دراسة مغربية تعدد صعوبات تنفيذ الأحكام القضائية في التعرضات العقارية

أكدت دراسة حديثة أن المحافظ العقاري بالمغرب يواجه في كثير من الأحيان “صعوبات مادية وقانونية” في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في إطار مسطرة التحفيظ، أساسا الصادرة في التعرضات العقارية، “خاصة عندما يرى أن تنفيذها قد يترتب عليه مسؤوليته القانونية أو المهنية”، مشيرة إلى “عدم تحديد وعاء التعرض بالدقة”، و”مخالفة قوانين التعمير”، فضلا عن “عدم قابلية بعض الأموال للتصرف”.

ووضحّت الدراسة الصادرة بالعدد الجديد من مجلة “قراءات علمية في الأبحاث والدراسات”، تحت عنوان “تنفيذ الأحكام القضائية في التعرضات العقارية.. التحديات القانونية والإكراهات العملية”، أن الصعوبات المادية تعد “من بين أهم العراقيل الواقعية التي تواجه المحافظ العقاري أثناء تنفيذ الأحكام الصادرة بشأن التعرضات، وترتبط غالبا بطبيعة الحكم ذاته أو بحدود العقار المتعرض عليه”.

إعلان دراسة مغربية تعدد صعوبات تنفيذ الأحكام القضائية في التعرضات العقارية

وضمن “أبرز هذه “الصعوبات”، وفق معد الدراسة محمد العزاوي، الباحث بسلك الدكتوراة بكلية الشريعة بجامعة ابن زهر بأكادير، “عدم إمكانية تحديد وعاء التعرض بدقة خلال المرحلة الإدارية، مما يستدعي إحالة الملف إلى المحكمة لإجراء التحديد، استنادا للفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري”، و”صعوبة تنفيذ الأحكام الخاصة بالتعرضات الجزئية عند تغيير وعاء العقار المتعرض عليه وعدم إمكانية إجراء تحديد تكميلي بعد الحكم”.

ولفت المصدر نفسه إلى “استحقاق المتعرض لحقوق مشاعة دون تحديد نسبتها، مما يمنع المحافظ من إعداد الخلاصة الإصلاحية لعدم اتفاق الأطراف على التوزيع، وقد يضطرون للجوء مجددًا إلى القضاء”، مضيفا أن “عدم الحسم في النزاع بين مُتعرِّضين على العقار نفسه كما في حالات التعرضات المتبادلة (…) يُعيق المحافظ عن تحديد الجهة التي يجب تسجيل الحق العقاري باسمها”.

أما بخصوص “الصعوبات القانونية” التي تواجه تنفيذ أحكام التعرض على طلب التحفيظ العقاري، فإنها تتمثل، وفق الدراسة، “في تعارض الأحكام القضائية مع نصوص قانونية خاصة”.

وتشمل هذه الصعوبات، “مخالفة قوانين التعمير، كإصدار أحكام بقسمة عقارات بناءً على نصوص عامة دون مراعاة قوانين خاصة كقانون التجزئات (90.25) أو الملكية المشتركة (18.00)”، إلى جانب “عدم قابلية بعض الأموال للتصرف مثل الأملاك العامة، أراضي الجموع، والأحباس التي يمنع القانون تفويتها أو قسمتها”.

وأشار المصدر نفسه، في هذا السياق، إلى “القيود المفروضة على تجزئة الأراضي الفلاحية، خصوصا في ظل ظهير 1995 الذي يمنع القسمة إلى قطع تقل عن 5 هكتارات”، إضافة إلى “منع الأجانب من تملك العقار الفلاحي خارج الدوائر الحضرية بموجب ظهير 1975″، وكذلك “توقف التنفيذ عند صدور قرار نزع الملكية، حيث يُستبدل التنفيذ بالتعويض”.

وشدّد المصدر عينه على أن “بعض الأحكام العقارية المتعلقة بقسمة أو تملك الأراضي الفلاحية تواجه عقبات قانونية صريحة، تجعل تنفيذها متعذرا رغم اكتسابها لقوة الشيء المقضي به”.

ومن أبرز هذه الصعوبات، وفق الدراسة، “تقييد قسمة الأراضي الفلاحية بموجب ظهير 11 غشت 1995، الذي يمنع تجزئة العقارات الواقعة داخل دوائر الري أو الاستثمار إلى قطع تقل مساحتها عن خمسة هكتارات”. وبناء عليه، “فإن الحكم بقسمة عينية تخالف هذا الحد، يعد غير قابل للتنفيذ قانونيا”.

ولفت الباحث كذلك إلى “منع الأجانب من تملك العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة خارج الدوائر الحضرية، بموجب ظهير 23 أبريل 1975، مما يجعل أي حكم قضائي مخالف لذلك عرضة للطعن أو الإيقاف”.

و”لمعالجة الإشكالات القانونية والعملية التي تعرقل السير الفعال للمسطرة (التحفيظ العقاري) وتثقل كاهل المتقاضين”، أوصت الدراسة بـ”تدخل تشريعي عاجل يشمل: جعل المطلب التأكيدي مجانا دعما للمالكين المعسرين”، و”تمديد أجل التعرض مع إمكانية قبول التعرض الاستثنائي، وكذا النص صراحة على اختصاص القضاء بالبت في النزاعات بين المتعرضين تفاديا لإطالة أمد المسطرة وضمانا لأمن قانوني وعقاري أكبر”.

زر الذهاب إلى الأعلى