“دراسات على الرفوف”.. صفقات وهمية تبتلع مليارات من المال العام بالمغرب

فتحت عناصر المفتشية العامة للمالية عمليات تدقيق موسعة بشأن صفقات دراسات مشبوهة كلفت خزينة الدولة المليارات، أنجزتها مكاتب دراسات محلية ودولية لفائدة مؤسسات ومقاولات عمومية برسم الثلاث سنوات الماضية.

وقالت مصادر جيدة الاطلاع إن معلومات دقيقة واردة ضمن محاضر تأشير لآمرين بالصرف وتقارير افتحاص داخلية أشارت إلى اختلالات وخروقات في إرساء صفقات على مكاتب معينة، تبين فيما بعد ارتباط مسيري بعضها بعلاقات قرابة ومصالح متبادلة مع مسؤولين وموظفين عموميين كبار؛ ما سهل هيمنتهم على صفقات في قطاعات حيوية.

إعلان "دراسات على الرفوف".. صفقات وهمية تبتلع مليارات من المال العام بالمغرب

وأفادت المصادر ذاتها بأن مفتشي المالية دققوا في صفقات دراسات أنجزها مكتبان محليان وآخر دولي لفائدة مقاولتين عموميتين، حيث كلفت خزينة الدولة مبالغ مهمة.

وأوضحت مصادر جريدة النهار أن مهام الافتحاص شملت وثائق ومستندات صفقات أُنجزت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، دون أن يتم استغلال نتائجها؛ بل إن إدارات كلفت مكاتب بتنفيذ دراسات حول المواضيع ذاتها أكثر من مرة، فيما ظلت خلاصاتها مركونة على الرفوف؛ ما عزز الشكوك حول تلاعبات في صياغة طلبات عروض و”فبركة” طلبيات وهمية، وهدر المال العمومي في دراسات غير مستغلة.

وأكدت المصادر نفسها أن المفتشين ضمنوا تقاريرهم ملاحظات بخصوص تشكيل دراسات مشبوهة عبئا ماليا كبيرا على ميزانية الدولة لم يتم الكشف عن نتائج نسبة كبيرة منها، حيث ظلت حبيسة الرفوف؛ ما عزز الشبهات حول أسباب إنجازها وإطلاق صفقات خاصة بشأنها، دون الاستفادة من خلاصاتها فيما بعد.

وسجلت أن انطلاق عمليات التدقيق استند إلى تصاعد المخاوف من الكلفة المتزايدة لهذه الدراسات وغياب الجدوى منها، وسط شبهات حول علاقات مسؤولين وموظفين عموميين بمكاتب دراسات هيمنت على ميزانيات خصصتها إدارات، وشملت قطاعات حيوية، على غرار التعليم والصحة.

وكشفت مصادر الجريدة عن تمكن المفتشين من حصر لائحة أولية بصفقات دراسات منحت لها مؤسسات عمومية اعتمادات مالية؛ لكنها لم تستغل بالشكل المطلوب، حيث من المرتقب أن يشمل التدقيق مختلف الصفقات المثيرة للشبهات مع التحقق من جودة هذه الدراسات.

وأوضحت أن إخضاع عينات منها للفحص كشف عن عدم تقديمها أي قيمة علمية مضافة، خصوصا بعدما تبين أن بعضها مجرد استنساخ لأعمال وبحوث سابقة أنجزها أكاديميون مغاربة ظلت حبيسة رفوف الجامعات قبل أن تعيد مكاتب دراسات استخدامها دون إذن من أصحابها.

وشددت المصادر جيدة الاطلاع على إحالة مرتقبة لصفقات على رئيس الحكومة من أجل تفعيل المساءلة في حق المسؤولين المتورطين، مع تحويل الملفات ذات الطابع الجنائي على القضاء.

يشار إلى أن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، كان قد شدد، في منشور سابق له، موجه إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام والمندوب الوزاري، على ضرورة إخضاع طلبات العروض المتعلقة بالدراسات للترخيص المسبق، مع تعزيز إنجاز الدراسات من قبل الخبرات والأطر المتوفرة لدى الإدارات العمومية. كما دعا إلى ترشيد النفقات المرتبطة بمكاتب الخبرة، بعد تسجيل إطلاق عروض دراسات دون التقيد بالتوجيهات المتعلقة بالتدبير الأمثل لنفقات التسيير، خاصة تلك التي تهدف إلى ترشيد نفقات الدراسات من جهة واستثمار الخبرات والأطر المتاحة داخل الإدارات من جهة أخرى، مع تفادي إنجاز دراسات متشابهة دون مبرر واضح.

زر الذهاب إلى الأعلى