افتتحت، اليوم الأربعاء 14 دجنبر 2022 بمراكش، أشغال المؤتمر الدولي الحادي عشر ل”حوارات أطلسية”، بإطلاق الدورة السنوية التاسعة لتقرير “تيارات أطلسية حول الآفاق الأطلسية”، ساهم في إعداده خبراء أفارقة وأمريكيون وأوروبيون، والذي استعرض التساؤلات الهامة المطروحة حاليا في الجنوب العالمي.
ويتميز هذا المؤتمر، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مدى ثلاثة أيام بمبادرة من مركز التفكير المغربي “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” حول موضوع “التعاون الدولي في عالم متحور: الفرص المتاحة في المحيط الاطلسي الموسع”، بحضور أزيد من 350 مشاركا من المسؤولين السامين والوزراء السابقين والخبراء المرموقين يمثلون 60 دولة.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد محمد لوليشكي باحث بارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن الحوارات الأطلسية أصبحت إحدى الفضاءات الهامة حيث يلتقي الشمال بالجنوب.
وبعد أن أشاد بالمشاركة المكثفة لشخصيات من مختلف الجنسيات، أشار لوليشكي إلى أن هذا المؤتمر نجح في احداث مجتمع أطلسي موسع وحقيقي.
من جانبها، أكدت فاطمة الزهراء منغوب باحثة في الاقتصاد بمركز السياسات من أجل الجنوب، أن موضوع الأمن المائي يكتسي أهمية قصوى، حيث عرفت السياسة المائية بالمغرب تطورات إيجابية مهمة منذ تبني المغرب سياسية إنشاء السدود من طرف الملك الحسن الثاني ،طيب الله ثراه، بهدف تحقيق التنمية والعيش الكريم لكافة المغاربة، وتحقيق النمو الاقتصادي والارتقاء الاجتماعي.
وأشادت الباحثة في الاقتصاد بسياسة التقييم والتقويم التي تم اعتمادها لمواكبة التغيرات المناخية والتي استدعت تحسين السياسة المائية حسب كل مرحلة، مما جعل المغرب في منأى عن معضلة العطش والعجز الكبير في توفير المواد الغذائية الأساسية، وذلك بفضل المخططات الاستراتيجية المعتمدة خلال الفترات السابقة.
وأبرز باقي المتدخلون في الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة الرفيعة المستوى، أن الأمن الغذائي، باعتباره عاملا للتنمية وضمانة للسلام والاستقرار، أصبح قضية مستعجلة تتطلب حلولا مبتكرة، وفق منهجية منسقة ومندمجة ومتعددة الأبعاد على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية.
وتوقفوا عند الرهانات الجيو سياسية والاقتصادية الكبرى بمنطقة جنوب المحيط الأطلسي، مع بلورة مجموعة من الخلاصات تهم التحديات التي تواجه بلدان حوض الأطلسي والتغيرات التي يعيشها العالم.
وتقتضي هذه التحديات، وفق المشاركين تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب وبلورة شراكات مربحة لجميع الأطراف.
وتمحورت النقاشات على كيفية تحويل المعوقات التي تمنع اندماج منطقة حوض المتوسط إلى عوامل دفع من أجل إعادة هيكلة الحوار شمال جنوب والحوار بين الدول الأطلسي بشكل متوازن وإيجابي.
وجاء اختيار موضوع هذه الدورة، حسب المنظمين، لما تمليه الأزمات المتعددة التي يواجهها العالم من قبيل جائحة كوفيد 19، والحرب في أوكرانيا، وتغير المناخ وغيرها من الصدمات العديدة التي تكشف حدود الليبرالية الجديدة وتعددية الأطراف،وتقدم في الوقت نفسه فرصًا للتعاون في عالم أصبح مترابطا.
ويشكل هذا المؤتمر فرصة للباحثين والشخصيات السياسية والموظفين السامين وأصحاب القرار السياسي، لتبادل الافكار والرؤى على قدم المساواة من أجل إرساء حوار متوازن بين الشمال والجنوب، ومناسبة لمناقشة مختلف الموضوعات الدولية، المرتبطة بشكل وثيق بالأحداث الدولية، من قبيل قضية التنمية المعقدة وتداعيات جائحة كوفيد 19 والحرب الروسية الاوكرانية والتغيرات المناخية والأمن الغذائي ونماذج التعاون الملائمة.
كما سيتدارس المشاركون في هذه التظاهرة الرفيعة المستوى، مسألة الاستراتيجيات المشتركة الممكنة عبر مناقشة مواضيع تبحر من دبلوماسية المناخ إلى ثورة الطاقة، مرورا بالابتكارات في مجال الزراعة والبنية التحتية والحكامة.
ويتضمن برنامج منتدى “حوارات أطلسية”، جلسات عامة تتناول مجموعة من المواضيع البالغة الأهمية تهم على الخصوص “الأزمات المركبة:تقييم المحيط الأطلسي الأوسع”، “التعددية ذات السرعتين في المحيط الأطلسي الواسع”، “عواقب التضخم في المحيط الأطلسي الواسع”، “قوة التسارع وقوة الارادة والديمقراطية”، ” حلف شمال الأطلسي وجنوب المحيط الأطلسي والتوازن الاستراتيجي العالمي”، “آفاق التعاون في مجال التغير المناخي”، “العلاقة بين الأمن والتنمية في منطقة الساحل : تحدي التنفيذ”، “مواجهة تحدي الامن الغذائي في المحيط الأطلسي وآفاق الوحدة”، ” مكافحة عدم المساواة : دور الدولة الاجتماعية في المحيط الأطلسي الأوسع”.
وتماشيا مع التقاليد التي دأب عليها منذ إطلاقه، يواصل مؤتمر”حوارات أطلسية” منح الشباب مكانة بارزة حيث يشارك فيه 30 من الرواد الشباب، تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، تم انتقاؤهم من بين 1600 مرشح طبقا لمعايير ارتكزت على روح المبادرة، قدرات قيادية، الرؤية المتبصرة، والطموح لتعزيز العلاقات عبر الأطلسي.
وسيشاركون هؤلاء الشباب الذين يمثلون 22 دولة، في دورات تدريبية على القيادة تحت اشراف خبراء رفيعي المستوى في الفترة الممتدة مابين 11 و13 دجنبر الجاري، قبل أن يلتحقوا بالحوارات الأطلسية، التي صممت لتكون جزءا من تجربتهم، من أجل التشاور وتبادل الخبرات والتجارب لصياغة الأجندة الإقليمية والعالمية في مجالات السياسة والتمويل والأعمال والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام.
ويعتبر “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، الذي كان اسمه مركز الدراسات والأبحاث، مركزا مغربيا للتفكير تم إطلاقه في 2014 بالرباط، بمساهمة 39 باحثا منتسبا لدول الجنوب والشمال. ويهدف، من خلال رؤية جنوبية لقضايا البلدان النامية، إلى تسهيل اتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة بأربعة برامج رئيسية هي الفلاحة والبيئة والأمن الغذائي، والاقتصاد والتنمية الاجتماعية، والمواد الأولية والقضايا المالية، والجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية.
وسعى المؤتمر الدولي للحوارات الأطلسية، منذ انطلاقه سنة 2012، إلى إخراج منطقة جنوب المحيط الأطلسي من عزلتها في النقاش الجيوسياسي العالمي، بغية تسليط الضوء على إمكاناتها، ويروم تعزيز النقاش بين الشمال والجنوب من أجل الشروع في تطوير حلول مبتكرة.
