عالميًا، كما هو متوقع في سيناريوهات عديدة، يعد فرصة استراتيجية وبالغة الأهمية بالنسبة للمغرب في صيف 2025”.

وأبرز ملاوي، في تصريح لجريدة جريدة النهار، أن “المغرب يمكنه استثمار زيادة الإنتاج المعلن عنها من طرف دول “أوبك+” بغرض زيادة مخزون الطوارئ الوطني من النفط بأسعار منخفضة لتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي وتأمين مخزون مُريح من الاحتياطيات”.

الخبير الطاقي المغربي رصد “مكاسب” ستنتُج عن “تقليص الفاتورة الطاقية ضمن بنية واردات المملكة مما يعتبر استفادة كبيرة للمغرب، خاصة في قطاعَي الصناعة والاستهلاك المنزلي”.
وأضاف أن “تراجع أسعار النفط سيمكّن المغرب من تقليص تكلفة الاستيراد، مما يحسّن بشكل مباشر ومحقَّق احتياطات العملة الصعبة، ويضمن توازن ميزان الأداءات (La balance des paiements)، عادّاً “دعم الميزانية العامة للمغرب، بفضل انخفاض تكلفة الكهرباء والنقل، من أبرز الإيجابيات المتوقعة جراء انخفاض أسعار الطاقة النفطية”، مما يسمح، حسب ملاوي، بـ”توفير الميزانية ويمكن استغلال ذلك في دعم قطاعات ذات أولوية وتقليل التبعية للخارج”.

وفي تقديره فـ”انخفاض الأسعار الدولية يؤثر على انخفاض تكاليف النقل والشحن والتخزين في المغرب”، موضحا أن ذلك “يُعزز القدرة الشرائية للمواطن المغربي بفضل انخفاض أسعار السلع والخدمات بالتّبَع”، كما “يسهم في تنشيط القطاعات الإنتاجية الوطنية المعتمِدة على الطاقة”.

“تقليص فاتورة الطاقة”

من جهتها، أشارت سلمى صِدقي، أستاذة الاقتصاد الدولي بجامعة ابن طفيل المتخصصة في التجارة الخارجية واقتصاديات الطاقة، أن “الزيادة المعلن عنها من طرف دول “أوبك بلاس” برسم شهر غشت ليست بزيادة كبيرة في إمدادات الإنتاج، غير أنها تبقى كافيةً لإحداث انخفاض ولو محدود في أسعار الطاقة العالمية ودعم هدف استقرار الأسواق”.

ونبهت صدقي، في حديث لجريدة النهار، إلى أن “مخاطر عودة اندلاع التوترات الجيوسياسية والعسكرية في الشرق الأوسط تبقى قائمة، خصوصا بين إيران وإسرائيل”، بعد جولة المواجهات المباشرة (حرب الـ12 يومًا)، مشيرة إلى أن ذلك “قد يعود بأسعار النفط إلى قفزات جديدة في سعر البرميل”، وهو سيناريو يبقى “وارد الحدوث” وضِمن “خانة الممكنات”، وفق قولها.

ولأن المغرب اقتصاد قائم على استيراد أكثر من 90 بالمائة من الطاقة التي يحتاجها من الخارج، تتفق أستاذة الاقتصاد الدولي مع طرح استفادة المغرب من “انعكاس أي انخفاض في السعر العالمي للنفط على انخفاض قيمة الواردات النفطية”.

وتابعت قائلة إن “ميزان الأداءات كلما ارتفع يمنح اقتصاد المغرب احتياطيا مريحًا من التعامل مع الواردات من الخارج وتدبير الفواتير الطاقية بما يسير في اتجاه تقليصها وخفضها للاستفادة من الظروف الدولية حين تكون مواتية”، مبرزة أن ذلك ينعكس اقتصاديا على الحياة اليومية للمواطنين والمستهلكين بـ”تقوية القدرة الشرائية ودعم الاستهلاك المحلي”.

وأوصت صدقي بـ”تسريع الاشتغال الجدّي الجاري من أجل تحقيق الانتقال على مستوى الطاقات البديلة (الطاقة الخضراء) بمختلف مواردها”، بما يمكن المملكة من تحقيق “المزيج الطاقي المنشود بحلول 2030”.

وختمت قائلة: “هناك فعلًا جدّية ملموسة في ورش الانتقال الطاقي، غير أنه ما زال يلزَمنا تسريع الخطوات أكثر لضمان استقلالية طاقية سيادية بعيدا عن تقلبات الظرفية الجيوسياسية المتوترة دوليًا من حين لآخر.. وهو ما تبيّنت راهنيتُه واستعجاليته في السنوات الماضية بعد حرب أوكرانيا”.

Exit mobile version