عودة المغرب إلى التوقيت العالمي الموحد تسائل مكاسب “الساعة الإضافية”

قرر المغرب، منذ سنوات، العمل بالساعة الإضافية (غرينيتش+1) على مدار السنة كاملة، عوضا عن الاقتصار على الفترة ما بين شهري أبريل وأكتوبر من كل سنة، وباستثناء شهر رمضان؛ الأمر الذي كان في وقت سابق مثار جدل كبير سرعان ما تراجعت حدته خلال السنوات الماضية.

وطالبت فعاليات حقوقية ومجتمعية بـ”الإسراع في إجراء دراسة شاملة حول هذا الموضوع بغرض الوقوف بدقة على كل الإشكاليات الناجمة عن التشبث الرسمي بإضافة ساعة كاملة إلى التوقيت المغربي على مدار السنة”، مؤكدة “أولوية احترام خصوصيات كل فصل على حدة ورفع الضرر عن المواطنين”.

إعلان عودة المغرب إلى التوقيت العالمي الموحد تسائل مكاسب "الساعة الإضافية"

ومن المرتقب أن تتم العودة إلى التوقيت القانوني للمملكة بحلول الساعة الثالثة صباحا من يوم الأحد 23 فبراير الجاري، مع العودة إلى توقيت غرينيتش+1 بتاريخ 6 أبريل المقبل، أي بعد نهاية شهر رمضان مباشرة، وفقا لما أعلنته وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة.

وسبق أن تمسكت الحكومة الحالية بضرورة الاستمرار في العمل بهذا التوقيت، معللة ذلك بـ”إيجابية” دراسة صادرة سنة 2018 قيمت خمس سنوات من استخدام “الساعة الإضافية”، وشملت مجالات الطاقة والصحة والأثر الاقتصادي، موازاة مع استمرار الرفض المجتمعي لهذا التوقيت، رغم تراجع حدة الاحتجاجات ضده.

تقييم المردودية

إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان وأحد المهتمين بالموضوع، قال إن “المغاربة وجدوا أنفسهم خلال السنوات الماضية أمام أمر واقع وسلطة تنفيذية لها كامل الصلاحيات لفرض العمل بالساعة الإضافية على مدار السنة؛ الأمر الذي لا يمكن التعامل معه كأمر سليم، ما دام أن هذا التوقيت يؤثر على حياة المواطنين المجتمعية والواقعية”.

واعتبر السدراوي، في تصريح لجريدة النهار، أن الاستمرار في اعتماد هذه الساعة الإضافية “يخدم فقط مصالح شركات عابرة للقارات تستثمر في المغرب”، مفيدا بأن “الطرح الذي يدعم الإبقاء عليها لهذا السبب، غير واقعي”، على اعتبار أن “اعتمادها في فصول معينة من السنة يعني دفع المواطن لمواجهة عدد من المشاكل، على رأسها السرقة وصعوبات التنقل”، حسب تعبيره.

وأضاف شارحا: “نستحضر في هذا الصدد معاناة التلاميذ واليد العاملة بالمناطق الصناعية والضيعات الفلاحية، إذ يجدون أنفسهم مطالبين باتباع نهج رسمي تم العمل به منذ سنوات بدون أي يكون محط قبول شعبي”، مشيرا إلى أن “التبريرات التي تؤكد مساهمته في تقليص استهلاك الطاقة ليست بالواقعية، إذ أصبحنا نرى العكس تماما”.

كما شدد على “أولوية معالجة هذا الموضوع لما له من ارتباطات مباشرة بصحة وأمن المواطن المغربي، مع ضرورة إجراء تقييم جديد لهذه الفترة الأخيرة التي عرفت اعتماد التوقيت الصيفي على مدار السنة، باستثناء رمضان”، موضحا أن “الأحزاب والنقابات لم تعد تثير هذا الموضوع الحساس؛ ما جعل المغاربة ينضبطون لقرار تم اتخاذه بشكل رسمي”.

توقيت يجر إكراهات

قال عبد الواحد الزيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، إن “الحكومتيْن الحالية والسابقة تتحملان مسؤولية تثبيت الساعة الإضافية على مدار السنة، وهو أمر غير سليم من الناحية الصحية ولم تعتمده بعض الدول، بينما يتضرر منه المغاربة الذين تختلف أنماط عيشهم”.

وأكد الزيات، في تصريح لجريدة النهار، أن “المغاربة لا يزالون ينتظرون قيام المؤسسة التنفيذية بإجراء دراسة حول الموضوع، كما سبق أن تم التأكيد عليه في عهد سعد الدين العثماني؛ فنحن متشبثون بهذا المطلب، ويمكن أن تتولى أمره مؤسسة مستقلة، مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”، موضحا أن “إنجاز دراسة من هذا النوع سيكون الفيصل في مدى شرعية الاستمرار في اعتماد الساعة الإضافية على مدار السنة من عدمه”.

وحسب المتحدث، فإن “إجراء دراسة في هذا الصدد كفيل بالكشف عن حجم الضرر النفسي والمجتمعي الذي تتسبب فيه هذه الساعة الإضافية لكثير من المغاربة؛ وهو ما يجب ألا يُعامل كأمر عاديّ”، مشيرا إلى أن “الأمهات والأبناء واليد العاملة يعانون كثيرا، خصوصا خلال فصلي الخريف والشتاء”.

وجوابا عن مدى واقعية التبريرات التي تقول إن هذا التوقيت “يخدم المجال الاقتصادي بالمغرب”، أوضح الزيات أن “المغرب لا يمتلك نفس إمكانيات أوروبا فيما يتعلق بوسائل النقل حتى يجعل التوقيت الرسمي في خدمة أنشطة اقتصادية معينة؛ فقد كان من الممكن على الأقل اتخاذ إجراءات تخفيفية بالنسبة للمناطق الجبلية ومناطق معينة أخرى، دون فرض هذه الساعة الإضافية على جميع الفئات المغربية”، مشددا في الأخير على أن “النقاش حول هذا الموضوع يجب أن يعود إلى الواجهة ويشتد مجددا”.

زر الذهاب إلى الأعلى