مراكش : خبراء يسلطون الضوء على التزامات مهنة المحاسبة في مجال محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

مراكش : خبراء يسلطون الضوء على التزامات مهنة المحاسبة في مجال محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
حجم الخط:

أكد المشاركون، أمس الأربعاء بمراكش، خلال ندوة حول موضوع “مكافحة تبييض الاموال وتمويل الإرهاب: التزامات مهنة الأرقام وإكراهات التنفيذ”، أن ظاهرة غسل الأموال أضحت اليوم تشكل عائقا حقيقيا أمام تحقيق الأمن الاقتصادي للدول، مشيرين إلى أن القانون رقم 43.05 الصادر سنة 2007 كان قد سد الفراغ التشريعي في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال بالمغرب.

وأوضح المشاركون خلال هذه الندوة التي نظمتها دائرة الجبائيين بالمغرب، أنه كان من الضروري تكييف القانون السالف ذكره مع خصوصيات النسيج الاقتصادي المغربي،  وتعديله بالشكل الذي يتوافق مع الدينامية الجديدة التي تعرفها القوانين والتشريعات الدولية، وأيضا تطور جرائم الأموال وظهور أنماط جديدة من غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأجمعت مداخلات المشاركين أن النصوص التشريعية لوحدها غير كافية للحد من جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب مما يحتم تعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين في هذا المجال لابتكار حلول ناجعة ومقترحات ملموسة للحد من تنامي هذا النوع من الجرائم، مبرزين أن المغرب يعمل حاليا على تحيين الترسانة القانونية الوطنية للحد من المخاطر، وهي خطوة ستساهم في الرفع من فعالية المنظومة الوطنية في هذا المجال.

وأكدت عبلة زعكون خبيرة حيسوبية ومدققة حسابات محلفة لدى المحاكم، أن المغرب انخرط منذ سنة 2021 في عملية تحسين فعالية آلياته لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث تبنى في هذا الصدد خطة عمل (فبراير 2021 – شتنبر 2022) ، التي تمخضت عنها سلسلة من النصوص التشريعية والتنظيمية ، أهمها القانون 18-12 الذي يعدل القانون 05-43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى  قانون العقوبات.

وأوضحت زعكون، في هذا السياق، أن القانون 18-12 جعل الخبراء  الحيسوبييين والمحاسبين المعتمدين كأشخاص معنيين بالتزامات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتفويض وزارة الاقتصاد والمالية (سلطة الإشراف والرقابة على المهن المحاسبية) تحديد طرق تطبيق المواد من 3 إلى 8 من القانون 03-45 المتعلق بواجب اليقظة، بالاضافة الى الدورية الصادرة عن وزيرة الاقتصاد والمالية المتعلقة بالمتطلبات المطبقة على الخبراء في مجال المحاسبة والمحاسبين المعتمدين وكذلك الدليل الذي نشرته وزارة الاقتصاد والمالية في ماي 2022 ليكمل المساطير القانونية.

وتوقفت الخبيرة في المحاسبة عند التزامات مهنة المحاسبة والمتمثلة أساسا في واجب الالتزام والرقابة الداخلية من خلال وضع سياسة رقابة داخلية فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإلزام كل مهني بتحديد إجراءات الكشف وتقييم مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتحديد التدابير التي من شأنها التخفيف من المخاطر الكبرى، وأجرأة خطة لتكوين المتعاونين وتعيين مسؤول في مجال المطابقة، والالتزام بإرسال معلومات مفيدة وفي الوقت المناسب إلى الهيئة الوطنية للمعلومات المالية ANRF أو إلى الوزارة بشكل تلقائي أو بناء على طلب، والالتزام بالتوثيق المتمثل في الاحتفاظ بالوثائق المتعلقة بتحديد هوية المتعامل في مدة يحددها القانون.

وتطرقت مدققة الحسابات المحلفة لدى المحاكم إلى التزام اليقظة التي تمارس قبل قبول المهمة أو على الأقل قبل بدء العمل والتي تستمر طوال مدة المهمة والى نهاية عقد العمل،  وتتمثل في تحديد الزبناء وبشكل أدق المستفيد الفعلي (الفكرة الأساسية في عملية مكافحة غسل الأموال) ، وفهم وتبرير عملياتها الاقتصادية والمالية والقانونية، من خلال تحديد العملاء وبشكل أدق المالك المستفيد (الفكرة الأساسية في عملية مكافحة غسل الأموال)، في فهم وتبرير عملياتها الاقتصادية والمالية والقانونية.

ومن ضمن التزامات مهنة المحاسبة في هذا المجال، استحضرت عبلة زعكون الالتزام بتقديم تصريح حول الشبهة عندما يكون الإطار المحاسب اطلع على مبالغ أو معاملات أو محاولات يشتبه في ارتباطها بجرائم لغسل الأموال وتمويل الإرهاب أو أي معاملة يكون المستفيد الفعلي أو الموكل تحوم حولهما الشبهة.

وأكدت أن المقتضيات الجديدة التي جاء بها القانون رقم 12.18، المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من شأنها أن تساهم بشكل فعال في تحقيق الردع والحد من تفشي الجريمتين، مشيرة الى إن هذه المقتضيات، لاسيما ما يتعلق بالرفع من الحد الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها على الأشخاص في جريمة غسل الأموال بالإضافة إلى مصادرة جميع العائدات المتحصلة من ذلك سيحول دون انتفاع الجناة من عائدات الجريمة.

وبخصوص المخاطر المتعلقة بتطبيق مساطر مكافحة غسل رؤوس الأموال وتمويل الإرهاب بالنسبة للخبراء المحاسبين والمحاسبين المعتمدين، أوضحت عبلة زعكون أن نظام مكافحة غسل رؤوس الأموال وتمويل الإرهاب متكامل ويتوافق مع توصيات مجموعة العمل المالي الدولية والمتطلبات الدولية في هذا المجال، لكن تطبيقه الفوري من شأنه أن يشكل عرقلة لنجاحه.

وأكدت زعكون في هدا الصدد، أن ذلك يتطلب بعض الالتزامات، لا سيما تنفيذ سياسة للرقابة الداخلية، موارد مهمة ستجد الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم صعوبة في تحملها، مشيرة الى أنه من شأن الاعتماد التدريجي، على أساس أجندة زمنية محددة سلفا، أن يساهم في نجاح هذه الآلية.

وخلصت الى أن نجاح هذه الآلية يبقى مشروطا بتكوين ليس فقط الخبراء المحاسبين والمحاسبين المعتمدين ولكن أيضا المتعاونين معهم، فضلا عن وضع خطة للتكوين على مستوى الهيئات ليتم تطبيقها بعد ذلك على مستوى كل مكتب.

يشار إلى أن مهنة الأرقام مؤطرة من طرف هيئتان في إطار القانون ويتعلق الأمر بهيئة الخبراء المحاسبين بالمغرب OEC والمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين بالمغربOPCA وتشرف على التكوين المستمر وتحديد آليات تطبيق القانون الداخلي ومدونة الواجبات المهنية الملزمة لأعضاء الهيئتان.

وتعد دائرة الجبائيين المغاربة، المحدثة سنة 2014، مركز تفكير يضم مهنيين من آفاق متعددة (مهنيون في المحاسبة، موثقون، محامون وجامعيون …) مهتمين بالشأن الجبائي.

ويطمح هذا النادي إلى أن يشكل فضاء للدراسات والتفكير وقوة اقتراحية من أجل نشر أفكار وقناعات خدمة لمصلحة التجمع.

وتصدر الدائرة بشكل منتظم مقترحات وآراء متشاور بشأنها من أجل تحسين  الترسانة التشريعية والتنظيمية في المجال الجبائي، كما تهدف الى إرساء نظام جبائي عادل ومنصف ومدعم لتنافسية الاقتصاد الوطني.